بقلم: عبد الناصر النجار
هل لديكم معلومات عن الراتب؟ متى سيصرف؟ هل هناك أزمة سيولة حقيقية أم أن الأزمة مفتعلة؟ هذه أسئلة من بين أخرى كثيرة نسمعها في التجمعات الصغيرة والكبيرة … المواطنون يعتبرون الصحافيين مصدر معلومات دون أن يدروا أن الصحافة المحلية مثلهم لا تملك إجابات عن هذه الأسئلة وغيرها من الأسئلة في الإطار نفسه، لأن عقدة الصحافة الأجنبية والإسرائيلية ما زالت تسيطر على كثيرين من صانعي القرار.
في التجمعات الحقيقية والافتراضية لا تخلو الأجواء حتى من نظرية المؤامرة.. وتسمع من التحليلات ما هو أقرب إلى الخيال.. من يتآمر على من؟ وكيف يتآمر؟ ومن هم المتآمرون؟ وما هي خفايا المؤامرات؟ أزمة الراتب المستعصية، أصبحت كأمراض الحساسية لها مواسم وليس لها علاج، وباتت الفضاء الواسع لنسج القصص.
الدردشات ذات قيمة عند كثيرين عندما يتعلق الأمر بالمال على وجه الخصوص، وهناك عشرات القصص عن المساعدات التي صرفت من صندوق وقفة عز.. قصص كثيرة انتشرت دون أن يكون لها أي مصدر معلومات رسمي أو مسؤول، وعندما لا يجد المواطن البسيط من يجيب عن أسئلته.. تسود الشائعة وتصبح أهم من المعلومة.
أهمية الراتب تكمن في تحريكه عجلة الاقتصاد، ومنذ عشرة أيام والبلد شبه متوقف تجارياً، والحركة التجارية تعاني كساداً يأتي بعد أشهر من إغلاق إجباري بسبب الـ «كورونا».. وأصبح التجار كمن يتكئ إلى عصا سليمان المنخورة كساداً، ومن لا يرى ذلك، وغير قادر على التنبؤ بنتائج هذا الوضع إذا ما استمر فهو فاقد البصيرة.
في قطاع غزة الوضع أسوأ بكثير، والحديث خلافاً عن الراتب يتمحور حول حقائب المال القطرية القادمة عبر مطار اللد، وهو مال بالمناسبة، حلال، كون الفتاوى جاهزة لتأكيد أنه مباح مائة بالمائة ما دامت الحقائب لم تفتح ولم تمسسها أيدي الاحتلال، كونها تمر بأمرهم فقط.. وأصبحت المائة دولار التي توزع هي المنقذ؟!!
هموم الناس لا تقتصر على الراتب، فهناك مشروع الضم الإسرائيلي، وماذا ستكون عليه الأوضاع، هناك عشرات الأسئلة أيضاً، تطرح دون إجابات، هذه الأسئلة تركها وقف التنسيق الأمني.. المشكلة أن هناك إجماعاً على أهمية وقف التنسيق الأمني.. وهو مطلب حتى لأولئك المزايدين على كل ما هو وطني ونضالي، الذين يمارسون بالخفاء ما هو أسوأ من التنسيق الأمني، ولكن بفتاوى التحليل، لكن اليوم هناك من يتذمر من النتائج الفجائية سواء على صعيد حركة المرور أو التصاريح، أو الحالات المرضية في المستشفيات الإسرائيلية أو المعابر وغير ذلك، نعم هناك البعض تأثر سلباً ولكن لا يوجد نضال دون ثمن.. وما زالت الطريق طويلة ومحطة الوصول إلى الميناء أبعد من التوقعات.
من الأسئلة المطروحة حول الضم، كيف سنواجه؟! والدردشات تدور بين الكفاح المسلح والمقاومة الشعبية وبين أقلية مستسلمة لم تعد ترى أن لدينا أوراقاً كثيرة، معتبرة أن الضم لا يختلف عن الاحتلال، وأن إسرائيل تفرض الأمر الواقع منذ العام ١٩٦٧بمنطق القوة العسكرية والتحالف مع أميركا والغرب.
ولكن هل خياراتنا لمقاومة الضم محدودة؟ طبعاً لا، ولا كبيرة، وكل ما نحتاجه هو إعادة الثقة إلى الشارع، وهو أقوى بكثير مما يعتقد البعض.
الإعلام العبري في تحليلاته يرى أن القاعدة الجماهيرية الفلسطينية منفصلة عن السلطة، ويعطي مثالاً على ذلك التظاهرة التي دعت إليها القوى الأسبوع الماضي وسط مدينة رام الله، التي كانت أضعف بكثير من التوقعات.
ونحن أيضاً نقول ليس الإعلام العبري الذي انتقد بل وسائل التواصل الاجتماعي ضجت بذلك، فهناك من أرفق صورتين، صورة لمسيرة الأسبوع الماضي ضد الضم، ومسيرة ضد قانون الضمان الاجتماعي قبل عام في المنطقة نفسها، دوار المنارة، في المسيرة الأولى خرج عشرات الآلاف، وفي مسيرة الأسبوع الماضي خرج المئات أو أقل.
سلطات الاحتلال مدعومة بإعلامها تحاول الاصطياد بالمياه العكرة، ربما نسيت الانتفاضة الأولى التي انطلقت في أعقاب حادث سير.
الشعب الفلسطيني أكثر من جاهز للتضحية في سبيل قضيته وأرضه، وفي اللحظة التي تعلن فيها إسرائيل عن الضم الفعلي فإنها فقط تطلق شرارة الانفجار.. وستجد أن كل مواطن فلسطيني لديه القدرة على التضحية، وربما ستفاجأ ليس كما تدعي بانفصال الشعب عن السلطة، ولكن بتقدم الجماهير كثيراً على قرارات السلطة، حينها سيدرك قادة الاحتلال مدى الجريمة التي ارتكبوها.
القضية الثالثة في حديث الناس هي بقايا الـ «كورونا» التي لم يعد للإجراءات الوقائية أي قيمة، وخير مثال على ذلك مجمع المحاكم في رام الله.. الواصل هناك يطلب منه إرتداء كمامة وقفازات، والكتبة على ناصية الشارع والأطفال يستغلون الوضع، فالكمامة والقفازات تباع بأضعاف ثمنها في السوق، ولكن ما إن يدخل المراجع إلى الداخل حتى يفاجأ بأن لا أحد يرتدي الكمامة أو القفازات.. ولسان حال الجميع يستهزئ بقرارات وتعليمات وقائية على الورق فقط.. وما دامت أدوات الوقاية لا تستخدم، فلنحافظ على أموال الناس من المستغلين؛ لأننا ما زلنا مستهترين وكأن الكورونا مجرد شائعة؟!!!
عن صحيفة الأيام
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"