قائمة الموقع

هل أصبح رأس ابو مازن مطلوبًا ..؟

2020-01-30T19:27:00+02:00
د. هاني العقاد

بقلم/ د. هاني العقاد

لم يكن يتصور ترامب انه سيجد رجلا صلبا قاسيا عنيدا شامخا لا يأبه التهديد والوعيد ولا يكترث لتصريحات مجنونه متطرفة , لا يخشي قطع الراس او القصف بالطائرات , لا يخاف الحصار والقتل البطيء , لا يستجيب للوساطات المنحازة ولا يستمع لكلام العرابين ووكلاء الامريكان سواء كانوا من الاصدقاء او غير الاصدقاء , لم يكن ترمب يتصور ان يقف الرئيس ابو مازن في وجهه بهذه الحدة والشجاعة التي باتت حديث كل الاحرار والثوار بالعالم وجعلت من ترامب صعلوكا سياسيا احمق , لم يكن ترامب يتصور ان يقف هذا الرجل في وجه صفقته ويتحداه في اكبر مواجهة سياسية علي مستوي العصر الحديث حساباتها حساسة ومعقده . مازال يعتقد ترمب ان بإمكانه التاثير على ابومازن وارغامه على الموافقة على الصفقة والتعاطي معه والقبول بالجلوس على طاولة المفاوضات امام اسرائيل على اساسها، ومازال يعتقد ان صفقته سوف تنجح حتى ولو بعد حين. رهان ترامب الاول علي ان يغير الرئيس ابو مازن رأيه بعد سيل التهديدات التي وصلت الرئيس ابو مازن منذ ان رفض الرد علي مكالمته او حتي تسلم رسالته واغلب هذه التهديدات لومه بحدة علي معاداة هذا المأفون ترمب والتي غالبا ما كان محتواها ان ابو مازن سيدفع ثمنا غاليا لموقفه هذا وخاصة علي اهانته لترمب الذي يعتبر نفسه ملك الملوك ,امبراطور الدنيا كلها , بإشارة منه تتغير خرائط بلدان بأكملها تسقط حكومات وتاتي حكومات , تدب الفوضي في عواصم , تسقط عواصم وتتقسم بلدان ويقتتل الجيران وتعم الفوضى اكثر المدن رخاءاً وثراءاً وامناً .

برغم إدراك ترامب صعوبة تحقيق صفقته واستحالة قبولها فلسطينيا الا انه خرج هو ونتنياهو "صبيه الصغير" في مؤتمر صحفي أقرب الي مهرجان انتخابي وليس مؤتمر لإطلاق خطة سلام تنهي صراع استمر لأكثر من ثمانية عقود حتى الان، ولا يمكن باي شكل من الاشكال ان يقتنع أحد من دعاة السلام بالعالم انه مؤتمر لصناعة السلام بل لصناعة مجد ترمب من جديد ودعم نتنياهو في الانتخابات القادمة وخاصة ان الاثنين نجاتهم تتوقف على الفوز بالانتخابات كل منهم ينتظر لوائح اتهام بالفساد واستغلال السلطة. بالرغم من ذلك أعلن ترمب في هذا المؤتمر عن صفقته المشؤمة التي يعتقد انها سوف تنهي الصراع وتعيد الامن والاستقرار للمنطقة بمجملها دون ان يدرك انه اوجد في المشهد أكثر عوامل التوتر جنونا ليتعقد الصراع ويصعب تحقيق الامن بالمنطقة ما قد يربك كافة الجبهات بالعالم العربي، ترمب ضرب عرض الحائط بكل توجهات الرفض الفلسطينية وبعض الدول الاوربية والعربية التي اكدت علي رفضها المطلق اي خطط تقفز عن حل الدولتين ونفذ ما في راسه.

منح ترمب نتنياهو وبيني غانتس ستة اسابيع لبدأوا في تطبيق الصفقة وكأن الصفقة لم يشرع هو في تطبيقها عندما اعلن القدس عاصمة للكيان واعترافه بالسيادة الاسرائيلية علي الجولان علي اعتقاد ان شيئاً جديداً سوف يستطع اي منهم فعله غير البرنامج الذي يتحدث فيه منذ فترة وهو اعلان ضم الكتل الاستيطانية الكبرى للسيادة الاسرائيلية واولها كبري مستوطنات القدس خاصة معاليه ادوميم بهدف حسم موضوع القدس الشرقية وفصلها تماما عن اي ارتباط بالضفة الغربية وقد اعطي الفلسطينيين مهلة اربع سنوات لتجهيز انفسهم لقبول الصفقة والتعاطي معها ملمح الي ان الادارة الامريكية تتطلع لمرحلة ما بعد الرئيس ابو مازن الرجل العنيد والحجر الصلب في وجه تطبيق الصفقة , نعم قد يلجأ الإسرائيليين لتنفيذ بعض بنودها من طرف واحد لكن دون ان يتاح لهم كامل الحرية في الحركة باتجاه تثبيت هذا الامر لان الامور ليست بالسهلة امامهم فلن يصمت الفلسطينيين ولن يكونوا مكتوفي الايدي وهم يشاهدوا قضيتهم تصفي امام اعينهم وثوابتهم تهشم علي قارعة الصمت .

كل الاوساط السياسية بواشنطن ودولة الاحتلال والدول العربية والاقليم تتطلع للحالة الفلسطينية وكل الانظار تتجه للقيادة الفلسطينية التي وقفت في وجه ترمب وبات هناك في عقول العديد من المراقبين والقادة والسياسيين سؤال كبير، هل بات راس الرئيس ابو مازن مطلوباً ..؟ وبات الكل يوجه نظره لطبيعة رد ادارة البيت الابيض على اهانة ابو مازن لترمب التي لم يهان بمثلها اي من الرؤساء الأمريكيين من قبل، وباتت كثير من مراكز البحوث والدراسات الاستراتيجية منشغلة في دراسة طبيعة رد ادارة ترامب علي ابو مازن واعتقد ان الامر أصبح تحد شخصي بين الرجلين فأما ان يقبل ابو مازن الصفقة دون نقاش او ان رأسه يكون المقابل. لا يستبعد ان تكون واشنطن قد اعطت اسرائيل الضوء الاخضر لإزاحة من ابو مازن باعتباره المسؤول الاكبر عن افشال هذه الصفقة وباعتباره السد المنيع امام قيام دولة اليهود الكبرى، وهنا لا اعتقد ان رأس ابو مازن قد تم تكليف أحد بالمجيء به غير اسرائيل التي اعتبرت ان ترمب من أكثر الاصدقاء وفاءاً لإسرائيل في تاريخ العلاقة بين البلدين. الي حين ذلك اعتقد ان اسرائيل ستعمد الي سياسة العزل اي انها ستحاول عزل ابو مازن عن المحيط الدولي بطرق هي تعرفها جيدا في اشارة تحضيرية لإزاحة هذا الرجل عن المشهد السياسي تماما ً لتاتي بشكل طبيعي وشرعي بمن هو على قدرة بقبول صفقة ترامب بل وتنفيذ ما تبقي منها لم ينفذ.

 

 

اخبار ذات صلة