تقديم للمرّة الأولى منذ عام 1936، عمّ الإضراب الشامل فلسطين من البحر إلى النهر، مُعطّلاً جميع مناحي الحياة نصرةً لغزة ورفضاً للعدوان الإسرائيلي عليها وعلى مدينة القدس والأقصى والشيخ جرّاح، وردّاً على اعتداءات المستوطنين ضدّ أهل الأرض الأصليّين.
هو يومٌ مجيد أثبت فيه الفلسطينيون أنه مهما ترتّب على الإضراب من انعكاسات سياسية أو اقتصادية قاسية عليهم، فإن القرار بتوحيد فلسطين هو الأهمّ! الإضراب شمل المدن كلّها، عدا غزة الواقعة تحت النار بحكم المواجهة، لكنه لم يكن إضراباً ليجلس الناس في البيوت، بل لتُفتح به ومعه جبهات على مصراعيها في وجه العدو الإسرائيلي، فقد تخلّله اشتباك مسلح عنيف قرب رام الله، ومحاولة تنفيذ عملية في الخليل، ومئات نقاط المواجهة في المدن والبلدات والقرى كافة، تزامناً مع استمرار رشقات الصواريخ من غزة، وتكبّد العدو خسائر فادحة اقتصادياً ومعنوياً، ما زاد من حماسة المنتفضين.
ومقابل صمود فلسطينيّي الـ 48 على رغم التهديدات بفصلهم من وظائفهم في حال إضرابهم، يواصل أهل الضفة إشعال ساحات الاشتباك، ويوازي ذلك كلّه صمود أسطوري في غزة وتمسّك بخيار المقاومة التي بادرت بدورها، بعد تثبيت ما أمكن من معادلة حماية المدنيين، إلى الاستهداف المكثّف للجنود على الحدود.
أمّا التهدئة، فلا تزال عالقة بين الرفض الإسرائيلي لإعطاء المقاومة انتصاراً كاملاً، وبين رفض الأخيرة أيّ تفاوض على أقلّ من النصر الكامل