بقلم / حماد صبح
في 1966 أورد الكاتب والمترجم الفلسطيني الراحل خيري حماد في مقال في مجلة " الطليعة " القاهرية اقتباسا من كلام لناحوم جولدمان مؤسس المؤتمر اليهودي العالمي ورئيسه لسنوات ؛ أن " تربة فلسطين الجوفية تحتوي على كميات من البترول تزيد على الاحتياطي منه في الأميركتين " ، ويقصد أميركا الشمالية والجنوبية " ، وجاء كلامه في سياق بيانه لاختيار اليهود فلسطين وطنا لهم دون سائر البلدان اتي عرضت عليهم مثل أوغندا ، ويوضح أن هذا الاحتياطي النفطي الضخم ليس السبب الأساسي في هذا الاختيار ، وأن السببين الأساسيين هما أن : " فلسطين ملتقى الطرق بين أوروبا وآسيا وأفريقيا ، والمركز الحقيقي للقوة السياسية العالمية " . ونوجه اهتمامنا هنا إلى كلامه عن وفرة النفط في فلسطين هذه الوفرة الهائلة ، وفي زمن مبكر حين لم يَلُح في بال أي عربي أن في فلسطين نفطا . ولا شك في أن كلامه يسبق زمنيا اقتباس خيري منه ، وهذا يوضح أن أعداءنا أعلم منا بثروات بلادنا ، ويخططون لسرقتها . وتحقق فعلا بعض ما تحدث جولدمان عنه ، ففي ديسمبر 2010 اكتشفت إسرائيل بمساعدة شركات عالمية منها شركة نوبل إنرجي حقل لفياثان الذي يحوي 16 تريليون قدم مكعب من الغاز ، وتعاقدت تاليا مع مصر والأردن لتصدير بعض إنتاجه إليهما ، واكتشفت حقل غاز آخر يقدر إنتاجه بخمس إنتاج لفياثان هو حقل تمار ، وفي المشهد حقل غاز غزة الذي تجمع كل ملابسات الغموض المحيطة به على سرقة إسرائيل له ، ومن هذه الملابسات أننا لا نسمع أي معلومة تتصل به من أي جهة فلسطينية ، وكتبتُ ثلاثة مقالات في أوقات متباعدة أتساءل عن مصيره ، وبثت قناة الجزيرة حلقة عنه في برنامج " والمخفي أعظم " الذي يقدمه الإعلامي الفلسطيني تامر المسحال . وتشير تقارير إلى أن حقل لفياثان يقع في المنطقة الاقتصادية البحرية الخاصة بمصر ، ويؤكد هذه الحقيقة وجوده على مسافة 150 كم شمالي دمياط المصرية ، ومسافة 235 كم من حيفا الفلسطينية المحتلة . وهذا على ما فيه من حسرة موجعة لشعورنا بتقصير مصر في حماية ثروتها الطبيعية ، وصيرورتها مستوردا ممن يسرقها ؛ لا ينفي أن فلسطين التاريخية غنية بالنفط والغاز ، وفلسطين التاريخية هذه هي ما قصدها جولدمان ، فلسطين التي تمتد من ساحل المتوسط إلى حدود العراق ، وهذا يجعل الأردن جزءا منها ، ومشمولا بالأطماع اليهودية ، ولا يخفي الإسرائيليون هذه الأطماع ، وإن أخفوها أحيانا بعبارات مبهمة فلاعتبارات سياسية مؤقتة ، أما مخططهم الاستراتيجي فيرى الأردن جزءا من حلمهم الصهيوني الكبير الذي يدأبون ليل نهار لتحويله واقعا قائما . والآن ، وقد تأكد وجود الغاز في فلسطين السياسية المحتلة على صغرها ، فهل في جزئها الآخر، الأ{دن ، الذي مساحته 92 ألف كم ، غاز ونفط ؟! وأليس غريبا أن يكون كل جيران الأردن منتجي نفط وغاز ولا يكون هو منهم مع تشابه المكونات الجيولوجية لأرضه وأراضيهم ؟! من الآراء ما يذهب إلى أن مخزون الأردن من الزيت الصخري يحتل المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة وكندا . وعلى لسان جورج حدادين نقيب الجيولوجيين الأردنيين الأسبق أن شركة ألمانية أنشأت في الأردن في 1905 مصنعا لاستخراج الزيت الصخري ، وفي نفس السنة أنشىء مصنع في أستونيا لا يزال ينتج من الغاز ما يسد 95 من احتياجات تلك الدولة الصغيرة ، وأن المصنع الأردني توقف منذ زمن بعيد . وتلتقي آراء كثيرة في أن حرمان الأردن من الغاز والنفط سببه مخططات سياسية لا جيولوجية ، أهمها الأطماع التوسعية الإسرائيلية التي لا تريد دولة أردنية قوية تصد هذه الأطماع ، وتريد أن تدخر ثروة الأردن من النفط والغاز لزمن التوسع الإسرائيلي شرقا . ونية اسرائيل ضم 30 % من الضفة الغربية ، وهو ضم مرحلي يتقدم ما سيليه من ضم أوسع وفق الظروف المواتية إ؛ إشارة حمراء ساطعة لهذا التوسع . أعداؤنا يتحدثون عن أوطاننا وثرواتنا كأنها أوطانهم وثرواتهم ، وكأننا لا وجود لنا . جولدمان تحدث بهدوء وثقة طاغيين ، وجاؤوا بترامب ليتحدث بجلافة واحتقار صارخين لكل العرب ، فيجاهر بأنه سيحتل أرضهم ويستولي على ثرواتها ومنها النفط والغاز ، وعلى ترامي البعد الزمني الواسع بين جولدمان وترامب كبر العرب ضعفا وهوانا وتفرقا وحروبا في ما بينهم ، وأناس من هذا الصنف كيف لا يكونون دائما هدفا سهلا لأطماع سواهم وازدرائهم وحسبانهم لا قيمة فعلية لهم ؟!
**
في سبعينات القرن العشرين سأل الشهيد _ بإذن الله _ معمر القذافي الملك حسين : " هل تعلم أن لدى إسرائيل حاكما لكل مدينة أردنية ؟! " ، فأجابه الملك : " نعم أعلم " .
**
في سبعينات القرن العشرين سأل الشهيد _ بإذن الله _ معمر القذافي الملك حسين : " هل تعلم أن لدى إسرائيل حاكما لكل مدينة أردنية ؟! " ، فأجابه الملك : " نعم أعلم " .