غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

ماجد الحرازين ..خلقٌ وجهادٌ قرآنيَّيْن

عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي أ. محمد حميد.jpg

بقلم/ أ. محمد حميد

لعله كان معاذ بن عفراء –رضي الله عنه-فارس بدر يوم التقيته في سجن النقب المركزي نهاية ثمانينيات القرن الماضي، فكيف لشبلٍ في مقتبل العمر لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره أن ينضم إلى قافلةٍ من المعتقلين البالغين، كيف لماجد الحرازين أن يخط اسمه مبكراً رغم صغر سنه ضمن أوائل المطلوبين للاحتلال من أنصار وكوادر حركة الجهاد الإسلامي الذين تمكن الاحتلال من اعتقالهم خلال حملة عسكرية استهدفت التنظيم في تلك الفترة.

لم أعد مستغرباً صغر سنه، بعد أن عرفت أنه الشهيد القائد/ ماجد الحرازين ابن العائلة الكريمةٍ السبّاقةٍ في البذل والعطاء والذي ترعرع في حي الشجاعية الذي كان باكورة العمل الحركي والجهادي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين في الانتفاضة الأولى، فكان من أوائل المنتمين إلى فكرة الشقاقي التي ارتكزت على فلسطين بكامل ترابها، وتسلحت بسنام الإسلام وجعلته متصدراً وسائلها، فآمن بفلسطين وآمن بالجهاد سبيلاً وحيداً لتحريرها، وشارك الشهداء عشقهم الشهادة، فآثرها على حياته حتى لقي الله شهيداً.

بدأ الشهيد القائد/ ماجد الحرازين مشواره الجهادي بالمشاركة في فعاليات الانتفاضة الأولى بإلقاء الحجارة على قوات الاحتلال الصهيوني وقواته العسكرية المنتشرة في قطاع غزة، وكان له جهدٌ بارزٌ في العمل التنظيمي لحركة الجهاد الإسلامي في منطقة شرق غزة، فساهم في توزيع منشورات الحركة في مساجد وأحياء منطقته، فكانت هذه النشاطات سبباً لاعتقاله الأول لمدة عشرة شهور، أُفْرج عنه بعدها ليكون أكثر إصراراً على طريق ذات الشوكة.

فبعيد اعتقاله الأول، انضم الشهيد القائد/ أبو مؤمن إلى الجهاز العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، فساهم في نقل السلاح والعتاد، وكذلك إجراء التدريبات على مختلف أنواع الأسلحة، مما تسبب في اعتقاله للمرة الثانية من قبل الاحتلال، ليُحْكَم عليه لاحقاً بالسجن النافذ لمدة خمس سنواتٍ قضاها متنقلاً بين سجن عسقلان وسجن نفحة، فعاش تجربة الأسر يافعاً وبالغاً، ورافق مئات الأسرى الذين أمضوا حياتهم خلف زنازين الاحتلال، ومنهم ما يزال يقبع خلف هذه الزنازين شامخاً، فأكسبوه حظاً عظيماً من إيمانهم وصبرهم وجلَدهم وشموخهم.

وبعد قضاء محكوميته، أُفْرج عن الشهيد/ أبي المؤمن منتصف تسعينيات القرن الماضي، فحاول إكمال دراسته الجامعية بالالتحاق بجامعة القدس المفتوحة، إلا أن داعيَ الجهاد حال دون ذلك، فما لبث إلا أن انشغل في عمله الجهادي، فكان من أوائل المنتسبين إلى سرايا القدس مطلع الألفية الجديدة، فتدرج في العمل في صفوفها، حتى أصبح أحد المقربين من الشهيد القائد/ مقلد حميد والشهيد القائد/ محمود جودة، ليحمل الراية بعد ترجل الشهيدين ويقود دفة سرايا القدس ويتبع سَنَنهم في تحقيق الإنجازات العسكرية الكبرى، فنُسِب له التخطيط لأكثر من عملية عسكرية ناجحة، مثل عملية بدر الكبرى وعملية الصيف الساخن وعملية إيلات "أم الرشراش"، والتي أسفرت جميعها عن مقتل وإصابة العشرات من جنود الاحتلال، كما شارك الشهيد في إطلاق مئات القذائف الصاروخية على مغتصبات الاحتلال البائدة في قطاع غزة.

ولأن عبق الشهادة لا يطيب له إلا أن ينتقي الأخيار، فقد تميز الشهيد القائد/ أبو مؤمن بسماتٍ وشمائلَ رفيعة لا تقل أهميةً عما عُرِف به من حنكة عسكرية، فقد كان حسن الخلق مع إخوانه وأحبابه، فكانت روحه مقيمةً معهم في أفراحكم وأتراحهم، لا يغفل عن ود أحدهم في المناسبات الاجتماعية رغم انشغالاته في العمل الخاص وظروفه الأمنية المعقدة، ومما أذكر له تعاطيه الحَلِم مع أحد الإخوة الذي بادره بعتابٍ وصراخٍ، فلم يكن منه إلا أن ترك للأخ مساحةً واسعة من التعبير عن غضبه، فلم يقم بقمعه أو الحجر على عتابه.

ولأن أيام العشر من ذي الحجة لا يعدل العمل الصالح فيهن إلا عمل رجلٍ خرج فيهن مفتدياً نفسه وماله في سبيل الله، كتب الله –تعالى- أن يرتقي الشهيد القائد/ أبو مؤمن فيها، ففي منتصف ديسمبر عام 2007 الموافق ليوم التروية من ذلك العام، وقبل يومين من عيد الأضحى المبارك، تمكنت طائرات الاحتلال من رصد السيارة التي كان يستقلها الشهيد القائد/ ماجد الحرازين، ولدى وصوله منطقة الرمال في مدينة غزة، باغتته طائرات الاحتلال بصواريخها الحاقدة ما أدى إلى استشهاده واستشهاد رفيقه الشهيد القائد/ جهاد ضاهر أحد قادة سرايا القدس في منطقة الكرامة شمالي مدينة غزة، ليطويا معاً مرحلةً طويلةً من العمل الجهادي المقاوم، رحم الله الشهيدين القائدين وجميع الشهداء وتقبلهم فيمن عنده وألهم ذويهم الصبر والسلوان، وهدانا إلى اقتفاء آثارهم والتزام طريق الحق والجهاد.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".