بقلم / د. عبد الرحيم جاموس
مع انتشار وتفشي وباء كورونا ودخوله مرحلته الثانية وهي الأخطر، بدل أن يشكل هذا رادعا لنتنياهو وتحالفاته السياسية عن التوقف عن مواصلة السياسات الاستعمارية المنافية لروح التضامن الدولي والانساني التي اوجبتها الجائحة، بدلا عن ذلك اخذت ادارة الرئيس ترامب وتحالف اليمين الحاكم في المستعمرة منها غطاء لتنفيذ ما نصت عليه (صفقة القرن) الأمريكية الإسرائيلية فشكلت اللجان المشتركة المتخصصة ورسمت الخرائط الخاصة (لتنفيذ ضم القدس والمستوطنات واراضي الغور والبحر الميت) والتي تمثل ما نسبته 33% من الأراضي الفلسطينية المحتلة التي يجب أن تكون جزء لا يتجزأ من الاراضي التي يتوجب انسحاب قوات الإحتلال الإسرائيلية منها ولم يبقى سوى تحديد موعد الإعلان عن تنفيذ ذلك من جانب الإدارة الأمريكية وسلطات الإحتلال والذي يؤخر ذلك الآن فقط هو مراوحة ازمة تشكيل حكومة المستعمرة بين طرفيها نتنياهو وغانتس، (وقد مثل مشروع الضم للقدس والمستوطنات واراضي الأغوار والبحر الميت وفق صفقة القرن اساس الائتلاف الحكومي بينهما).
في ظل استمرار تفشي جائحة الكورونا واصلت سلطات الإحتلال سياسات الإعتقال والإجتياحات للمدن والقرى الفلسطينية وسياسات الحواجز والحصار والقتل بدم بارد، وتصاعدت اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين والاستيلاء على الاراضي، وواصلت سياسات الإهمال الطبي المتعمد في حق سكان القدس وسكان مختلف المدن الأخرى في الجليل والمثلث والنقب وبقية الاراضي الفلسطينية المحتلة، ولم تبدي أي تعاون مع السلطة الفلسطينية لمواجهة هذه الجائحة، بل عمدت لمصادرة المساعدات الطبية المرسلة لها من قبل بعض الدول وقد اشترطت على بعض الدول والجهات المقدمة لهذه المساعدات أن تتلقى مثلها حتى توصلها للسلطة الفلسطينية، هذا ما حصل مع كل من تركيا والصين الشعبية، دون أي احترام لما تفرضه عليها قواعد القانون الدولي من مسؤولية قانونية لها عن سكان الاراضي المحتلة.
يأتي تنفيذ كل هذه السياسات رغم المعارضة العربية الإسلامية ومعارضة كافة المجموعات الدولية وفي مقدمتها الأوروبية وروسيا والصين الشعبية وعدم الإنحياز، والتي عبرت جميعها عن رفض صفقة القرن ورفض كافة الإجراءات التي تترتب عليها وتخطط وتسعى لتنفيذها سلطات الإحتلال، وقد اعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية د. صائب عريقات اول امس عن جملة من الإتصالات الدولية اجراها الرئيس الفلسطيني والقيادة والحكومة الفلسطينية مع مختلف الدول العربية والدول الصديقة لإطلاعها على ما يجري والتي بدورها استنكرت وعبرت عن رفضها لتلك الخطوات والسياسات والإجراءات الإسرائيلية الهادفة لضم المستوطنات والقدس واراضي الأغوار والبحر الميت، وعبرت عن دعمها وتأييدها المطلق للشعب الفلسطيني وقيادته.
لم تدرك بعد سلطات الإحتلال ومعها الإدارة الامريكية مدى خطورة تنفيذ هذه الإجراءات على الأمن والسلام في المنطقة وعلى مستقبل السلام والعلاقة بين السلطة الفلسطينية وكيان الإحتلال، ستكون حينها م.ت.ف وسلطتها الوطنية في حلٍ من جميع الإتفاقات الموقعة مع كيان المستعمرة بما فيه سحب الإعتراف المتبادل، والعودة بالصراع إلى المربع رقم صفر، حينها لن يعدم الشعب الفلسطيني الوسائل الكفاحية لإستمرار النضال بكل اشكاله المشروعة من اجل استرداد حقوقه كاملة غير منقوصة، مالم تتحرك كافة القوى الدولية وتثني ادارة ترامب نتنياهو عن هذه الإجراءات واحترام الشرعية الدولية والعمل على انهاء الإحتلال وكنس الإستيطان وتمكين الشعب الفلسطيني من اقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار الأممي 194لسنة 1948م، على العالم اجمع أن يدرك خطورة النار التي يشعلها الآن الثنائي ترامب نتنياهو في المنطقة وينضم اليهما غانتس رغم المعارضة الدولية الشاملة لها بل والمعارضة من العديد من القوى السياسية والأكاديمية والشعبية في امريكا نفسها.