بقلم / د . بسام سعيد
دأبت إسرائيل على ترديد شعار رافق العمليه السياسية منذ التوقيع على اتفاق اوسلو والقول : الفلسطينيون لم يفوتوا اى فرصة لتفويت الفرص ، وكذلك لم يطرح على الفلسطينيين فى يوم عرض افضل من هذا العرض ؛ حتى أصبحت هذه الشعارات نمطية غير صحيحة ويرددها للاسف بعض العرب ، فالفلسطينين وقعوا على اتفاق اوسلو واتفاق اوسلو ٢ واتفاق باريس رغم هزالته وهذا يدحض ادعاءاتهم بأن الفلسطينيين يرفضون الفرص والسلام رغم دفن إسرائيل لاتفاقات اوسلو إلى غير رجعه بممارساتها على الأرض!
وبالنظر إلى ما يسمى بخطة السلام أو صفقة القرن والتى عرضها الرئيس الأمريكى ترامب بغياب الشريك الفلسطينى والذى رفض الخطة جملة وتفصيلا لانها لاتلبى أدنى طموحه وتفرض الاستسلام عليه يمكن القول وبقراءة موضوعية ان هذه الخطة هى تجسيد لأحلام وأفكار بينيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية ، فنتنياهو طرح هذه المبادئ فى كتابه( مكان تحت الشمس ) والذى نشر قبل ٢٥ سنه كرد لليمين الإسرائيلى على اتفاقات اوسلو والتى اتهم فيها نتنياهو فى حينه الغرب بخيانة الصهيونية وعرض إسرائيل كدولة غازية ومحتله ، بدلا من كونها ضحية للعدوان الذى يحتاج إلى حائط واق فى جبال يهودا والسامرة وفى هضبة الجولان حسب زعم نتنياهو!
وعندما عاد إلى الحكم عام ٢٠٠٩ القى نتنياهو خطاب بار ايلان والذى وافق فيه للمرة الأولى على إقامة دوله فلسطينية منزوعة السلاح تعترف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي، والمعارضة المطلقة لإخلاء المستوطنات ومعارضة عودة اللاجئين إلى فلسطين التاريخية وغيرها من أفكار ظهرت فى خطة ترامب !
إذا صفقة القرن تترجم أفكار نتنياهو إلى وثيقة مفصلة جدا مع خارطة حدود للدولة الفلسطينية التى يرديدها نتنياهو وقائمة طويلة من الترتيبات الأمنية والاقتصادية تلبى الاحتياجات الأمنية لإسرائيل وللمستوطنين فى الضفة حيث حقق نتنياهو فى إقناع الامريكين بوجهة نظرة مالم يتمكن اسلافه من تحقيقة وهو : الاعتراف بسيادة إسرائيل فى شرق القدس وغربها مع السيطرة على البلدة القديمة مع عاصمة لفلسطين فى أحد الأحياء البعيدة وراء جدار الفصل مع السيطرة الأمنية على كل الضفة الغربية وضم غور الأردن والمستوطنات إلى السيادة الإسرائيلية، وإلغاء طلب الفلسطينين بعودة اللاجئين أو دفع تعويضات لهم !!
وتأسيسا لما سبق يمكن القول أن صفقة القرن التى وقع عليها ترامب فعليا فى مسعى منه لنيل رضى الافنغلسيين واليهود اليمينيين وخطب ودهم لإعادة انتخابة لولاية رئاسية ثانية فى نوفمبر القادم هى إرث نتنياهو الذى طبخها بكفاءة دبلوماسية ونفاق غير قليل لترامب والإدارة الأمريكية الحاليه .
و بات من الواضح أن الكيان الفلسطينى المقترح ليس له اى سيادة باستثناء درجة معينه من الإدارة الاجتماعية والاقتصادية على سكان هذه الجغرافيا المتناثرة والمقطعة الاوصال فى ضوء السيطرة الأمنية الإسرائيلية عليها وفى ظل انتهاك سافر للقانون الدولى والاتفاقيات والقرارات الدوليه والتى يتم فيها طمس ومحو الحقوق الأساسية للفلسطينين مع التلاعب بالالفاظ المضلله بمسميات صفقة وفرص تاريخية والسلام والتفاوض مع التهديد والابتزاز !
امام كل ما تقدم يمكن القول اننا امام مرحلة جديدة مختلفه جذريا عن مرحلة اوسلو مرحلة تستدعى استراتيجية وطنيه مختلفه ، وتستدعى تغييرا جذريا فى الأدوات والوسائل فى ضوء اختلال كل المعادلات المعهودة حتى نحقق الصمود انتظارا لظروف افضل هذا الصمود لن يتأتى إلا بالاتحاد فصائيليا ومستقلين وترك المناكفات الفارغه جانبا وتعزيز صمود المواطن على الارض وبث روح الأمل فى اوصاله بدلا من التحبيط وزرع اليأس والابتعاد عن الشعارات الحالمه والوهم والشعوبيه والاصطفاف من جديد تحت السقف الوطنى الجامع .
ايام صعبة انتظرنا ولن يكون بإمكاننا التعويل على أحد غير أنفسنا فى ظل هذا الترهل العربى العام فطوق النجاة لن يكون إلا بالوحدة والصمود .