غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

الناجي الوحيد عزيز يروي تفاصيل 10 ساعات تحت الأنقاض

عزيز
شمس نيوز/ شيماء الدرة

كيف لم يستشهد عزيز ذو العشرة أعوام؟، حين تحولت عدة منازل في شارع الوحدة بغزة إلى كومة ركام، بعد أن تساقطت عشرات القذائف على بيوت الآمنين، أمام أعين العالم.

يروي عزيز تفاصيل أبشع لحظات في حياته ويقول: جلستُ بمنتصف عائلتي، أبي المحامي عزت الكولك على يميني وبحضنه أخي زيد ابن ثمانية أعوام، وأمي المهندسة دعاء الحتة على شمالي وبحضنها أخي أدم الذي لم يتجاوز أربعة أعوام من عمره، ولم يشهد أي من الحروب، فكانت هذه الحرب الاولى والاخيرة التي يشهد عليها".

ويكمل " أبي وأمي يحاولان حمايتي، حاصرنا الموت حين سقط سقف المنزل علينا، ركام البيت على صدورنا ورؤوسنا والعتمة الحالكة حولنا، وأمي بصوت موجوع تقول رددوا الشهادة".

ادركتُ ان لا صوت لأبي، اخافني غياب صوته، رددت ما قالته أمي قلت لهم: "تشاهدوا على ارواحكم ..ابي تشاهد"، كما يروي عزيز.

ويتابع الكولك والدمعة مصلوبة بعينه: "حركت رأس أبي إذا بالدم ينزف منه وجسده كالجليد، همست بأذنه كي لا يخاف زيد وأدم، لماذا تصمت الآن؟؟ لا تغمض عينيك يا أبي ألم نتفق بأننا سنخرج من هنا جميعاً، ونعود ونأكل حلوى العيد و المعمول، ألم تعد عماتي وجدتي بزيارة بعد انتهاء الحرب، اختلفنا على اي مطعم سنذهب أنا أحب المالديف وأمي بلميرا و انت تحب التيلندي... لا تهرب من "جيم بلاستيشن" وتوعدني بالهزيمة...هل كنت تقصد هذه الهزيمة دون ان تدري؟؟"

قطعت أمي همسي حين بدأت بالتكبيرات كي يشعر بنا أحد من المسعفين، لم تستطع أمي اكمال الصراخ فالركام على صدرها، بدأت أصرخ أنا ولا أحد يسمع بعد".

ويردف قائلاً: " صغيرنا أدم نام كالملاك أما زيد أين هو؟ لماذا لا يصدر صوت؟؟ زيد شقيق روحي وأخي الأصغر لو تعلم ماذا حصل؟ أظن بأن أبي قد فارق الحياة!! قل لي: "بعيد الشر"، لماذا لا ترد علي يا زيد؟؟ أنا وحدي بينكم وخائف، هنا الوقت من دم وقد اخسركم جميعاً، لماذا لا يجيب علي احد؟"

يكمل عزيز وصف لحظات بقاءه بين الركام قائلا: " بين الركام والدماء كانت مجزرتي الفكرية الدامية قد تنتهي بعد دقائق، لا أعلم ما يخبئ لي القدر؟ مرت ساعة لماذا لم استشهد أولكم؟ والثانية من سيحيى منكم معي؟ والثالثة لماذا لا يسمع صوتي أحد؟ والرابعة كيف سأواجه قسوة الموت وحدي؟ والخامسة أنا خائف من الظلام والغبار ملأ صدري، والسادسة دعوت ربي كثيراً ان يسمع صوتي أحد صرخت كثيراً وكبرت وتشاهدت، اظن انه لم يبق منا احد! وناجيت الله بالسابعة ماذا نفعل يا الله؟ ألسنا أطفالاً لم نرى من الحياة شيئا بعد؟ ألسنا أصغر من هذا الألم الذي لا تحتمله أجسادنا؟؟يا الله الحمل ثقيل، اجسادنا ضعيفة!!!

عند الثامنة تقريبًا، اقتربت مني أصوات المسعفين اكثر ،فحمدت الله كثيراً وصرخت بكل قواي، بالتاسعة حدثت أبي أنت من قلت لي ذات مرة: "الرجل هو من يصمد في لحظات الشدة"، وهذا ما كنت عازماً عليه، الا انني وجدت نفسي منهاراً من هول المشاهد، إياك والرحيل سننجو إيمانا ويقيناً، وبالعاشرة نجوت من الموت بأعجوبة، بعد عشر ساعات أسمعهم الله صوتي".

ينظر عزيز إلى وجهي شقيقيه زيد وآدم ، ويسأل نفسه للمرة الألف لماذا مات آدم وزيد؟، ينظر إليهم لعله يجد مزحة ما في وجهيهما تقول له أن ما جرى كان حلمًا أو كابوس.

يتابع : " لكن الحقيقة أنا الناجي الوحيد بينهم، رأيت أجسادهم الملفوفة بالبياض أمام عيني أعدهم لعلني أخطئ العد، أو يخبرني صوت بأن أحدكم يمكن أن يقوم الآن ليعانقني عناقًا أخيرًا، ثم يصحبني معه إلى البيت، ولكن للأسف أنا هنا وحيد بالوداع والحزن والحسرة والعزاء... وسأمضي هذا الطريق بلا سند أب ولا حنان ام و لا مشاكسة اخ، وحيد بلا بيت ولا ذكريات، سأروي حكاية الراحلين... فأنا عزيز الناجي الوحيد".ٍ