بقلم/ د. هاني العقاد
الموقف الفلسطيني من صفقة ترامب موحد وصلب ويصعب اختراقه محمي بالثوابت والعزة والكرامة والانتماء لفلسطين انه موقف الرفض القاطع وعدم القبول ولاحتي مجرد التفكير في ان تكون هذه الصفقة يوما من الايام لصالح ابناء الشعب الفلسطيني مهمي بلغت الاغراءات والتهديدات مجتمعة امامهم فلا خلاف بين كافة الاطر والفصائل والاحزاب والشعب من ورائهم علي موضوع الصفقة وخطورتها علي القضية الفلسطينية ومستقبل الاجيال الفلسطينية الحاضرة والقادمة ,الموقف الفلسطيني تحدد منذ ان اعلن ترامب القدس عاصمة للكيان ديسمبر 2017 وليس جديد والقرار اليوم المواجهة واسقاط الصفقة بكل ما يمتلك الفلسطينيين من مقومات وعلاقات وقوة علي الصعيدين الداخلي والخارجي . اليوم ذهب الرئيس ابو مازن لبيت العرب، جامعة الدول العربية كأول محطة من محطات العمل السياسي والدبلوماسي لحشد اجماع عربي اولاً لرفض الصفقة ومقاومتها وبالتالي اسقاطها وطلب بشكل عاجل واستثناء اجتماع لمجلس الجامعة على مستوي وزراء الخارجية العرب، ولعل اول لقاء مهم جاء مع الامين العام للجامعة السيد احمد ابو الغيط ليقول الرئيس ابو مازن كلمة مهمة للإعلام " لا سلام ولا خطة ولا تفاهم ولا تفاوض دون القدس".
جامعة الدول العربية من صفقة القرن موقف مهم ومطلوب فلسطينيا بقوة قبل اي موقف يبنى على الرفض وعدم القبول ولعل التسلح بالموقف العربي بالمجمل مهم قبل اي تحرك ولو ان بعض الدول الاعضاء بجامعة الدول العربية لهم مختلف عن الموقف الذي خرجت به جامعة الدول العربية لكنه غير مؤثر ولا يعني شيئا في ظل الرفض العربي الكبير للصفقة. البيان الختامي لمجلس جامعة الدول العربية أكد على رفض الصفقة بالكامل وحذر اسرائيل من مغبة الاقدام على تطبيق بنودها وهذا موقف يريده الفلسطينيين على الاقل في الوقت الحاضر كمدخل لحشد مواقف اخري مماثلة على صعيد منظمة المؤتمر الاسلامي ودول الاتحاد الافريقي ومجموعة دول عدم الانحياز، كل هذا سيؤدي بالفلسطينيين الي النجاح في الحصول على اجماع دولي برفض الصفقة وهذا هو المتوقع. هذا الرفض ومجموعة الدول التي سترفض الصفقة مهم امام مجلس الامن المتوقع ان يعقد جلسة خاصة بطلب الدول العربية لرفض دولي جامع للصفقة مع اننا نتوقع ان تسقط الولايات المتحدة المشروع مستخدمة الفيتو الامريكي لحماية صفقة ترمب من التلاشي، وهنا سيحول الفلسطينيين المشروع الي الامم المتحدة لرفضه الصفقة بالإجماع الدولي.
القيادة الفلسطينية تعمل ليل نهار لحشد اجماع دولي رافض للصفقة التي ستحول حياة الفلسطينيين الي جحيم ان طبقت عبر مصادرة حقهم في تقرير المصير وفي دولة مستقلة قابلة للحياة ولعل الكثيرين يقولوا ما فائدة هذا الرفض لموقف شفهي علي ورق ..؟ هذا التساؤل مقبول في حالتنا اليوم وخاصة ان إسرائيل لم تعد تكترث بمواقف شفهية علي ورق وتهديدات من داخل اسوار الجامعة لا ترتقي للفعل الضار والمؤذي لإسرائيل التي تتطلع اليوم لان تقفز عن كل المرجعات واهمها مبادرة السلام العربية 2002 التي تحرم اي تطبيع مع اسرائيل قبل ان تقدم اسرائيل على انهاء الاحتلال الاسرائيلي والاعتراف بحق تقرير الفلسطينيين في دولة مستقلة كاملة السيادة على حدود العام 1967. مهم جداً اليوم حماية الموقف العربي في وجه الاستخفاف الاسرائيلي بوقف جدي لأي علاقة تطبيعية مع إسرائيل لإيزائها وعزلها عن المحيط العربي، كان مهماً لو ان بيان مجلس الجامعة العربية نوه الي قيام الجامعة العربية بقطع العلاقات مع اي دولة عربية تطبع مع اسرائيل من الان فصاعدا تنفيذا لقرارات القمم العربية السابقة وخاصة ان اسرائيل تبجح بين الفينة والأخرى بمشاركة وفود منها في مؤتمرات وورشات ومنتديات بدول الخليج العربي.
لتوفير الحماية لموقف جامعة الدول العربية الرافض للصفقة والذي يهدد الهيبة لقراراتها ويردع كل من يحاول القفز عن ثوابت الامة العربية في تبني حلول عادلة ومقبولة ومنطقية للصراعات المختلفة بالعالم العربي واولها الصراع مع اسرائيل الكيان الذي يريد من العالم العربي ان يقبل احتلاله لفلسطين وتقسيمة للمسجد الأقصى وتهويدة لعاصمة الشرف العربي" القدس" , لعله بات مهما ان تتسلح جامعة الدول العربية بموقف كل من مصر والاردن القوي اذا كانتا علي استعداد لوضع اتفاقيتي كامب ديفيد و وادي عربة علي الطاولة تهيئة لتمزيقهم اذا ما لجأت اسرائيل علي ضم اي جزء من اراض الضفة الغربية او غور الاردن او البحر الميت واذا ما لجئت اسرائيل الي تغير الوضع القانوني للمسجد الأقصى وسارعت في تقسيمه زمانيا ومكانيا , اي بمعني ان تطبيق لاي بند من بنود الصفقة علي الارض يتوجب الرد عليه عربيا بتمزيق الاتفاقيات والاعلان تماما ان كل من مصر والاردن في حل من هذه الاتفاقيات علي غرار ما قام به الرئيس ابو مازن بالتحلل من اتفاقيات اوسلوا وابلغ كل من اسرائيل وامريكا بذلك برسائل متطابقة كما وابلغ العرب بوضح خلال اجتماع المجلس بذلك ,ليس هذا فقط وانما تنفيذ خطة لطرد سفراء اسرائيل من مصر والاردن واعادتهم الي بلادهم حتي تتراجع اسرائيل . ليس علينا ن ننتظر حماية دولية للقرار العربي او الفلسطيني ولا نطلب من المجتمع الدولي والدول الصديقة ان تقطع اتصالاتها وعلاقاتها ومع اسرائيل مادامت بعض الدول العربية تسمح لوفود امنية واقتصادية وسياسية بالوصول الي اراضيها وتسير في خطوات تحتية وسفلية وفوقية للتطبيع دون شعور بالخزي والعار أو الاكتراث بما سيكتبه التاريخ في صفحاته.