بقلم/ أحمد زقوت
إجمالًا أن ما نراه اليوم في المشهد الأمريكي هي النهاية السياسية الحقيقة للرئيس دونالد ترامب المنتهية ولايته، وهذا عكس ما يسعى إليه بتأكيد صورته أنه الرئيس الفائز في الانتخابات الأخيرة خلال العام الماضي 2020م ويدعى "سرقة للانتخابات وتزوريها"، وأن مُؤيديه أقوياء وقادرون على التغيير وعلى تحقيق ما يُريده، لكن الخوف هنا من سُقوط أمريكا ودُخولها وفي حالة الفوضى كبيرة.
الديمُقراطية الأميركية تعرضت لهُجوم غير مسبوق خلال السنوات الأربعة الأخيرة مع وجود رئيس يميلُ إلى الشعوبية الاستبدادية، فقد أظهر ترامب الشُقوق الخفية التي كانت موجودة دائما في الشارع الأمريكي التي كشفها ليراها الجميع، ومُلطخًا الصورة الديمقراطية التي ظلت طويلًا مصدر فخر الأميركيين، بإظهاره الموقف المُناقض لديمُقراطيتها بإثارة الفوضى في البلاد، بسبب إصراره على رأيه في الانتخابات أنه المُنتصر.
وهذا ما توقعتهُ بمقالي المُسبق حول "نتائج الانتخابات الأمريكية هل تُشعلُ حربًا أهلية؟" وحصل فعلًا يوم أمس، والذي كتبتُه خلال فترة التصويت للانتخابات الرئاسية التي تشهدُها البلاد، والذي كتبت فيه" يبدو أننا مقبلون على سيناريو أكثر خُطورة ألا وهو الفوضى والعنف، بسبب تمسُّك ترامب بإعلان الانتصار، وإرجاعه أصل المُشكلة إلى طريقة التصويت والفرز".
التظاهُرات والاقتحامات لـ "الكونغرس" تُظهرُ مستوى وحجم الاحتقان في الشارع الأميركي، وهذا الأمر المُؤثر سلبيًا سيزيد من التعقيد والغمُوض في الساحة ويكشفُ عن عُمق الأزمة السياسية التي كرست الهوة داخل المجتمع، والتي زادت انقسامُه عموديًا وأيديولوجيًا وعقائديًا، وهذا ما يُؤسس إلى تحديات مختلفة مثل "الانقسام الشعبي"، والاقتصاد، وجائحة فيروس كورونا "كوفيد19".
ما يحدُثُ الآن هي حالة تاريخية لحظية عُنوانها ترامب في موقع يُمكنُهُ من ارتكاب مثل هذه الأمور، وهو لا يمتنع عن استخدام كل ما لديه من الأدوات لتحقيق أهدافه السياسية، ولديه من الأنصار الكثيرون على استعداد للاستماع له وتصديق مزاعمه حتى لو كانت المُؤشرات كاذبة لكنهم يصدُقونه، كما شهدنا من خلال الانتخابات الماضية
ترامب بالفعل استطاع الإساءة للولايات المتحدة الأمريكية وتاريخُها وديمُقراطيتها، وذلك بما شهدناه على أرض الواقع، أن ما يحدث في الولايات المتحدة هذه الأيام هو ذاتُه الذي يحدث في إحدى دول العالم الثالث أو الدول الدكتاتورية وليس في دولة تفتخر دومًا بأنها أكبرُ وأضخمُ ديمُقراطية في العالم، تدخل الولايات في اختبار حقيقي لديمُقراطيتها ومبادئها وقيمها، من المؤكد أن المظاهرات لن تفعل شيئا لزعزعة الانتقال السلمي للسلطة، لأنها في يد الحكومة الأميركية، وليس في يد الرئيس، ترامب ليس خسر الانتخابات فقط بل أيضًا تورط في تشجيع العنف في الولايات المتحدة، حيث هناك 70 مليون ناخب له، وأما الحزبُ الجمهوريُ بات يفقدُ أرضيتهُ لدي الجمهور بسبب الانقسامات الموجودة داخلهُ نتيجة لسياسات ترامب.
حقيقةً لم يكُن يوم 6 يناير كغيره من الأيام السابقة في التاريخ الأميركي المُمتد لما يقرب من 240 عامًا، هذا اليوم الذي يُعتبرُ استثنائيًا بسبب استمرار رفض ترامب لنتائج الانتخابات وتمسُكه بمزاعمه أنهُ الفائز، وتشجيع مُؤيديه على التجمُع في واشنطن في ذلك اليوم عبر تغريدة نشرها في 31/12/2020م، في مُحاولة أخيرة للضغط على الكونغرس من أجل عدم المصادقة على فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية.