بقلم/ د. هاني العقاد
بعد ساعات سيتوجه الإسرائيليين الي صناديق الاقتراع للمرة الثالثة في اقل من عام علي امل ان يستطيع ابراز فائزين من الكتل الانتخابية والاحزاب التي باتت تخوض معركة مصيرية للمرة الثالثة، وتوجه الجمهور الاسرائيلي لصناديق الاقتراع هذه المرة يبدو انه خروج بارد واندفاع منطفئ بسبب تكرار الانتخابات ستقل نسبته عن الاقتراع في الانتخابات الاخيرة دون نتائج حقيقية فارقة تمكن احد الكتلتين الكبيرتين من تشكيل حكومة اسرائيلية تهدئ من روع الجمهور وتسكن الام الراس للمواطن الاسرائيلي الذي تسبب به الساسة الإسرائيليين الذين ملئوا رؤوس مواطنيهم بالوعود الوهمية والبرامج السياسية غير القابلة للتنفيذ سواء علي مستوي الحياة السياسية والأمن او حتي حياة المواطن الاسرائيلي ليجد سكن مناسب ورخيص وبضائع رخيصة وعلاج دون دفع اموال طائلة وهذا اقصي ما بات يهم المواطن الاسرائيلي العادي الذي يقطن المدن كتل ابيب وحيفا ويافا ورحوبوت وبيت شيميش و الخضيرة وكثير من المدن التي لم تغرق في الاستيطان ولا يحب مواطنيها السكن في المستوطنات , فقد لا يهتم اليوم هؤلاء المواطنين بما سيصنعه نتنياهو وغانتس من ضم للمستوطنات او تهويد القدس وتسخير ميزانية الدولة لصالح الاستيطان وحده وتطبيق صفقة القرن وما يهمه فقط ان ارتفع مستوي دخل الفرد وتنخفض الضرائب ويعمل هذا المواطن ويستثمر ويسافر ويشعر بالأمن.
كل استطلاعات الرأي الاخيرة لا تشير بالمطلق لتقدم اي من الليكود او ازرق ابيض كثيرا عن الاخير ولا تشير ايضا بإمكانية وصول اي تكتل من كتلة اليمن او اليسار والوسط الي مقاعد الامان الذي يمكن اي من الكتلتين لتشكيل لحكومة ولو ضيقة. اخر استطلاع للراي جاء من اذاعة (كان) الاسرائيلية ليقول انه لو جرت الانتخابات اليوم قبل ساعات من يوم الاقتراع المحدد اي الثاني من مارس لحقق الليكود 35 مقعد وازرق ابيض 34 وتقدم القائمة العربية لتحصد 14 مقعد والعمل جيشر وشاس ويهوديت هتوراة 8 مقاعد لكل منهم. وعلى ضوء هذه النتائج فان اي من التكتلين لن يستطع اجتياز نسبة 51% من عدد مقاعد الكنيست ليكلف رسميا من قبل رئيس اسرائيل بإجراء الحوارات والاتصالات مع باقي الاحزاب لتشكيل حكومة ولو ضيقة. ما توحي به هذه الاستطلاعات التي تتقارب نتائجها عل مدار اسبوع فائت ان الجمهور الاسرائيل مل الانتخابات وان الخارطة السياسية في اسرائيل هي ذاتها ونتائج الانتخابات الجديدة 23 للكنيست لن تتغير كثيرا عن سابقتها وفي اضيق الحالات فإنها قد تزيد او تنقص لاحد الكتلتين مقعد او اثنين دون تحقيق نسبة المقاعد المطلوبة حتى لو وصلت لتحالفات جديدة دون التحالف مع اي من القائمة العربية المشتركة او اسرائيل بيتينو بزعامة ليبرمان.
الشيء المثير والتطور الكبير في الانتخابات الثالثة والعشرين للكنيست هو ان القائمة العربية المشتركة ستتقدم وتحقق ما بين 16 الي 14 مقعد بفارق مقعد او مقعدين عن الانتخابات السابقة بسبب ما جاء في صفقة القرن فيما يخص نقل جزء من السكان الفلسطينيين في فلسطين التاريخية الي المناطق الفلسطينية والتخلص منهم في انتهاك صارخ لحقهم في المواطنة الاسرائيلية وحقهم في الرفض او القبول وكأنهم حجارة شطرنج تحركها ايدي اللاعبين حيثما يحلو لهم، اعتقد ان لدي الجمهور العربي اليوم في اسرائيل دافع قومي لان لتحقيق نصر في الانتخابات عبر زيادة نسبة الاقتراع بالوسط العربي لتزيد عن 70 %، ما يعني ان التصويت لصالح اعضاء القائمة العربية اصبح ضرورة قومية لوقف واسقاط الإجراءات الصهيونية والعنصرية لحكومة نتنياهو وبالتالي فان سقوط نتنياهو يعني سقوط كل مخططاته التي ستطال الوجود العربي في اسرائيل ويطال تصفية القضية الفلسطينية , وهذا لا يعني مطلقا ان العرب سوق يعطوا ازرق ابيض بالمقابل وهو الحزب الذي يحاول استجلاب اصوات عربية نكاية في الليكود ,لذا حسب توقعي ان كل الاصوات العربية اليوم ستصب بشكل لا يقبل الاحتمال الي القائمة العربية وهي بالتالي التي ستتحكم في تشكيل اي حكومة إسرائيلية جديدة .
حال تكررت نتائج انتخابات الكنيست 23 فانه من المستبعد تجاهل القائمة العربية اليوم لذا فان اي نتائج يحققها ازرق ابيض فانه سيجري مفاوضات مع القائمة ولكن لا اعتقد ان القائمة العربية يمكن ان تدخل في ائتلاف حكومي مع ازرق ابيض لأنها تعتبر الدخول في ائتلاف فقط لأجل اسقاط نتنياهو كما الانتحار فلا بد من ان تحقق انجاز حقيقي من وراء ذلك واهمها الحقوق المتساوية مع الإسرائيليين بالوسط العربي وحماية المجتمع العربي من الجريمة والمخدرات وعلي المستوي السياسي الاعتراف بحل الدولتين كاطار لإنهاء الصراع الفلسطيني حسب مرجعيات الشرعية الدولية وقرارات الامم المتحدة بالإضافة ان القائمة العربية سيكون لها شرط مهم انه سوف تنسحب من الحكومة اذا ما شنت حرب جيدة علي غزة وهذه الشروط لن يقبلها بالطبع ازرق ابيض لان البرنامج السياسي لغانتس هو نفسه برنامج نتنياهو وكل من الحزبين تعهد لترامب بالمضي قدما بتطبيق الصفقة بكل بنودها التي هي بنود لتصفية الوجود السياسي الفلسطيني والهيمنة الاقتصادية علي حياة المواطنين الفلسطينيين والقضاء علي المقاومة غزة , يبقي هناك احتمال ضعيف لمفاجئات في العملية الانتخابية الاسرائيلية لكن كل التوقعات تشير الي ان اسرائيل متجهة لذات الازمة التي تبعت الانتخابات 22 للكنيست وستبقي الازمة طالما بقي نتنياهو علي راس تكتل اليمين وبقي الجنرالات علي رأس اليسار والوسط وبقي العداء للعرب والفلسطينين وبقي التهديد لغزة والضم للضفة وتهويد القدس وعدم الاعتراف بحق تقرير المصير للفلسطينين .