غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر هل تحــل لعنة ( توت – عنخ – آمون ) على التعيس الذي دمّــر قناعه الذهبي ؟!

( 1 )

لا تفتــح التــابوت !

سيذبح المــوت بجنــاحيه كُـــل من يبدد ســلام مرقــد الفــرعون !

كانت هذه هي الجملــة الإفتتــاحية الأولى التى قابلت حشــداً من علمــاء الآثار البريطـانيين ، على رأسهم اللورد ( كارنارفون ) و اللورد ( كــارتر ) اللذين خلدهما التاريخ فيمــا بعد بأنهمــا مُكتشــفي مقــبرة الفرعون المصــري الشــاب ( توت – عنـــخ – آمون ) .. أحد أبــرز الفراعنة المصــريين ، ربمـا أكثرهم شهــرة على الإطــلاق ..

1

مقبــرة توت عنخ آمون .. لاحظ الرسومات محتفظة بألوانها كلها تقريباً بدون خدوش أو آثار تخريب واضحة..

مقبــرة ( توت – عنخ – آمون )  تحديداً تعتبــر من أهم الإكتشافات الأثــرية فى مصــر على الإطلاق ، والتى تم بناءاً عليهــا فك الكثير جداً من ألغاز الحضــارة المصــرية القديمة ، لأنها لم تُمــسّ ، ولم يصلها اللصــوص أبداً – بعكــس بقيــة المقابر الفرعونيــة – وحتى الألوان والرســومات والنقــوش الهيــروغليفية داخل المقبـــرة بقيت كمــا هي ، كأنها رُسمت منذ عــام واحد .. وليس منذ أكثر من 3000 عام !

والحقيقــة أن جدران هذه المقبــرة المُبهرة كانت مثل غيرها من مقابر الفراعنة تعج بالتعاويذ التى تنذر اللصوص والمُقتحمين ومُدنسي المقابــر بالويـــل .. إلا أنها – هكذا لوحظ – تعــج بالتهديدات أكثر من اللازم .. وهي طبعـاً أمور ليست بالأشياء المُشجعة التى تجعـــل السادة العلمــاء مُرتــاحين وهادئي الأعصاب تماماً ، عندما يــرونها حولهم طوال الوقت..

أنا حــامي مقبـــرة الفرعون الذي يُرهب اللصــوص مُستعينــا بلهيــب الصحــراء !

تعويذة أخــرى في جدار آخر واجــه الســادة العلمــاء الإنجليـــز ذوي القبّعــات السوداء .. ورغم أنها واضحــة المعنــى تماماً ، إلا أنهم – فيمــا يبدو – أصــرّوا على إكمــال ما بدؤوه من إستشكــاف مقبــرة الملك ، لدرجــة إخفــاء هذه النقــوش في الجدران عن العُمــّال حتى لا يصيبهم الذعــر ..

2

اللورد كارتر برفقة عــامل مصــري يتفحصــان الموميــاء بعد اكتشافها سنة 1922..

تم إكتشــاف المقبــرة وفتحهــا فى التاسع والعشــرين من نوفمبــر سنة 1922 م ، والإعلان عن هذا الحدث الأثــري المُهم الذي شارك فيه العلماء البريطانيين والمصــريين .. وبدا الأمــر أنه إكتشــاف أثــري آخـــر ، مثل أية إكتشافات أخــرى ..

ولكن هذه المقبــرة تحديدا كانت تحمل الكثير جداً من المــرح لكل مُكتشفيهــا !

( 2 )

الصــدف لهــا قوانينها وحدودها !

بعد فتح المقبرة بـ 4 أشهــر توفي اللورد كارنارفون في القاهرة بحمى غامضة أثارت حيرة الاطباء ، في نفس الوقت الذي إنقطع فيه التيار الكهربي عن القاهرة كلهــا في لحظة الوفاة بدون سبب فني واضح  .. ثم توفي أميــر فرنسي بالحمى إثــر زيارته للمقبــرة .. وأيضـاً مات الامير المصـري على كامل فهمـي قتلاً بالرصاص من زوجته بعد زيارته للمقبــرة .. اما الأخ غير الشقيق للورد كارنارفون فقــد أصيب بالعمــى ثم توفــى بعدها بفتــرة ..

السير أرشيبالد دوغلاس رايد ، الطبيب الذي قام بعمل الأشعة السينية للموميــاء توفى إثــر مرض غامض .. و13 شخصيــة ممن شاركوا فى افتتاح المقبــرة هلكوا فى ظروف غامضة .. وغيـــرهم الكثيــرين ممن إرتبطوا بحدث مــا له علاقة بإكتشاف المقبـــرة.

3

موميــاء الملك الصغيــر بعد أن تم إزاحة الغطــاء الذهبي من فوقها ..

الأمــر الذي تجــاوز الصدفة ، وبدأ العلمــاء في دراسته بجديــة ، مع الترجيــح أن الموضوع كلــه مزيج من فطــريات سامة مُسببة لأمراض غامضة ، وبعض التقنيــات السحــرية المُكثفة التى أتقنهــا كهنــة آمون للفـــرعون الذي توفى صغيــراً ، خوفاً منهم ان يُــركز اللصوص على فتح هذه المقبــرة تحديداً والتى لم يتم تأمينها جيداً ببناء حوائط للتمويــه والخداع ، مثل بقيــة مقابر الفراعنة..

الخــلاصة .. ليس مُستحبــاً أن تمزح مع هذا الملك تحديداً ، من بين ألوف الملوك الذين حكموا مصــر القديمة .. يبدو أنه كــان سريع الغضــب ، وأن الكهنــة الذين خدمــوه كــانوا يحبــونه فعلاً ، ومنحــوه أفضــلالتعــاويذ لحمــاية جثمــانه ومُقتنيــاته التي أثبتت نجــاحهــا .. بإعتبــار أنها المقبــرة الوحيدة تقريباً التى تم إكتشافها كــاملة بدون أي نقص أو تشويه أو تدنيــس ..

شاهد الوثائقي :

 ( 3 )

نال إحتراماً عظيمـاً رغم أمراضه الوراثية

الحقيقــة أن لغز هذا الفرعون أيضـاً لم يكن بخصــوص مقبــرته الرائعة شديدة الفخــامة والإبداع .. بل كانت بخصوص سيــرته وحيــاته أيضـاً ..

الشــاب الصغيــر وفق أحدث الدراسات العلميــة كـان يُعاني من خلل وراثي واضح جعل جسده مليئ بالعيوب الخلقيــة ، وذلك بناءاً على 2000 مسح ضــوئي بالكمبيــوتر وتشريح الجثة والكثير جداً من الأبحاث بالأشعة ودراسة النظــريات التاريخية..

والد توت عنخ آمون هــو أخينــاتن ( أخنــاتون ) والذي كــان بدوره يعاني من عيــوب خلقية مــا ، يُرجح العلمــاء بأنه كان يُعاني من متلازمة ( فروليخ ) .. والذي تجعل النصف السفلي من جسده ملفوفاً ناعمـاً ، وهو ما ظهــر عليه بوضوح من خلال التمــاثيــل الإبداعية الواقعية التى نحتهــا المصــريون القدماء لتمثيــل الفرعون ، بلا مُبالغــات أو إخفاء للعيــوب ..

أخيناتن تزوّج واحدة من بنــاته ( أو أخته ) ، وهو ما كــان شائعـاً في هذه العصــور بأن يتزوج الفرعون أقاربه من الدرجة الاولى للحفــاظ على النسل الملكي ، وعدم خلطــه بنســل العوام..

النتيجة أن ( توت – عنخ – آمون ) وُلد مشوّهــا ، بنتوءات فى اسنانه وانحنــاءات بجسده مثل النســاء ، وقدم مفلطحة مُشوّهة ، وكــان لا يستطيــع السير بشكــل عادي .. وهو ما يفســر وجود أكثر من 130 عصــا ذهبية فى مقبــرته كان يستعين بها أثناء المشــي ..

ولأنه مــات صغيــراً فى سن الـ 19 تقريبـاً – مازال سبب الوفاة مجهــولاً إن كان ميتة طبيعية أو إغتيــال – حــاز على تعاطف الكهنــة ومُساعدي الفــرعون .. فشيّدوا له مقبــرته المُذهلة ، وملأؤوها بالذهــب والتحف الثمينة التى كــانت تمثـــل أوج قوة وعظمــة الفراعنة فى الفنون والإبداع على الإطلاق ..

وعلى جســده المتهالك الضئيــل وضعــوا تابوتاً ذهبيــاً برّاقــاً يزن 110 كيلوجرام ، ربما يعد الأفضــل والأفخم على الإطلاق ..

كمــا وضعــوا على وجهه الصغيـــر القنـــاع الذهبي الخالــد الذي يعــرفه أي شخــص فى العالم مُهتم بالمصــريــات بقدر بسيط ..  قنــاع توت عنــخ آمون الذهبـــي .. التحفــة الفنيـــة المصــرية القديمة الخالدة ، التى غطّت وجــه الملك في مقبــرته الفخمــة منذ 30 قرنــاً من الزمــان ..

فرعن

يزن القناع الذهبي 11 كيلوغراما من الذهب الخالص، وهو مصمم بحرفية ودقة عالية، حيث تبلغ أبعاده 39.3 سنتيمتر عرضا، و54 سنتيمترا ارتفاعا، وهو مصنوع من الأوبسديان والبلور الصخري، واللازورد، والزجاج، والذهب الخالص.

كمـا نحت المصـريون فوق القنـاع الذهبي غطاء الرأس الملكي المعروف عند الفراعنة ، وزيّنوا جبهته الامامية برموز الحمــاية المتمثلة فى النســر والأفعى ..

وأخيــراً .. سجّل على القنــاع التعويذة المُستمدة من كتــاب الموتى المعــروفة بالتعويذة 151 ، والتى تنــذر كــل من يؤذي الملك بالويـــل ، وتتعهد بحمـاية الملك حتى تعود له الروح ويُبعث تارة أخرى ..

 ( 4 )

سيــّد طفــّاشة .. يبدد سلامَ مرقــد الفرعون !

في ينايــر من العــام 2015 بعد الميــلاد ، وبعد رحيــل توت عنخ آمون بقــرابة 30 قــرناً ، تحدثت وكالات الأنبــاء العالمية كلها تقــريباً عن كــارثة أثــرية تخص القنــاع الذهبــي الأسطــوري للملك الشــاب ..

القنــاع التحفة الأثــري ، الذي لا يوجد منه سوى نسخة واحدة فى العالم مثل ( أبي الهــول ) – للتقــريب – ، والمعــروض فى المتحف المصــري بالقاهرة .. خضــع للترميــم بواسطة وزارة الآثــار المصـــرية التى من المفتــرض أن تضم خبــراء فى هذه الامـــور ..

6

في الصــورة ، سيّد طفّاشة وحمـادة الجن يحــاولان صيــانة قنــاع أثري من الذهب الخالص عمره 3000 سنة ، بنفس منهجيــة إصلاح كرسي المطبخ

فكــانت النتيجة أن وقوع تشــويه حــاد في وجــه القنـــاع الذهبي الخــالص ، بإستخدام مــادة كيميــائية غير صالحة لتــرميم هذه النوعية من الآثـــار الغاليـــة الفريدة .. فتحوّل شكــل القنــاع الذهبي الخالد فى النهاية إلى أضحــوكة حقيقيـــة ، بعد ( لصــق اللحية الملكيــة المُستعــارة ) بجسم القنـــاع ، على النظــرية المصــرية الحديثة للتعــامل مع الامور : إلـــزقها وخلّص نفســـك ..

إذن ، ووفقــاً لمــا جاء أعلاه ، ارتكــب المسؤولون فى المتحف خطأ شنيعــاً من الاخطــاء التى لا تُغتفـــر التي في كــل أفلام الرعب ، وهي تدنيــس وتدميـــر قنـــاع لملـك مُحـــاط بلعنــات قديمة شريرة .. ملك هو الأصل فى إنطــلاق مفهوم ( لعنة الفراعنة ) أصلاً .. وغالبــاً كل هذه اللعنــات الشريرة المُحيطة بهذا القنــاع تستعـــد لإنتقـــام مُريع ..

7

مادة الإيبوكسي التي شوّهت التمثال الذهبي ، وتحدثت كل وسائل الإعلام بإستجهان عن مدى ( سخافة ) استخدامها فى التعامل مع واحد من أهم القطع الأثرية فى العالم

يبدو أن الموقف الذي تورّط فيه الاخ ( سيد طفّــاشة ) ، و ( حمــادة الجـــن ) – الأسمــاء المُستعارة المُعتــادة لكـــل أحمــق يتظــاهر بالمعــرفة فى مصــر الحديثة – هو حتمـاً موقف لا يُحســدان عليه ..

لماذا تم ترميــم القنــاع فى مصــر ؟ .. لأن ( سيّد طفاشة ) و ( حمــادة الجن ) بالتأكيــد أقنعــا المسؤولين أن الموضوع بسيط وسهــل ، وأنهم قادرين على إعادة ترميم القنــاع بسهــولة تــامة .. وأن الموضوع لا يستحــق الإستعــانة بـ ( الخواجات ) ..

8

صورة ساخرة متداولة في وسائل التواصل الإجتمـاعي ، عن قنــاع الملك توت الذهبي عند الحلاق

والمؤكد أن سيد طفّــاشة أشعل سيجــارة ، وضيّق عينيه في ذكــاء ، وإبتسم إبتسامة صفــراء للمسؤول ، وقال شيئـاً من نوع :

باشــا .. وحيـــاة الواد أشــرف إبني ، انا كفــاءة إنى نخلصــولك الموضوع دا في ساعتين زمــن .. وأطلعلك ( الكينــاع ) دا جديد و أحسن من الأول .. بس إنت افتكــرني فى الحوافز عشان عندي انتفــاخات ومتبهدل فى الصيدليــات ..

الترجمة :

سيدي .. أؤكد لك أننى أستطيــع إجراء الترميم في ساعتين فقط ، وأن يخرج القنــاع بعد الصيــانة بأفضــل حالاته .. فقط أتمنى أن يتم إحتســاب ذلك فى الحوافز الشهرية ، حيث أعــاني من بعض المشــاكل فى الجهــاز الهضمي ..

فيبتســم المســؤول – الذي تم تعيينه فى المنصب لأن زوج خالته يعمــل في مصلحة الآثــار – في رضــا .. ويوافق على إجراء الصيــانة تحت إشــراف سيّد طفــاشة ، ومساعده المميــز حمــادة الجن..

 *******************

بغض النظــر عن حقيقة وجود هذه اللعنـــة المُتوارثة عن الفرعون الشــاب ( توت – عنخ – آمون ) .. إلا أن الاوضــاع فى مصـــر مؤخراً وصلت إلى مرحلة من الغبـــاء فى التعــاطي مع امور بديهيـــة عادية ، بشكــل لا يُحتمــل فعلاً .. وبشـكــل يجعلك تتمنــى بشدة وجود مثل هذه اللعنــات الشــريرة ، التى نأمل أن تخرج من مرقدها لتذبح بجنــاحيها كــل أنمــاط الغبــاء المُستحكــم الظاهــر بشكل مُبالغ فيه في هذه الحقبة من التاريخ على المستوى الجمــاعي..

بالتأكيد لم يكن يتصوّر توت عنخ آمون نفسه أن يستخدم لعنـــاته السحـــرية القــوية للإنتقــام لنفسه من بعض العُمّـــال المُصابين بإنتفــاخات الجهــاز الهضمــي ، يعملــون تحت إمــرة مسؤوليــن تم تعييــنهم بالوســاطة في منصــب لا يعــرفون شيئــاً عنه ..

ولكــن هكذا وصلت الامور فى مصــر على أية حال !

للكاتب عماد أبو الفتوح