بقلم / د. صالح طلوزي
الإيجابية نعمة من الله عز وجل على الإنسان، من تمسك بها حصل على الخير والسعادة والتفاؤل والنجاح، فالإنسان الذي تنعدم من حياته الإيجابية تصبح حياته سلبية، مليئة بالهم والحزن والاكتئاب، إلا أنه رغم المحن والتحديات يجب أن تكون نظرتنا للحياة إيجابية، وهذا يتطلب تغيير طريقة تفكيرنا، وطريقة تصرفنا مع الظروف والمواقف، وألا نجعل الخوف يسيطر علينا، وأن تكون ردودنا دائماً الكلمات الإيجابية بيننا وبين أنفسنا، "أننا نستطيع"، وقادرون على التوجيه لنا ولغيرنا بإيجابية، وبذلك يكون تفكيرنا إيجابياً فتتحول حياتنا إلى الإيجابية تلقائيا.
وتبدو تداعيات تفشي وباء كورونا، والحالة السلبية التي تركها عند بعض الناس من فقدان السيطرة على المشاعر، والتصرفات السلبية، واللامبالاة على نفس درجة خطورة الفايروس نفسه، وربما تفوقه في التبعات، رغم طمأنة الحكومة المواطنين أن المواد الغذائية متوفرة وبكميات، ولا داعي لشراء أكثر من حاجتهم، ودعوتهم المواطنين باستمرار إلى تحمل المسؤولية، واتباع التعليمات الوقائية، وإجراءات السلامة للحد من انتشار الفايروس، والتزام البيوت، وعدم المخالطة، هو الحل الأمثل، حفاظاً على النفس والأهل والوطن، مع التحلي بالصبر والإرادة القوية حتى نخرج من هذه الأزمة منتصرين، إلا أن بعضنا إما عن جهل أو لامبالاة، تعامل مع الأزمة بسلبية واستهتار، وأسهم بنشر الفايروس.
يجب علينا جميعاً أن ندرك أن كل شخص مهم، بالنسبة لنفسه، ولمن يحيط به، فأنت مهم لوالديك وعائلتك وأبنائك ومجتمعك ووطنك، فلا تكن عنصراً سلبياً في نشر الوباء، وكن عنصراً فاعلاً وإيجابياً في كل تصرفاتك، فالإيجابيون يشعرون بقيمتهم وأهميتهم، ويتصرفون بنجاح على هذا الأساس، وكما يقول شكسبير: "ليس هناك شيء سيء، وشيء جميل، ولكن تفكيرنا من يحدد ذلك". ولذا وجب علينا أن نفكر: كيف نكون إيجابيين، ونسعد الآخرين ونحمي وطننا، وننظر إلى المستقبل بتفاؤل وأمل نحو الأفضل؟
إن الظروف الصعبة التي نمر بها تحتم علينا القيام بأعمال إيجابية نحو ذاتنا والمجتمع، وأن نمارس السعادة والفرح، ونتمتع بعلاقات مميزة مع من حولنا، ونكون بصحة جيدة، ونرتقي للأفضل لما فيه مصلحة للجميع، فنحن نعيش اليوم لكي نرسم ابتسامة، ونمسح دمعة، ونخفف ألماً، ولأن الغد ينتظرنا، فلنكن جميعاً إيجابيين، وسبباً في سعادة الآخرين.
فشعبنا الفلسطيني جبار، وقد أثبتت المشاهد الإيجابية التي رافقت وباء كورونا، وحالة التضامن الشعبي، وتعزيز الشعور الجمعي في مواجهة هذا الفايروس، وظهور العديد من المبادرات، والأفكار الإيجابية؛ لزيادة التواصل بين الناس، مثل: التكبير والدعاء في الحظة ذاتها، والتواصل عبر النوافذ والأسطح لدعم بعضنا بعضاَ، من أجل الحفاظ على التوازن، وبث مشاعر الأمل والتفاؤل. ولا ننسى التعليم الإلكتروني في المدارس والجامعات، حتى يبقى الطالب على تواصل مع المادة التعليمية. كلها مظاهر تعبر عن الإيجابية، وهو ما يجب أن نركز عليه.
كما لعبت الفرق واللجان التطوعية التي شكلتها حركة فتح والمجالس البلدية والقروية، والغرف التجارية والأهالي، دوراً مهماً في مواجهة هذا الوباء المنتشر، وتعزيز المساندة الاجتماعية للعائلات الفقيرة والمحتاجة، وضربت أروع الأمثلة في التكافل والتضامن والتأثير الإيجابي، والتخفيف من القلق والاكتئاب، وتقوية مهارات المواجهة لجميع المواطنين، ولا ننسى الدور الريادي للطواقم الطبية ورجال الأمن على وقفتهم المشرفة في حمايتنا ورعايتنا والدفاع عنا، فلهم جميعا كل المحبة والتقدير.
لذلك مطلوب منا تقدير الذات وتعزيزها، ومحاربة الشعور بالنقص والعجز، والنظرة السوداوية بصرف النظر عن القصور الواقعي في القدرات، والمنجزات، والطاقات المكتسبة، فتقدير الذات استثمار، يرفع قدراتها، ويزيد مكتسباتها، ويعزز إيجابيتها، وتحقيرها يفسد النجاح، ويشوه الأهداف.
ونحن مدعوون جميعاً لأن نكون إيجابيين بسلوكنا؛ لنحيا سعداء، وهذا يتطلب منا تغيير طريقة تفكيرنا، ونظرتنا للأمور والمتغيرات من حولنا، فالأفكار التي يحملها الإنسان عن ذاته تنعكس على حياته وبيئته وقدرته على التأمل، والتخيل، وصنع الواقع، والعمل بإيجابية، وتوقع الأمور الإيجابية. كل هذا يسهم في تحقيق الأهداف والطموحات، وبذلك تسود روح التسامح والمحبة بين الناس، وتختفي مظاهر القلق، وما يصاحبها من مشاعر سلبية.
إن حالة الإحباط والقلق والانفعالات التي تواجهنا نتيجة الوضع الراهن بسبب فايروس كورونا هذا الخطر المجهول، والخارج عن السيطرة انعكس سلباً على تقديرنا لذواتنا، وأشعرنا بالحزن واليأس لقلة نشاطاتنا، وتناقص الاهتمام بالعمل، فشعبنا قادر على تخطي هذه الأزمة، لذلك وجب علينا مواجهة هذه الضغوط من خلال:
1. اللجوء إلى الله بالصلاة والدعاء وكثرة الاستغفار، واستشعار قدرة الله، بقولنا: (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم).
2. إدارة الوقت وإشغال أنفسنا بالأمور الإيجابية.
3. ممارسة التمارين الرياضية، والتنفس العميق والاسترخاء.
4. الدعم الاجتماعي: وأهم مصدر له العائلة، للتخفيف من العزلة، وتقديم المعلومات، وإعطاء نماذج عن الأدوار الواجب إداؤها، وإعطاء الاستقرار الذي يحمي الفرد أوقات الضغوط، كل هذا يسهم في تحقيق الرضا الانفعالي، والتعامل مع الأحداث الضاغطة، والتخفيف من تأثيراتها الصحة السلبية.
5. الحفاظ على الطاقة، (نظام الأكل والشرب الصحي).
6. طلب المساعدة من المتخصصين في علاج الضغوط.
7. التقليل من الاستماع للأخبار، والبعد عن الشائعات والأفكار السلبية.
8. استحضر شعورا إيجابيا، وتأمل وتخيل أنه بعد فترة ستنتهي الأزمة، وسنعود لممارسة حياتنا كالمعتاد.
وأرى أنه يجب التركيز على المساندة الاجتماعية بجوانبها كافة لما تلعبه من دور في تعزيز المزاج الإيجابي، وتحسين الصحة النفسية، وتساعد الفرد على مواجهة أحداث الحياة الضاغطة بشكل إيجابي، وتعمل على اشباع حاجات الانتماء والاندماج والاحترام، وزيادة تقدير الذات والثقة بالنفس.
وأخيرا أقول: كن إيجابيا وتذكر...
أن قليلا من التفاؤل قد يصنع ألف طريق نحو السعادة. وكن على ثقة بأن الابتلاءات دائما تكون محملة بالخير والرحمة، حتى وان قصرت عقولنا عن الإدراك، فإن قلوبنا على يقين بذلك.
واجعل شعارك: "الزم بيتك، وفكر بغيرك، وكن إيجابيا، وسبباً في محاصرة الوباء".
حمانا الله وإياكم من هذا الفايروس، ونتمنى السلامة للجميع.