لم يكن السادس من حزيران للعام ٢٠٢٠ يوما عادياً حيث فقدت الأمة العربية والإسلامية، قائدا كبيرا الدكتور "رمضان شلح" رحمه الله.
أيقونة عربية عشقت القدس وفلسطين، اشتهر بدفاعه الدائم عن قضية القدس فهو صاحب مقولة "القدس بالنسبة لي جزء من ديني وعقيدتي، ومن يقول لي تنازل عنها كأنما يقول لي احذف سورة الإسراء من القرآن"، كررها مراراً ليثبت أن القدس لم ينظر إليها من ثقبِ الباب بل كان يراها من ثقبٍ في قلبه، ترسخت داخله طوال سنين حياته.
قاد الدكتور رمضان شلح حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين على مدار ما يقارب عشرين عاماً، لم يكن دربه سهلاً وميسراً فقد خاض الكثير من العواصف الشديدة التي واجهت القضية الفلسطينية وتآمر الكثير عليها، هو من رفض المشاركة في العديد من الاتفاقيات تحت سقف الاحتلال الصهيوني، فلم يعرف الانحناء أمام هذه العواصف ولم تثنَ من عزائمه كثرة الأعداء وهول الظروف العاتية، بقيت عزيمته مرفوعة تواجه وتصرّ على التضحية مهما كان الثمن باهضاً لأن القدس في قلبه مزروعة وتعني له كل غالي ونفيس.
كان له الدور الكبير ببداية انطلاق المبادرات لإنهاء الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس، ووقف سريان الدم الفلسطيني الفلسطيني، وعمل بكل قوة من أجل إعادة الوحدة الفلسطينية، لكي لا تنحرف البوصلة التي حُمل لأجلها السلاح وأُسست المقاومة الفلسطينية الباسلة لطرد المحتل الصهيوني واستعادة أراضينا المغتصبة و جعل القدس عاصمة فلسطين الأبدية.
وفي الذكرى الأولى للدكتور رمضان شلح تحدثت القيادية مسؤولة الإطار النسوي بحركة الجهاد الإسلامي الدكتورة أسمهان عبد العال قائلة: "يأتي حزيران وتأتي الذكرى الأولى على رحيل المفكر الأديب والقائد الأمين الشاهد الشهيد ونحن مازلنا في صراع مستمر مع العدو المتغطرس الذي ينتهك المقدسات ويستبيح كل ما هو فلسطيني من الخان الأحمر إلى سلوان إلى حي الشيخ جراح إلى باب العامود، ولكنها يا سيدي بداية النهاية لزوال الكيان المسخ؛ لأن زواله حتمية قرآنية كما قال تعالى "وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا".
وأضافت عبد العال: "كلمات رائعة خلدها التاريخ دللت بها الأمة على الطريق الصحيح.. اتجهوا إلى فلسطين ستعطيكم ما لا تتوقعون، والتخلي عن القدس هو تخلي عن مكة لأن القدس جزء من العقيدة والدين، فانصتوا أهل غزة ومجاهديها لتلك الكلمات وهبوا لنجدة القدس والدفاع عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأدركوا ياسيدي يا أبا عبد الله أن الإنتصار ليس خيراً بل هو فريضة، وما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة".
منبع النضج
وفيما يتعلق بتأثير الدكتور رمضان شلح على أبناء حركة الجهاد الإسلامي تحدثت القيادية نائبة مسؤولة الإطار النسوي الأستاذة أمنة حميد قائلة: "الدكتور رمضان كان قد زاد من عزيمتنا في طريق ذات الشوكة من بعد الشهيد المؤسس فتحي الشقاقي، وهاهو اليوم يكمل النخالة الأمين نفس المنهج".
وأكدت حميد: "أنه على غرار كونه مفوهاً وخطيباً وناقداً وأديباً وكاتباً فقد كبرنا ونضجنا بعد قراءة المرايا الدائمة في زاويتها بصحيفة الإستقلال، فمحمد الفاتح كان من أبرز الشخصيات السياسية التي أثرت في طفولتي وشبابي وزادت من وعيي شخصياً ومن وعي الأخوات، فأصبح منبع النضج ومرآة السياسة وفهم المرحلة".
وأوضحت حميد: "أنه كان لأبهة طلعته في اللقاءات والخطابات والكلمات ورؤيتها الثقابة كفيلاً بأن يضيف إلى أيامنا وثقافتنا كتباً كاملة في دقائق وفهماً أعمق".
المرأة في عهد الدكتور
بينت حميد: "أن الدكتور رمضان شلح أفردَ مساحة واسعة وكبيرة تزيد من تأثير المرأة في المجتمع الفلسطيني واندماجها به واندماجه، حيث انطلقت المرأة في عهده لتنخرط بالعمل السياسي والعسكري بمساحة كبيرة مما أثر إيجابياً على حشد حاضنة شعبية كبيرة وضخمة ملتفة حول خيار المقاومة".
وذكرت حميد: "أن من أبرز إسهامات الدكتور الأمين كونه قناة رسمية لرأب الصدع، ومن أشد الذين ساروا في طريق المصالحة بنقاطه العشر، فعبد للنساء الفلسطينيات طريقاً واسعاً مليئاً بالثقة والإتزان بعد مبادرته تلك، فأصبح لنا مجالاً واسع للتشبيك مع كافة فصائل منظمة التحرير وباقي القوى الوطنية والسياسية".
واليوم نقول لكَ ياسيدي أبا عبد الله لقد استل سيف القدس وكان ناراً على الغاصبين، يامن عشقت فلسطين وترابها ونذرت نفسك للدفاعِ عنها وحملت لواء المقاومة بشجاعة وفكر مستنير، طبت حياً وميتاً يا أبا عبد الله.
نمّ قرير العين يا أبا عبد الله ستبقى هذه القضية كما قلت أعز قضية على قلب الأمة ولن تخرج من المعادلة بإذن الله وستبقى البندقية لا تبصر إلا مآذن القدس.