ملفات شائكة تعترض مسار الحكومة الصهيونية الهشة التي يتزعمها المجرم نفتالي بينت, هذه الملفات تحتاج الى حلول سحرية تنجي حكومة بينت من السقوط, فهذه الحكومة المجرمة تحاول ان توازن بين مسارين متناقضين لأنها تجمع بين اليمين الصهيوني الاشد تطرفا, والوسط, وتضم نواب عرب تابعين للقائمة العربية الموحدة التي يتزعمها منصور عباس, وامكانية ارضاء هذه الاطراف المتناقضة في مواقفها تبدو مستحيلة, لان عضو واحد لو انسحب من الحكومة فستسقط فورا لأنها تقف على حافة السقوط, لذلك فكل تصريح يخرج على لسان نفتالي بينت او احد وزراء حكومته الهشة, يحتاج الى تفسير وتبرير وايضاح لسواء لليمين او الوسط او اليسار, والحقيقة ان هناك اربع ملفات تربك الحكومة وتحاول ان تتجنب السقوط من خلالها.
اولا: ملف القدس الذي تتعامل معه الحكومة الصهيونية بمنطق المماطلة والتسويف لان أي تهور في موضوع القدس قد يؤدي لانسحاب احزاب يمينية متطرفة التي تصر على تهويد القدس وتقسيم الاقصى زمانيا ومكانيا, او انسحاب القائمة العربية الموحدة التي ترفض أي تغيير في القدس, سواء من حيث التقسيم الزماني والمكاني للأقصى, او اخلاء مقدسيين من الاحياء العربية في القدس, واخلاء الخان الاحمر ومنطقة الاغوار وشمال البحر الميت وفق ما نصت عليه ما تسمى "بصفقة القرن", ويعتبر موقف الممطالة والتسويف وتعطيل تنفيذ الخطوات هو الطريق الوحيد لاطالة عمر حكومة بينت, لكنها في النهاية ستصطدم بالواقع وتحدد سياساتها.
ثانيا: الضغوط الامريكية على حكومة نفتالي بينت لتعزيز شرعية السلطة الفلسطينية من خلال العودة لمسار المفاوضات على اساس الاتفاقيات الموقعة, الامر الذي ترفضه حكومة نفتالي بينت, التي تريد ان تبنى مواقفها على ما انتهى اليه بنيامين نتنياهو والاستناد الى ما تسمى بصفقة القرن كمرجعية لأية مفاوضات مع السلطة الفلسطينية, بعد ان حسمت موقفها من اعتبار القدس عاصمة موحدة "لإسرائيل" وانهاء ما يسمى "بحل الدولتين" و "حق العودة" وتحويل القضية الفلسطينية من قضية سياسية الى مجرد قضية انسانية فقط, وان تكتفي السلطة بإدارة الشؤون المدنية للفلسطينيين, وتصعيد التنسيق الامني الى اعلى مستوياته.
ثالثا: ايجاد حل لقضية الجنود الاسرى لدى المقاومة الفلسطينية, دون ان تدفع "اسرائيل" الثمن بالإفراج عن اسرى فلسطينيين ممن تصنفهم بالأسرى "الملطخة ايديهم بالدماء", وهى تضغط بقوة من خلال تشديد الحصار على قطاع غزة, وتوجيه الاتهام للوسيط المصري بأنه لا يبذل جهودا كافية للضغط على حماس, ويهدد بالبحث عن بديل ليتولى ادارة هذا الملف, ويلوح بالورقة التركية احيانا والقطرية احيانا اخرى, لكنها تبقى مجرد ضغوطات لان المقاومة هي الطرف الذي يحدد مع من يتعامل من الوسطاء, ولا زالت "اسرائيل" تبحث عن مخرج في ملف جنودها الاسرى بعد رفض المقاومة المقايضة على هذا الملف بفك الحصار وبدء الاعمار.
رابعا: اموال المنحة القطرية فقد تعرضت حكومة بنيامين نتنياهو لانتقادات كبيرة بسبب ادخال الاموال القطرية الى قطاع غزة عبر الشنط, وبالتالي لبس نفتالي بينت ثوب الشجاعة ليقرر عدم ادخال اموال المساعدات القطرية التي تقدم للفقراء والمحتاجين بهذه الالية, وقرر نقلها عن طريق الامم المتحدة او السلطة, رغم ان بينت وحكومته يعلمان جيدا ان حماس لا تستفيد من هذه الاموال من قريب او بعيد, لكن بينت يمارس ساديته حتى يقنع الاسرائيليين بأنه فعل ما لم يفعله نتنياهو, وهذه مخاطرة غير محسوبة النتائج ولها ثمنها الذي تعلمه حكومة بينت جيدا, لذلك لا تتوقف محاولات حكومة بينت البحث عن مخرج لازمة ادخال الاموال القطرية.
حكومة نفتالي بينت ضعيفة ليس بسبب انها تقف على حافة السقوط اذا ما انسحب أي عضو كنيست منها فقط, انما لانها ان اقدمت على أي مغامرة, سواء بتأزيم الاوضاع في القدس, او تغيير الواقع في الاقصى, او اخلاء مناطق سكانية من الفلسطينيين في القدس او الضفة, او الصدام المحتمل مع الادارة الامريكية بسبب رفض استئناف المفاوضات مع السلطة, او الافراج عن اسرى فلسطينيين من سجونها مقابل اطلاق سراح جنودها المفقودين, او ادخال اموال المساعدات القطرية لقطاع غزة بالآلية القديمة, كل هذه الغام مزروعة في طريقها تحاول ان تتجاوزها, ولكن ان حطت قدمها على احد هذه الالغام فان ذلك يعني نهايتها وزوال حقبة بينت - لابيد السوداء الى غير رجعة, وسيعلن حزب "يمينا" عبر الصحف ان زعيمه نفتالي بينت خرج ولم يعد.