ما قيل في خطاب الأمين العام المجاهد زياد النخالة اليوم في مهرجان "سيف القدس" وبحضور عشرات الآلاف من الجماهير هو اعلان الوصول لدرة تاج معادلات الاشتباك بين المقاومة والعدو الصهيوني، وقد تطرقت الى تلك المعادلة في مقال سابق بعنوان: درة تاج المعادلات، تلك المعادلة ترتكز بالأساس لعدم إعطاء العدو أي هامش لاستباحة الدم الفلسطيني وأن يتم توعد العدو بالرد على كل قطرة دم فلسطينية بغض النظر عن سرعة الرد أو حجمه، اليوم الأمين العام اختتم خطابه بإطلاق تلك المعادلة متوعدا العدو الصهيوني بأن أي اغتيال سيقابله قصف لتل الربيع، مشددا على ذلك بقوله: "قولا واحدا" ثم بقوله: " رفعت الأقلام وجفت الصحف"، وهذا تاكيدٌ منه على جدية المضي في تلك المعادلة.
دوماً تسعى المقاومة لترسيخ معادلات جديدة مع العدو، وكذلك يفعل العدو، وإن اطلاق درة تاج المعادلات برأيي هي تنم عن إدراك لضرورة استثمار معركة سيف القدس والتي من شأنها أن تقلب الموازين وتعزز من حاضنة المقاومة بشكل تلقائي وفي كل أماكن الاشتباك وبشكل هائل، تلك المعادلة الجديدة ستعمل على عدم منح العدو هامش لقتل الفلسطيني.
معلومٌ أن أي معادلة اشتباك يتم الإقدام على انفاذها بكل تأكيد سيكون لها تكلفة سواء على المستوى البشري أو المادي أو حتى المعنوي، ومن أجل نجاحها والمضي قدما بها هي بحاجة إلى صبر وكذلك إلى إصرار، لذلك وبعد هذا الأداء الكبير للمقاومة في معركة سيف القدس بات من المهم أن يصل لعقل وذهن العدو الصهيوني أن عقل المقاومة يعتبر أن استشهاد شخص أو استشهاد 100 شخص هو يحمل نفس المعنى في وعيها وادراكها، فكل شهيد له أم وأب وعائلة، قال تعالى: "مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا"، لذلك وكما يتفق الكثيرون من المحللين أن ما قبل معركة سيف القدس ليس كما بعدها، وكان مطلوب أن تكون ردود ورسائل وأيضا معادلات المقاومة بحجم هذا الأداء وهذا العنفوان الجماهيري الثوري وهي كذلك.
ربما ساد سابقا في بعض الأذهان "أنه في حال قتل العدو عدد كبير من الفلسطينيين أو صادر عدد كبير من الأراضي، أو هدم عدد كبير من المنازل، أو استباح المقدسات بعدد كبير من المستوطنين، فإن فرصة التصعيد معه أو فرصة حدوث حرب ستزيد"، إن هكذا اعتقاد ومع إعلان الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي لتلك المعادلة أصبح خلف ظهر المقاومة، والمعادلة الجديدة جاءت لتؤكد من جديد أن كل قطرة دم غالية، كل شهيد يرتقي يكون غالي.
الأمين العام يقول للعدو من وسط الجمهور الثائر: أن كل اغتيال سيقابله رد وليس كأي رد، بل سيقابله قصف لتل الربيع، أي أنه مقابل استباحة دم الفلسطيني فإن السقف مرتفع ومكلف، لأن كل شهيد يرتقي هو بالنسبة لوالده كأنه الناس جميعا، وبالنسبة لأمه كأنه الناس جميعا، لذلك جاءت اليوم المعادلة لتحمل معاني إنسانية كبيرة وواضحة وقوية بأن كل اغتيال سيدفع العدو ثمنه.
المقاومة عندما تصيب مستوطن صهيوني بالهلع فإن العدو يضرب عشرات الصواريخ على غزة ردا على هلع هذا المستوطن، ورسالة الأمين اليوم بهذا الشكل تحمل دلالات غاية في الأهمية، بغض النظر ما إذا المقاومة سترد على الإغتيال مباشرة أو بعد ساعات أو حتى بعد أسبوع، لكنها أرسلت رسالة قوية ومن نار للعدو حتى لا يعتقد بأن لديه هامش للقتل، مما يشجعه على التمادي.
ومن انعكاسات تلك المعادلة على الجماهير المُحبَّة والحاضنة للمقاومة أنها تعمل على عدم تسريب هذا الاعتقاد "بأن هناك هامش للعدو في القتل" لأن هكذا اعتقاد هو مؤذي على المستوى الجمعي ومؤذي على المستوى النفسي.
العدو لا يزال يقظ ويعمل على إلتقاط رسائل المقاومة ويحللها على المستوى الاجتماعي والنفسي ويبني قرارات ميدانية عليها، وهو يطّلع ويقرأ كل ما يصدر من بيانات وتصريحات وسلوك ميداني ثم يحلّله، حتى قلق الناس يقوم بتحليله، لذلك برأيي جاءت رسالة الأمين العام اليوم مضبوطة وبفهم عميق ولامست واستثمرت الحالة الميدانية لما بعد معركة سيف القدس.