غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

دعا لإستراتيجية مبنية على المقاومة

عطايا: تحقيق الوحدة الوطنية على قاعدة مقاومة الاحتلال يفشل المخطط الصهيوني

احسان عطايا.jpg
شمس نيوز - متابعة

مُداخلة الأستاذ إحسان عطايا في مؤتمر الحوار الوطني لفلسطيني الخارج:

الثوابت والحوار الوطني الفلسطيني

عندما نقارب مسار الحوار الوطني الفلسطيني مع المحافظة على الثوابت الوطنية، نجد أنفسنا أمام عقبة كأداء يصعب تجاوزها، ولا سيما أن أطراف الحوار لا يجمعون على مشروع وطني مشترك قوامه المقاومة والكفاح المسلح من أجل تحرير فلسطين وعودة اللاجئين إلى ديارهم، وإقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة على كل الأرض الفلسطينية وعاصمتها القدس.

من هنا نستطيع القول إن الحوار الوطني الفلسطيني متعثر دائمًا، ولم يصل إلى ما يطمح إليه الشعب الفلسطيني ويعول عليه الآمال، وكان يصطدم بجدار صلب يتمثل بعدم سماح الكيان الصهيوني لقيادة السلطة الفلسطينية أن تتجاوز الخطوط الحمر بالتفاهم مع مكونات الشعب الفلسطيني ومقاومته، لأن هذا التفاهم من شأنه بث الروح الثورية في الشارع الفلسطيني، وانطلاق انتفاضة شاملة ومقاومة واسعة في الضفة الغربية والقدس والأراضي المحتلة عام 48، وهذا ما يخشاه العدو ولا تجرؤ عليه السلطة، لأنها بذلك ستقوض ما أنتجه اتفاق أوسلو، وسيعود زمام المبادرة إلى المقاومة بمختلف أشكالها.

وإذا ما استعرضنا الواقع الفلسطيني منذ بدء الثورة الفلسطينية حتى يومنا هذا، نجد أن القضية الفلسطينية قد مرت بمراحل خطيرة جدًّا، ومؤامرات خبيثة استهدفت وحدة الشعب الفلسطيني وفصائل مقاومته، وسعت إلى ترسيخ كيان الاحتلال وتثبيته، وإفراغ فلسطين من سكانها الأصليين، وإحلال اليهود الذين استقدموا من مختلف أنحاء العالم مكانهم. وقد عمل العدو خلال هذه الفترة على تهويد الأرض الفلسطينية، واستخدام من تبقى من الفلسطينيين كأيدٍ عاملة تخدم كيانه وتلبي حاجته.

حركات المقاومة استطاعت أن تحقق إنجازات مهمة على صعيد المواجهة مع جيش الاحتلال المدجج بأحدث الأسلحة، واستطاعت أيضًا أن تراكم من عناصر قوتها التي شكلت عائقًا أمام الاحتلال لاستكمال مشروعه العدواني بسهولة ويسر

وعلى الرغم من هذا التراجع الملحوظ في مسار القضية الفلسطينية، إلا أن حركات المقاومة استطاعت أن تحقق إنجازات مهمة على صعيد المواجهة مع جيش الاحتلال المدجج بأحدث الأسلحة، واستطاعت أيضًا أن تراكم من عناصر قوتها التي شكلت عائقًا أمام الاحتلال لاستكمال مشروعه العدواني بسهولة ويسر. وهنا يتجلى نموذج غزة التي اندحر العدو منها بفعل ضربات المقاومين، وعملياتهم البطولية، واستبسالهم في مواجهة جنوده، وقد وصلت إلى مرحلة امتلكت فيها القدرة على تصنيع السلاح والصواريخ التي أصبحت رادعًا جديًا للكيان الصهيوني، تؤلمه وتهشم صورته وتضرب منظومته الأمنية والعسكرية، ما جعلها قادرة على تحقيق توازن رعب مع الجيش الذي كان يروج له بأنه لا يقهر، على الرغم من الحصار الخانق والظالم عليها طيلة هذه الفترة.

وبناء عليه، سنستعرض الأمور الآتية:

أولاً: الثوابت الوطنية الفلسطينية:

الثوابت الوطنية التي ينبغي على جميع الفصائل الفلسطينية الالتزام بها، واعتبارها خطوطًا حمراء يمنع تجاوزها، هي بحسب قناعتنا تتجلى في أبرز المبادئ والأسس الآتية:

1- فلسطين وطن الشعب الفلسطيني، وهي جزء لا يتجزأ من الوطن العربي والإسلامي، وليس للعدو الصهيوني أي حق بإقامة كيان عليها، وإن ارتكاب المجازر من قبل عصاباته، وقتل الفلسطينيين، وطردهم من بيوتهم وممتلكاتهم، واقتلاعهم من أرضهم بقوة السلاح والإرهاب، لا يلغي حقهم الشرعي والثابت وغير القابل للتصرف على كامل الأرض الفلسطينية.

2- مدينة القدس، بجميع مقدساتها، هي قلب فلسطين وعاصمتها، ولا يحق لأحد المساومة عليها، أو التنازل عن أي جزء منها.

3- رفض الاحتلال الصهيوني بكل تفاصيله، ومقاومته بجميع أشكال المقاومة وأساليبها، وعلى رأسها الكفاح المسلح، لتحرير كامل التراب الفلسطيني واستعادة الحقوق المسلوبة.

4- رفض الاعتراف بالكيان الصهيوني على أرض فلسطين، وعدم الصلح أو التفاوض معه، لأن حقنا في فلسطين حق مطلق غير قابل للتجزئة أو المساومة.

5- رفض جميع المشاريع والقرارات التي صدرت عن دول أو هيئات دولية، لإقامة وطن أو كيان سياسي لليهود في فلسطين، واعتبارها باطلة هي وكل ما ترتب عليها، منذ صدورها حتى قادم الأيام.

6- السعي الدائم لتحقيق الوحدة الفلسطينية على برنامج وطني يتفق عليه الجميع أساسه المقاومة.

7- عدم السماح لاشتعال الفتن بين مكونات شعبنا وفصائله، أو الاقتتال الداخلي، لأن ذلك يصب في خدمة الاحتلال ومشروعه التهويدي الرامي إلى شطب هوية فلسطين العربية، وتذويب اللاجئين الفلسطينيين في بقاع شتى من العالم، وإلغاء حقوقهم التاريخية.

8- حق العودة للشعب الفلسطيني إلى أرضه ودياره وممتلكاته، هو حق فردي وجماعي، لا يسقط بالتقادم، ولا يجوز التنازل عنه، أو تجزئته، أو المساومة عليه، ولا يحق لأية جهة المساس به أو التصرف فيه.

ثانيًا: الحوار الوطني الفلسطيني:

بداية لا بد من الإشارة إلى ضرورة الاستفادة من التجارب السابقة التي أثبتت أن نهج المقاومة هو الأجدى من أجل التحرير، وليس المفاوضات والتسويات. وقد تأكد ذلك في تحرير المقاومة اللبنانية لجنوب لبنان من الاحتلال الصهيوني، وفي تحرير المقاومة الفلسطينية لقطاع غزة من جيش الاحتلال ومستوطنيه. بينما اتفاق أوسلو لم يحرر الضفة الغربية والقدس، بل زاد من نسبة قضم الأراضي وضاعف من أعداد المستوطنين.

من خلال هذه القناعة نستطيع أن نؤسس لحوار وطني فلسطيني هادف وبناء، يستفيد من عناصر القوة التي تمتلكها مكوناته، والذي من المفترض أن يقوم على أساس:

1- احترام الرأي الآخر.

2- مناقشة كل القضايا المتعلقة بفلسطين بصراحة وشفافية.

3- الالتزام بآداب الحوار وروحية العلاقة الإنسانية التي تجمع شعبنا الفلسطيني بكل مكوناته وأطيافه وأديانه...

4- أن تكون جلسات الحوار مفتوحة ويشارك فيها الجميع من دون أية تحفظات.

5- أن يجتمع الفرقاء على طاولة الحوار من دون الحاجة إلى رعاية خارجية أو دولية.

6- عدم السماح لأية ضغوط خارجية من إعاقة الحوار، والإصرار على التوافق فيما بين الأفرقاء على كل ما يتم طرحه على الطاولة، من خلال تدوير الزوايا في الأمور التكتيكية، وعدم تجاوز الثوابت في الأمور الإستراتيجية.

7- التحلل من أي التزام يعيق الحوار، ويمنع وصوله إلى وحدة وطنية جامعة.

8- أن يقيم كل طرف المرحلة الماضية، ويعترف بأخطائه، ويؤمن بالشراكة مع الأطراف الأخرى كوسيلة ملزمة لتحقيق الأهداف المرجوة.

ثالثًا: الثوابت والحوار الوطني الفلسطيني

الحوار الوطني الفلسطيني مطلب ملح وضروري لا يحول دونه التمسك بالثوابت والمبادئ، لأن المستفيد الوحيد من شرذمتنا هو عدونا، ولا يمكن لذي لب أن يمتنع عن حضور جلسات الحوار إذا كان لديه حس وطني وضمير حي، وبعبارة أخرى لا يمكن لأي مكون فلسطيني وطني أن يرفض اللقاء والتحاور مع غيره من المكونات الفلسطينية الأخرى. لأن مصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته اليوم على المحك، وعندما نشاهد الواقع العربي المرير المهرول نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني ندرك أن السبل تتقطع بنا، وما علينا إلا التلاقي ورص الصفوف، وتحصين ساحتنا التي أصبحت مكشوفة بفعل التخلي العربي الرسمي عن قضيتنا وذهابه إلى حلف الأعداء.

كما أن طبيعة المرحلة التي نعيشها تتطلب منا أن نتعالى على ذواتنا الشخصية والحزبية، ونضع نصب أعيننا أن فلسطين ما زالت محتلة، وأن العدو الصهيوني هو الذي يملك السيادة، ويتصرف بالأرض كما يشاء، وبالتالي أي نزاع أو انقسام داخلي لا يخدم سوى العدو، ولا سيما أننا في مرحلة كفاح وطني من أجل تحرير الأرض، واسترداد الحقوق.

من هنا نستطيع القول إن طبيعة هذه المرحلة، هي التي تحدد طبيعة المشروع الوطني الفلسطيني، وتحدد شكل النضال وأدواته الملائمة، ضد العدو المستمر في نهب الأرض وتهويدها، وتشريد أصحابها وتهجيرهم، وهي التي تنظم العلاقة بين مكونات الحركة الوطنية الفلسطينية.

المشروع الوطني الفلسطيني الأصيل هو مشروع تحرير كل فلسطين، من خلال إستراتيجية مبنية على أساس المقاومة بكافة الوسائل المتاحة. ولا يجوز التحول عن نهج المقاومة إلى نهج المساومة على الأرض والحقوق، وخلق أولويات بديلة، كالصراع على سلطة الحكم الذاتي

وبناء عليه، فإن المشروع الوطني الفلسطيني الأصيل هو مشروع تحرير كل فلسطين، من خلال إستراتيجية مبنية على أساس المقاومة بكافة الوسائل المتاحة. ولا يجوز التحول عن نهج المقاومة إلى نهج المساومة على الأرض والحقوق، وخلق أولويات بديلة، كالصراع على سلطة الحكم الذاتي واختزال الشراكة الوطنية في التنافس الانتخابي على التمثيل في مجلس تشريعي محكوم بسقف أوسلو تحت حراب الاحتلال، بما يحرف كفاحنا ونضالنا عن وجهته الصحيحة، ويصرف شعبنا الصامد والمضحي عن واجب المقاومة والتحرير.

رابعًا: الوحدة الوطنية الفلسطينية

تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية على قاعدة مقاومة الاحتلال، يفشل المخطط الصهيوني الذي يهدف إلى تحويل الصراع، من صراع بين الشعب الفلسطيني والعدو المحتل، إلى صراع داخلي بين الفلسطينيين أنفسهم.

كما أن تحقيق الوحدة لا يعني إلغاء الاختلاف في الرؤى، والتباين في الأهداف والوسائل، فيما بين القوى والفصائل الفلسطينية، بل يهدف إلى إرساء العمل الوطني عبر اللقاء على القواسم المشتركة، من أجل حماية الثوابت الوطنية، ومواجهة مشاريع تصفية القضية الفلسطينية.

الشراكة الوطنية الحقيقية تسمح للجميع أن يساهم في صنع القرار الوطني المستند إلى حق الشعب الفلسطيني في تحرير وطنه فلسطين

ولذلك فإن الشراكة الوطنية الحقيقية تسمح للجميع أن يساهم في صنع القرار الوطني المستند إلى حق الشعب الفلسطيني في تحرير وطنه فلسطين. وهذا يتطلب إعادة بناء المؤسسات الوطنية الفلسطينية وتأطيرها، بما يتلاءم مع هذه المرحلة التاريخية من التحرر الوطني، ويجسد وحدة الأرض والشعب في مواجهة الاحتلال.

من هنا نؤكد على ضرورة التعاون والتنسيق بين قوى المقاومة وفصائلها، وتوحيد جهودها، وتعزيز تحالفها، وتبادل خبراتها، من أجل تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني وآماله وتطلعاته.