عدسة/ حسن الجدي
يشتكي طه الحطاب صاحب أحد أكبر مصانع إنتاج الفحم في قطاع غزة من انخفاض الطلب على الفحم المحلي بسبب الأسعار التنافسية للفحم المستورد.
مصنع الحطاب للفحم، أكبر منتج في قطاع غزة، يعمل فيه ثمانية عمال على مدار العام، لا سيما خلال فترات الشتاء والعطلات التي يرتفع فيها الطلب على الفحم.
وعن مراحل تصنيع الفحم يوضح الحطاب قائلاً "يُقطع العمال أنواعاً مختلفة من الأشجار الصالحة لصناعة الفحم، منها الحمضيات التي تكون أغلى ثمناَ. لكن عمال الحطاب يستخدمون أنواعاً مختلفة من الخشب ولا يركزون على نوع واحد".
بعد جمع الأخشاب يقوم العمال بوضعها في تجويف بالأرض وترتيبها بشكل “هرمي”، بطريقة لا تسمح بدخول الأكسجين إليها، ثم تُطمر بالرمال والقش.
بعد ذلك، تُضرم النار في الهرم، وتستمر عملية الإحتراق من الداخل عدة أيام. خلال هذه الفترة، على العمال التحكم بعملية الحرق من خلال ترطيب الهرم بالماء بانتظام. وعندما تهدأ النار، تُزال الرمال، ويترك الخشب المحترق مكشوفاً لمدة 6 أيام.
يجمع الفحم الخام لتنظيفه، وينتج المصنع بين 80 إلى 90 طناً من الفحم سنويا. وفي نهاية عملية الإنتاج، يمكن للزبائن شراء أكياس الفحم مباشرة من المصنع.
يباع الكيلوغرام الواحد مقابل 1.50 دولار أمريكي في الموقع و 2.50 دولار أمريكي في الأسواق.
ولا يتوقف الحطاب البتة عن إشباع غريزة عماله داخل مفحمته شرق غزة من النكات والاهازيع وذلك لبث النشاط في أجسامهم وعقولهم وليتمكن من إنجاز عمله اليومي على الوجه الصحيح ولدرأ تعب ومشاق المهنة.
ويتميز الفحم المحلي عن غيره من الفحم من ناحية الجودة (قوي - متماسك – يشتعل بصورة أكبر من قرينه المستهلك – خالي من الشوائب والأتربة – علاوة على أنه يدعم المنتج الوطني).
ويقول الحطاب عن أصالة المهنة :"لقد توارثنا مهنة الحطابة والتفحيم عن أجدادنا، إذ كان والدي الحاج (علي الحطاب) يعمل في ذات المهنة، التي توارثها هو الآخر عن أجداده من مدينة يافا، وعمل طوال فترة حياته فيها، ثم نقلها لنا".
عمل التفحيم رغم سهولة خطواته ومراحله إلا أنه ينضوي على مخاطر عدة أبرزها "نشوب حرائق وفساد عملية التصنيع"، وإصابة بعض العمال بالاختناقات، وهي بحاجة إلى مراس وخبرة لتفادي تلك المخاطر.
عرفت صناعة الفحم النباتي في فلسطين في أوائل العهد العثماني، وتركزت هذه الصناعة في بلدة يعبد جنوب غرب مدينة جنين؛ لما كانت تتمتع به المنطقة من وفرة الغابات والأشجار الحرجية في جبالها وتلالها المحيطة، وخاصة أشجار السنديان والبلوط والسريس والبطم والخروب والصنوبر؛ حيث إن غابة "العمرة" القريبة من يعبد ما زالت ماثلة للعيان حتى أيامنا هذه.
وكانت عملية التسويق تتم في المدن الرئيسية مثل يافا وحيفا والقدس ونابلس. وقد عمد الإنسان الفلسطيني في ذلك الوقت على حرق جذوع الأشجار وأخشابها للحصول على الفحم للتدفئة وطهي الطعام وصناعة الصابون والحلويات. وكان الحطابون ينقلون الأخشاب على الجمال وعربات الخيل، ثم يجري حرقها بطرق بدائية لتحويلها إلى فحم بعد طمرها بالتراب؛ فراجت تجارة الفحم بين عامي 1880 و1948م.