شمس نيوز/ غزة
يقول السائل: هل يجوز ما قام به بعض الأهالي من الاعتراض والامتناع عن دفن من ماتوا بسبب كورونا؟.
الجواب من د. سميح حجاج: المتوفى بوباء "كورونا" شهيد عند الله؛ لأنه مبطون، والمبطون شهيد؛ لشدة ما يلقاه، من ألم ومعاناة، صابرًا محتسبًا على بلواه، حتى يلقى وجه الله، فحرمته عند الله أشد، وحقه على الناس أوجب، فإذا كان من الأطباء المرابطين، الذين يتعاملون مع المرضى والمصابين، ويضحون براحتهم وأرواحهم من أجل سلامة المواطنين، ويواجهون الخطر والموت في كل وقت وحين: فإنه أولى بالامتنان والاحترام، وأجدر بالإشادة والإكرام.
وإذا كان حقُّ الشهيد أعظمَ من حق غيره، فإن المشاركةَ في إيفاء حقوقه -من تكفين وتشييع ودفن وخلافه- أعظمُ أجرًا وأجزلُ ثوابًا عند الله تعالى، وذلك يقتضي أن التفريط فيه أشد إثمًا وأكبر جرمًا؛ لأن الغُنْم بالغرم، فإذا وصل التفريط إلى حد الاعتداء على حقه، ومحاولة منع دفنه في مدفنه، بل والتصدي لذلك والتجمهر له، من غير وازع من دين أو خلق أو ضمير أو مروءة أو نخوة أو شهامة أو إنسانية (تحت دعوى خوف العدوى الوبائية، مع أنه لا خوفَ مع الوسائل الوقائية): فإن هذا التصرف الأهوج - مع افتقاده أدنى ذرة وفاء لمن واجهوا الوباء، واتصافه بالخسة والنذالة مع ذوي الفداء والبسالة- يعد من الفساد والإفساد الذي يُضرَب على يد أصحابه، ويؤخذ كلٌّ منهم بما يستحقه من عقابه، حتى يُرحَمَ الخلقُ مِن شرِّهم، ويكون رَدْعُهم زجرًا لغيرهم، ومنعًا لمن تُسوِّل له نفسُه السَّيْرَ بسيرهم.
وعليه: فالتصدي بالتجمهر لمنع دفن المتوفين بمرض كورونا هو من الأفعال المحرمة الشنيعة، والمواقف المُشينة، والأساليب الغوغائية الخارجة عن مقتضى الإنسانية؛ لأن فيها تَعَدِّيًا على حقوق الآدمية، وفتحًا لباب فتنة وشر، ويجب على المواطنين التصدي لأصحابها، والأخذ على أيديهم بالحسم والحزم؛ إنكارًا لتصرفاتهم السيئة، التي لا تمتُّ بأدنى صلةٍ إلى دينٍ أو خلقٍ أو قِيَم؛ فالحذرُ من العدوى لا يكون ببثّ شائعات مغرضة لا زمام لها ولا خطام، بل لذلك وسائله التي بينها المختصون، ولا يجوز للإنسان أن يحرم أخاه، مِن حقٍّ منحه مولاه إياه، بأن يُدفن في أرض الله.
والله أعلم.