أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، مؤخرًا، عدة قرارات تسمح من خلالها إعادة إدخال بضائع منعتها في أعقاب عدوانها الأخير على قطاع غزة، وتوسيع مساحة الصيد إلى 12 ميلًا بحريًا، والسماح لفئات محدودة من الغزيين بالتنقل عبر حاجز بيت حانون "ايرز".
مراقبون رأوا في حديث مع "شمس نيوز" أن إجراءات حكومة الاحتلال الأخيرة محاولة للنزول الهادئ عن الشجرة، في ظل الضغوط الداخلية والخارجية التي يواجهها الائتلاف الحكومي الهش.
الكاتب والمحلل السياسي هاني العقاد، أشار إلى أن الاحتلال يدرك أن إجراءاته الصارمة مع قطاع غزة، قد تفجر المشهد من جديد، وتعيده إلى جولة أخرى من التصعيد.
وقال العقاد لـ"شمس نيوز" إن الاحتلال لا يريد الوصول لجولة جديدة من القتال لما تعانيه حكومة بيينت من معيقات وضغوط، كونها غير قادرة على اتخاذ العديد من القرارات التي تخص عملها في الشأن الداخلي، أو الضغط الخارجي المختلف.
وأضاف "حكومة الاحتلال تريد من وراء هذه التخفيفات الحديث للعالم بأنها تقدم تسهيلات لغزة، في وقت لا تستجيب المقاومة فيه للوسطاء في تسوية الملفات العالقة سواء ملف الجنود الأسرى، أو إعادة الإعمار، أو الهدنة طويلة الأمد".
وأبدى العقاد اعتقاده بأن هذه "التسهيلات" فقط لتحسين صورة "اسرائيل" أمام العالم، وحتى لا تتلقى اللوم بأنها هي التي تفرض الحصار، وهي التي تعيق التوصل لاتفاق مع المقاومة في غزة.
وتابع "ليس لدى إسرائيل إلا اتخاذ قرارات لتسويقها إعلاميًا، ومحاولة نزع فتيل مواجهة جديدة مع قطاع غزة، كون العالم بدأ يدرك أن حكومة بينت أصغر من التوصل لاتفاق مع قطاع غزة، أو أن تقدم على هدنة طويلة الأمد، لأنها غير ثابتة وتشهد معيقات كثيرة جدًا".
وأكد أن إجراءات الاحتلال الجديدة لا تسمن ولا تغني من جوع في قطاع غزة، منوهًا إلى، أن الاحتلال قد يسحبها في أي وقت أراد، بذرائع عدم الاستقرار والوضع الأمني.
ومضى العقاد يقول "المقاومة الفلسطينية تفهم جيدًا المعادلة التي يحاول الاسرائيلي الوصول إليها، وتدرك أن المواجهة الشاملة والكاملة قادمة لأن اسرائيل ليس لديها أي نوايا حسنة بعكس ما تروج للعالم".
وأكد أن الاحتلال يريد الهدوء والاستقرار دون أن يقدم أي ثمن، مشددًا بالقول: "لا يمكن للمقاومة أن تقبل بأي حال من الأحوال بكسرها، فالبندقية الفلسطينية في قطاع غزة صعب أن تنكسر لأنها لو كسرت أعتقد أن القطاع سيصبح تحت الوصايا الاسرائيلية".
من ناحيته يرى الكاتب والمحلل السياسي مصطفى ابراهيم، أن الاحتلال حاول ابتزاز المقاومة بعد العدوان الأخير على غزة ، وربط ملف إعادة الاعمار بالجنود الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية.
وأشار ابراهيم في حديث مع "شمس نيوز" إلى أن الاحتلال عمل خلال تلك الفترة بالضغط وفرض عقوبات جماعية وتشديد للحصار المفروض، في محاولة لفرض شروطه على المقاومة، الأمر الذي قابلته المقاومة بمواصلة ضغطها على الوسطاء وبقيت ثابتة على موقفها.
وتابع: "اسرائيل تريد النزول عن الشجرة بعد القيود التي وضعتها خاصة فيما يتعلق بملف الجنود الاسرى، لذا بدأت وكأنها تقدم تسهيلات رويدًا رويدًا، متوقعًا أن تشهد المرحلة المقبلة المزيد من التنازلات.
ولفت ابراهيم إلى، أن ما تريده المقاومة ليس فقط المزيد من تراجع الاحتلال عن قرارات تشديد الحصار بقدر ما هو رفعه بشكل كامل.
وتطرق إبراهيم إلى الحالة الفلسطينية الداخلية، معتبرًا أن الوضع الحالي يعيق تطبيق إرادة المقاومة لما يشهده من انقسام، مردفًا :"اسرائيل تريد دعم السلطة الفلسطينية في حين تواصل حصار قطاع غزة (..) هذا هو الموقف الفلسطيني منقسم".
وأشار إبراهيم إلى، حراك دولي واقليمي في الضفة وغزة، ليس "عملية سلام" كما يدعي البعض بقدر ما هو محاولة لتشكيل المنطقة، خاصة وأن الادارة الامريكية تريد منح حكومة بينيت فرصة لتظهر بصورة القوي.