شمس نيوز/ عمر اللوح
لم يبقِ الحصار الخانق على قطاع غزة، وظلم ذوي القربى، سبيلا حلالا لسكان القطاع الذين باتوا قاب قوسين أو أدنى من الهلاك، فلجأ العشرات، إن لم يكن المئات، للاقتراض من البنوك والمؤسسات الربوية، ليتدبروا أمورهم، كالذي أصابته جنابة، فاغتسل بـ"البول"!!.
المواطن (خليل.ل) ( 32 عاماً ) يوضح أنه اضطر لأخذ قرض ربوي من إحدى المؤسسات بقيمة 1000دولار على أن يسدده بالتقسيط لمدة 18 شهرا، وبفائدة ربوية 200 دولار،بعد أن أحضر كفيلين من موظفي السلطة.
وقال لـ"شمس نيوز": ما دفعني إلى فعل ذلك هو عدم توفر فرصة عمل طيلة سبع سنوات منذ ان فرض الحصار الجائر على القطاع وتوقفي عن العمل في مهنة الخياطة".
وتابع خليل: بعد أخذ هذا المبلغ قمت بفتح محل صغير لبيع الخضروات والفواكه أمام منزلي رغم وجود العديد من محلات الخضروات في المنطقة، ولكنني معروف لدى أهل الحي وجميعهم يشترون مني، والحمدلله الأمور تسير على ما يرام، وأدفع القسط الشهري، وأتمنى أن يزيد البيع حتى لا احتاج لقرض آخر في المستقبل".
واستدرك قائلاً: أعلم علم اليقين أن ما فعلته هو الربا بعينه وأنه مخالف للإسلام، ولكن الأوضاع صعبة وقاسية، وفي هذا الزمن لا يوجد أحد يداين أحدا قرشا واحدا، وأعيل عائلة مكونة من ثمانية أفراد غير أهلي الذين يسكنون معي، وأنا المعيل الوحيد لهم، فمن أين سوف أحضر لهم الطعام والملابس واشتري لهم الدواء وأنا لا اعمل ولا أملك شيكلا واحدا في جيبي؟".
الظروف القاسية دفعتني لذلك
المواطن (محمد.ح) ( 41 عاماً ) الذي يعمل موظفا ولا يتقاضى راتبا، لم يكن حاله يختلف كثيرًا، فقد آثر هو الآخر اخذ قرض ربوي، ليقول متحدثا لــ"شمس نيوز": أعمل ولا أتقاضى راتبا، وفي نفس الوقت لا أستطيع أن اترك عملي رغم عدم تلقي الراتب، لأن المكان الذي أعمل به يخدم فئة كبيرة من الناس المحتاجة ولا أستطيع تركه لأي سبب كان".
ويكمل بالقول: أعيل أسرتي وأعيش بالإيجار، وصاحب المنزل يهددني بالطرد، وأولادي لا يزالون صغارا وطلباتهم تكثر ولا أستطيع أن ارفضها لأنهم لا يعرفون شيئا عن واقعنا المرير، فاضطررت لأخذ قرض ربوي من أحد البنوك بقيمة 2000دولار على أن أسدد هذا المبلغ بالتقسيط خلال عامين وبفائدة ربوية".
ويكمل محمد حديثه: حاولت الاقتراض من عشرات الأصحاب والأقارب، لكن أحدا لم يعرني اهتماما، وبعد أن أغلقت كل الأبواب أمامي كان البنك الخيار الوحيد".
وختم حديثه بقول:" حسبي الله ونعم الوكيل على من كان السبب في ذلك ودفعنا للتعامل بالربا".
يعيش على القروض
أما (خالد.ص)، فيستذكر حاله قبل سبع سنوات، حيث كان يملك عددا من المحلات التجارية لبيع الملابس ويسكن في منزل أخواله المقيمين خارج البلد، ولكن بعد فترة من الزمن عادوا وطلبوا منه أن يخلي المنزل أو يشتريه لأنهم يريدون بيعه، حيث كان بأمسّ الحاجة إلى المال، فقام ببيع كافة محلاته التجارية مقابل شراء المنزل على أمل أن يبدأ من جديد ببيع الملابس من خلال بسطة، ولكن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن، ولم ينجح مشروع البسطة.
وقال خالد لـ"شمس نيوز": نفدت كل الأموال التي كانت معي، وأنا أعيل أسرتي وأسرة أخي الذي كان يعاني من مرض وتوفاه الله، وبعد تفكير قررت أن آخذ قرضا من أحد الأشخاص بقيمة 5000 شيكل وأفتح مصلحة لي مقابل أن أسدد 6000 شيكل بعد تسعة شهور".
وأضاف: فتحت بسطة لبيع بعض حاجيات الأطفال أمام أحد أبواب المدارس بهذا المبلغ ولكن للأسف بعد عملي لمدة خمسة شهور أقدمت البلدية على إزالة هذه البسطة، فخسرت البسطة وطلب مني صاحب المال الدفع، فلم أستطع، فأبلغ عني الشرطة وحبسني، وبعدها توسط أحد الأشخاص وتنازل عن الشكوى".
واستطرد بالقول: بعدها أخذت قرضا ربويا من أحد البنوك بقيمة 1400 دولار، على أن أسدده خلال عام، واشتريت بعض مقتنيات البيوت، وكلما نفد المال أخذت قرضا آخر، وهكذا أصبحت حياتي".
حرام بكل الحالات
وفي ذات السياق أوضح عضو لجنة الإفتاء بالجامعة الاسلامية الدكتور صادق قنديل لــ" شمس نيوز " أن الحكم الشرعي في مسألة الاقتراض أنه حرام في الشريعة الإسلامية وكافة الديانات السماوية حتى لو كان القرض للحاجة الماسة، وثبت ذلك بالنصوص الشرعية القطعية، مشدداً على أن الله تعالى توعد من يتعامل بالربا بالهلاك في قوله: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ).
وبيّن د.قنديل لـ"شمس نيوز" أنه لا يجوز اللجوء للقروض في حالة الاضطرار حتى لو كانت هناك ضرورة "لأن الضرورة تخضع لموازين الشرع لا للهوى الفردي، كما أن الفرد سيعقبه شعور بعدم الرضا والسعادة والخوف من عقاب الله تعالى وقد يزداد وضع المقترض سوءً لقوله تعالى:(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)".
وأضاف: القروض نوعان، منها ربوي، أي أن يعطي شخص لآخر مبلغا من المال ويشترط عليه أن يرده بزيادة، فهذا ربا محرم, وهناك قرض حسن وهو أن يعطي فلان مبلغاً لآخر قربة لوجه الله تعالي ويرده بنفس القيمة دون زيادة أو نقصان، فهذا جائز من الناحية الشرعية".
وأكد د.قنديل أنه ليس للمسلم سواء كان غنياً أو فقيراً أن يقترض من البنوك أو المؤسسات الربوية الأخرى، لأن الله تعالى أغناه عن ذلك بما شرعه من طرق لكسب الحلال من خلال العمل في مختلف المهن سواء كانت الكبيرة أو الصغيرة، موضحا أن من يخالف الله سبحانه وتعالى سيكون له عقاب في الدنيا وهو القلق وعواقب في الآخرة وهى نار جهنم.