بقلم / سري القدوة
إننا نشعر بالألم بسبب دخول شهر رمضان الكريم في ظل الظروف الاستثنائية التي تفرضها أزمة كورونا وفي ظل ظروف لا تتاح لنا فيها فرصة صلاة الجماعة وأداء التراويح والقيام في بيوت الله بسبب الإجراءات الاحترازية للمحافظة على أرواح الناس وصحتهم في مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد ومع حلول شهر رمضان المبارك يقف العالم الإسلامي أمام مفارقة صنعتها جائحة فيروس كورونا في توقيت صعب فقد فرضت الأزمة التباعد في الشهر الذي يكاد فيه التواصل والتقارب أن يكون من العبادات فالشهر الفضيل معروف أنه شهر التزاور الأسري والتجمع والتدبر في أمور الدين والعمل الخيري والصلاة إلا أن 1.8 مليار مسلم لا يمارسون خلال الشهر الفضيل ما كانوا يمارسونه سابقا ولم يشهدوا مثله من قبل في ضوء إغلاق المساجد وحظر التجول المفروض بسبب كورونا ومنع صلاة الجماعة حول العالم الإسلامي.
هذا العام لا يشبه الاعوام السابقة فمؤلم ما نعيشه ونشاهده من وقائع مختلفة أدت إلى خلق هذا التباعد المجتمعي وأضفت ملامح الوباء على العالم بأسره هاهو شهر رمضان الفضيل يحل علينا لكنه رمضان آخر غير كل الذين سبقوه في تاريخ البشرية المعاصر فلا أسواق مزدحمة ولا معالم للبهجة ولا مساجد تكتظ بالمصلين التي تعد المعلم الروحاني الأبرز للشهر الفضيل ولا موائد للرحمن تعكس نموذج التكافل الإنساني لقد غير كورونا كل شيء وجاء ليلقي بظلال الكئيبة على شهر كان يعمره البهجة والتعبد والتكافل الاجتماعي والإنساني.
وتأتي معظم تلك الإجراءات المعطلة لأنشطة رمضان الدينية استجابة لتوصيات منظمة الصحة العالمية التي حثت الدول الإسلامية على إعادة النظر بجدية في أي احتفالات دينية جماعية بهدف الحد من تفشي وباء كورونا وبكل المقاييس فان الجانب الروحي والديني ليس هو المتأثر الوحيد بكورونا فتأثرت مجمل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وكان لإجراءات مواجهة تفشي الوباء تأثيرا واضحا على مجمل الحياة البشرية ولكن خلال شهر رمضان كانت السمة الأساسية دوما وفي معظم البلدان هي التجمعات العائلية على ولائم الإفطار وتبادل الدعوات من قبل كل العائلات عبر امتداداتها الكبيرة وهو ما يبدو غير حاصل هذا العام أما موائد الرحمن وحيث كان الفقراء وعابرو السبيل يتجمعون لتناول الإفطار مجانا على نفقة اهل الخير فقد منعت أيضا.
وهنا تبرز أهمية التكافل الاجتماعي في شهر رمضان الكريم لان التكافل الاجتماعي هو سمة من سمات المجتمع القوي والمتماسك والذي يترجم بقيام المقتدرين مالياً بتقديم يد العون والمساعدة للضعفاء من الفقراء والأيتام والمرضى وشهر رمضان هو الفرصة الإلهية لتقوية الروابط الاجتماعية فالشهر الكريم هو التحدي الأكبر للإرادة البشريّة في الصّيام والقيام وعمل الخير فكيف يكون الخير والبر ليس بأَن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب بل هو بذل المال ممن آتاه الله مالا لمن لا مال له وتلك وصية الخالق عز وجل.
ان تلك الأيادي البيضاء التي تمد يدها لفعل الخير في ظل هذا الركود المجتمعي من اجل دعم الفقراء وتوصيل ما يمكن لخلق التكافل الاجتماعي هو واجب على كل مسلم في هذا الشهر الفضيل وخاصة في ظل وجود التباعد الاجتماعي فلا بد من مضاعفة عمل التكافل الاجتماعي والاهتمام بالآخرين ودعمهم وتعزيز صمودهم ومد يد العون للجميع من اجل تحدى هذا الوباء القاهر.