غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

ما وراء تعجيل التطبيع وتأخير الضم

د. هاني العقاد

بقلم/ د. هاني العقاد

هرولة رئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان للقاء نتنياهو في اوغندا فتح باب التساؤلات على مصرعيها لدي كل المراقبين، هل تنفذ اسرائيل الضم في ظل التطبيع وهل يؤثر الضم على التطبيع ...؟ هذه اسئلة مهمة في المرحلة الحالية امام حكومة نتنياهو الحالية والمؤقتة والمعنية بكلتا الخطوتين فكلاهما خطوات هامة علي طريق تطبيق الخطة الامريكية , لكن قد تؤجل خطوة ضم المستوطنات الكبرى بالضفة الغربية الي وقت قريب دون تأجيل ضم مستوطنة معاليه ادوميم بالقدس لأسباب تتعلق بعدم رغبة اسرائيل اثارة غضب الفلسطينيين اكثر قبل الانتخابات الاسرائيلية وخشية ان تتفجر المناطق وبالتالي يؤثر هذا الانفجار الحتمي في وجهة نظري علي اصوات نتنياهو الانتخابية وقد لا يحقق ما حققه في الانتخابات الماضية , وكانت اذاعة الجيش ذكرت ان نتنياهو سيؤخر ضم غور الاردن وشمال البحر الميت الي ما بعد الانتخابات , الاسبوع الماضي قال كوشنر امام مجلس الامن ان الولايات المتحدة نصحت نتنياهو بالتاني في خطة الضم وان اسرائيل ابدت عدم نيتها للمضي قدما لضم مساحات واسعة من الارض الفلسطينية الان وقبل الانتخابات .

المعروف ان نتنياهو يسابق الزمن لإنجاز خطة ضم المستوطنات الكبرى في القدس والضفة الغربية قبل الانتخابات الاسرائيلية وتوظيف ما وفرت له صفقة ترامب من دعم سياسي وقانوني كأوراق انتخابية قوية ليحقق فوز ساحق في الانتخابات القادمة كما وعد ترامب قبل اعلان الصفقة علي اعتبار ان اعلان ترامب الصفقة سوف يمكن نتنياهو من تحقيق هذا الفوز الساحق , لكن المستوي الاستراتيجي نصح نتنياهو بالتدرج في الضم حتي لا يحدث هذا انفجار في المناطق الفلسطينية هو في غنن عنه الان وخاصة ان الشارع الفلسطيني محتقن ويغلي والقيادة الفلسطينية ستنهي العمل بالاتفاقيات الموقعة مع اسرائيل عند اول عملية ضم وفرض السيادة علي المستوطنات بالضفة . الضم قد ينفذ على مرحلتين بهدف تخفيف هجوم المجتمع الدولي على اسرائيل وتخفيف غضب الفلسطينيين وتمرير تطبيق الصفقة بهدوء أكثر وهذا يعني اننا امام سياسة اسرائيلية للضم تبدأ بمستوطنات القدس ومن ثم الضفة الغربية وقد يحدث الضم في القدس قبل الانتخابات ويكتمل الضم لمستوطنات الضفة وغور الاردن وشمال البحر الميت بعد الانتخابات. اما عن علاقة الضم بالتطبيع فلا اعتقد ان عملية الضم وخطة اسرائيل في هذا الإطار قد تتأثر بالتطبيع مع الدول العربية فلا اعتقد ان العرب الذين ينون التطبيع مع نتنياهو يهمهم موضوع ضم الضفة الغربية للسيادة الاسرائيلية وبهذا فلا يعيق التطبيع مع العرب اي ضم اسرائيلي الا في حالة واحدة وهو إذا ما ثار الفلسطينيين في صورة انتفاضة شعبية جماهيرية كبيرة تدفع لحالة تعاطف شعبي عربي وأجنبي كبيرة لان الساسة العرب قد يخشون شعوبهم في هذه اللحظة.

مسؤول كبير بالبيت الابيض قال لصحيفة جيريوزلم بوست الاسبوع الماضي ان الولايات المتحدة الامريكية تسعي بنشاط الي التطبيع بين اسرائيل والدول العربية في الشرق الاوسط وان هناك ثلاث اجراءات مدرجة علي جدول الاعمال حاليا اولها مساعدة الدول العربية علي التوصل لاتفاقيات عدم اعتداء مع اسرائيل وثانيها تسير رحلات جوية بين اسرائيل والدول العربية و ثالثها السماح لمسؤولين إسرائيليين وساسة بحضور فعاليات ثقافية وسياسية واقتصادية بالعالم العربي, وقالت الصحيفة ان كثير من المناقشات دارت مع اطراف عربية وخليجية في هذا الاطار خلف الكواليس . لعل هذا ما يفسر سرعة استجابة كثير من الدول العربية وبعض المسؤولين لخطوات التطبيع دون خجل ودون استحياء ولا شعور بالعار في وقت تستمر فيه اسرائيل بتقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا على غرار المسجد الابراهيمي بالخليل ويعدم الشباب الفلسطيني امام الكاميرات بلا خوف من حساب ولا عقاب ولو أدركت اسرائيل انها ستدفع ثمن هذا لما قامت بارتكاب كل تلك الجرائم.

الضم والتطبيع خطوتان مهمتان جاءتا في خطة ترامب المزعومة للسلام لكن الولايات المتحدة تريد تأجيل الضم قليلاً والاسراع في التطبيع وفي العلن لأنها تريد تفريغ حالة الدعم العربي لموقف القيادة الفلسطينية الرافض لصفقة ترامب وتجعل الفلسطينيين وحدهم في ساحة المواجهة مع النظام الامريكي واسرائيل كما وتريد ان يتسبب التطبيع في نسف مبادرة السلام العربية التي اعلن مجلس وزراء الخارجية العرب هذا الشهر انها اهم مرجعيات عملية السلام وحل الدولتين في الشرق الاوسط , واعتقد انه في حالة التطبيع الكبيرة اليوم لا داعي لان يتحدث احد من العرب عن هذه المبادرة او حتي يطرحها كمرجعية ويقول انها مازالت مطروحة علي الطاولة لأي عملية سلام فقد تمكنت الادارة الامريكية ومعها اسرائيل استبدال هذه المرجعية الهامة في تاريخ الصراع بمرجعية جديدة الا وهي صفقة ترامب المجنونة . التزامن بين الضم والتطبيع ترغب به اسرائيل وجزء من الخطة الاسرائيلية الامريكية لان لها اهميتها في سبيل انجاز الصفقة وانجاز القسم الاكبر من الشق السياسي ومحاصرة الرفض الفلسطيني عربيا وعلي الارض وتفريغه من مضمونه وجعله رفضا غير فاعل ومؤثر وصولا لان يجد الفلسطينيين انفسهم في عمق الصفقة وبالتالي تجد تلك القوي طرفا فلسطينينا ما يتعاطى مع ما فرضة الامريكان والإسرائيليين وقبل به العرب من خلال التطبيع وفتح بلادهم للإسرائيليين واليهود دون ادني شعور بالخزي والعار .

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".