د .علي النزلي/ دكتوراه علوم سياسية
دبلوماسية كورونا" أو "الدبلوماسية عن بعد" وهو المصطلح الذي نستطيع ان نطلقه في ظل استمرار أزمة وتفشي فايروس كورونا الذي من المتوقع ان يمتد لفترة من الوقت لا أحد يستطيع ان يتنبأ بنهايته, حيث سيكون هذا النوع من الدبلوماسية هو الخيار الأنسب أمام الساسة والدول ومنظمات وهيئات الأمم المتحدة في المرحلة القادمة في ظل القيود على السفر والحركة والخوف من العدوى وانتقال الفايروس الخطير للسياسيين والزعماء والدبلوماسيين وممثلين الهيئات الدولية والأممية ،فالكثير من المؤتمرات واللقاءات والتجمعات والحوارات ألغيت بسبب هذا الوباء العالمي مما عطل وسيعطل المصالح الحيوية والسياسية للدول وللهيئات الدولية في ظل غياب اللقاءات والحوارات المباشرة .
فالدبلوماسية تعتبر السلوك الذي يتخذه الأفراد من أجل إحداث بعض التغييرات على القرارات والسياسات المتخذة من قبل الحكومات والدول عبر أساليب بدأت بالحوارات المباشرة والجلوس عبر الطاولات والاجتماعات العلنية وغير العلنية, واتسعت مفاهيم وأنواع وتصنيفات الدبلوماسية لتشمل عدة مفاهيم ومسميات وأنواع منها: الدبلوماسية الكلاسيكية والدبلوماسية ذات الأطراف المتعددة, والدبلوماسية الثقافية والدبلوماسية البرلمانية ودبلوماسية المؤتمرات وكذلك الدبلوماسية الرسمية والشعبية.
فكل أنواع هذه الدبلوماسيات تهدف الى توفير قاسم مشترك للتفاهم والالتقاء الانساني على مختلف الأصعدة, فالدبلوماسية الرسمية في الجانب السياسي مثلا يتم من خلال استقبال الوفود بشكل رسمي ويتم مناقشة تسويات سياسية وسلمية ولها بروتوكولاتها الخاصة, ويتم وضع حلول من خلال اللقاءات والحوارات المباشرة من أجل التدخل في مناطق التوتر والنزاعات والحروب, وتستمر هذه الدبلوماسية حتى الانتهاء من النزاع أو الأزمة مرورا بمتابعة آليات تنفيذ مراحلها وبنودها.
ولعل ما جد على أنواع الدبلوماسية وقد نستطيع ان نطلق عليه مصطلح دبلوماسية الكورونا أو الدبلوماسية عن بعد وهو ممارسة العمل الدبلوماسي بشكل جديد وغير معتاد وهو عدم الجلوس بشكل مباشر للحوار وهذا النوع من الدبلوماسية قد تم تطبيقه وتوظيفه فعلا في متابعة المفاوضات بين أمريكا وحركة طالبان حيث مارست دولة قطر هذا النوع من الدبلوماسية ولأول مرة وهي الراعية والوسيط للمفاوضات بين الطرفين, حيث بدأت قطر وساطتها بين الأطراف بالدبلوماسية الكلاسيكية ولقاءات منها ما هو معلن ومنها ما هو غير معلن ثم توجت بالجلوس والحوار المباشر في الاتفاق التاريخي يوم 29فبراير 2020 في الدوحة, ثم تم الاتصال المباشر بين ترامب ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة طالبان, لتنتهي بذلك حقبة من الصراع الممتد بين أمريكا وحركة طالبان.
ثم جاءت جلسات المباحثات للاتفاق على تنفيذ البنود لتبادل الأسرى بين حركة طالبان والحكومة الأفغانية بالتزامن مع الانتشار الواسع والخطير لفايروس كورونا الذي أحدث انقلابا في المفاهيم والسياسات والتوجهات والأساليب والأدوات على كل الأصعدة وأبرزها السياسية والدبلوماسية.
فكانت الجلسة بين الطرفين يوم الأحد 23 مارس عبر تقنية الفيديو حيث ذكر زلماي خليل زاد المبعوث الأمريكي الخاص الى افغانستان أن قطر والولايات المتحدة سهلتا إجراء مباحثات تقنية عن بعد بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان حول اطلاق سراح السجناء.
فهذا النمط من الدبلوماسية سيكون السمه الغالبة لأي لقاءات بين الاطراف والدول والجهات المختلفة سواء على صعيد أدارة الأزمات والتحكيم الدولي وحتى الاجتماعات واللقاءات في معظم المحافل والهيئات الأممية ,وقد تلجأ اليه الدول في اجتماعاتها مثل مجالس الوزراء والمجالس البرلمانية والبلدية وغيرها.