قلم/ عمر حلمي الغول
قادة إدارة الرئيس دونالد ترامب لا ينفكون عن ممارسة دور بلطجي العالم، ويساهمون مباشرة في تأجيج الحرائق في أصقاع الأرض، يعبثون بمصير البشرية عبر إستخدامهم حروب وأسلحة شتى، منها: البيولوجي، والتدخل العسكري، وإستخدام سلاحي العصا والجزرة، وحرب الضرائب، ومنح أراضي وحقوق الشعب الفلسطيني للمستعمرين الإسرائيليين دون وجه حق سياسي او قانوني أو أخلاقي .. إلخ
إدارة مارقة ومجنونة ولدت لفناء البشرية، وللعبث بمصير أميركا نفسها وكوكب الأرض عموما بإسم الأساطير الخرافية، وتعاويذ شيطانية وسياسات خرقاء وماجنة. لا سيما وانها تقف فوق خزان نووي هائل، ومختبرات بيولوجية منتشرة في دول شتى من العالم، وقواعد عسكرية تغطي العالم من أقصاه إلى اقصاه، ولا يحكمها ضابط أخلاقي، ولا مواثيق وقوانين ومعاهدات أممية، وفي ذات الوقت محكومة بنواميس الشر والإرهاب مع جنون العظمة والنرجسية القاتلة الممزوجة بخلفية دينية أفنجليكانية.
قضية من قضايا العصر الأساسية يعمل ترامب وفريقه الصهيوأفنجليكاني المتصهين على تصفيتها بشكل معلن، وعلى الملأ، وأمام العالم كله، هي قضية فلسطين والسلام من خلال الشراكة المباشرة مع دولة الإستعمار الإسرائيلية عبر ما اطلق عليه "صفقة القرن"، التي اعلنها رسميا في 28 كانون ثاني/ يناير 2020 في البيت الأبيض مع شريكه نتنياهو. مما اطلق اليد الإستعمارية الصهيونية لمواصلة عملية التهويد والضم والأسرلة للإرض الفلسطينية العربية.
وتعزيزا لذلك صرح مايك بومبيو، وزير خارجية ترامب يوم الأربعاء الماضي الموافق 22/4/2020 للصحفيين تعليقا على ما تضمنه إتفاق نتنياهو وغانتس لتشكيل حكومة طوارىء يوم 20 إبريل الحالي، وتصدر بنود الإتفاق ضم الأغوار والقدس العاصمة الفلسطينية والأراضي المقامة عليها المستعمرات الإسرائيلية، حيث اكد رئيس الديبلوماسية الأميركية، أن قرار الضم للأرض الفلسطينية، هو "قرار الحكومة الإستعمارية"، وهي "صاحبة الشأن" في ذلك. ويأت هذا الموقف الصفيق والأرعن لدعم الحكومة الرأسين اليمينية المتطرفة الجديدة، وكتكريس لصفقة العار الأميركية، ولتعزيز الشراكة الترامبية النتنياهوية في تصفية القضية الفلسطينية، وبالتلازم معها تصفية قضية السلام، والقاء التراب على مرجعيات التسوية السياسية، وتوجيه لطمة قوية للشرعية الدولية، والإستهتار والإستخفاف بمكانة العرب عموما والفلسطينيين خصوصا، وعدم حسبان اية حساب لهم، وإعتبارهم رقما هامشيا، غير ذي شأن.
بديهي كل سياسة إدارة ترامب ومعها حكومة اليمين المتطرف الصهيوني لم تأت من فراغ، ولا إستنادا لوجود مخطط إستراتيجي صهيوني بتوسيع وتعميق عملية الأسرلة والضم لإرض فلسطين التاريخية، وتصفية قضية الشعب والهوية الوطنية فقط، انما بالإرتكاز إلى ضعف ووهن العوامل الذاتية الفلسطينية والعربية، وايضا لغياب عامل دولي قادر على كبح جماح التغول الصهيوأميركي.
فلسطين تعيش ازمة عميقة منذ الإنقلاب الحمساوي الأسود في حزيران/ يونيو 2007، وأدوات المواجهة الشعبية في تراجع، رغم الإنجازات السياسية والديبلوماسية للقيادة الفلسطينية، وعدم إقران القرارات بالفعل على الأرض، وعربيا حدث ولا حرج عن الثقوب الكبيرة في السياسات الرسمية، وتساوق البعض مع السياسات الأميركية الإسرائيلية وبشكل معلن، ودوليا غياب قطب دولي متبني للقضية الفلسطينية بشكل كامل، ومستعد لكبح السياسات الإستعمارية، وغياب إرادة دولية لتنفيذ اي من قرارات الأمم المتحدة، كلها صبت في صالح برنامج الأعداء.
مع ذلك الشعب العربي الفلسطيني وقيادته الشرعية في حال تم البدء بالتنفيذ الفوري لقرارات المجالس الوطني والمركزي، والعمل الفوري على فرض خيار الوحدة وطي صفحة الإنقلاب الأسود وبالتعاون مع مصر الشقيقة والعرب عموما، فإنها قادرة على إرغام إسرائيل ومن ورائها ترامب وفريقه بالتوقف عن سياسات العبث والضم والأسرلة، أضف إلى انها تستطيع الإستفادة من اللحظة الراهنة، التي تعيشها البشرية في زمن الكورونا، حيث تشهد مخاضا غير مسبوق من حوالي قرن مضى في عملية فك وتركيب وهيكلة العالم. آن الآوان لضخ الزخم في الحراك الوطني والقومي والأممي بتفعيل العامل الذاتي قبل اي شيء آخر.