كتب: أ. خالد صادق
تعتبر مدينة الخليل من اكثر المدن المستهدفة من الاحتلال الصهيوني والتي تتعرض للتهويد والتهجير القسري بعد مدينة القدس المحتلة وذلك لمكانتها الدينية عند اليهود حسب الاسطورة التوراتية, ووجود الحرم الابراهيمي الشريف فيها وسيطرة المتطرفين الصهاينة على الحرم الابراهيمي بالكامل, وقد بدأت أعمال حفريات في الجهة الجنوبية للمسجد الابراهيمي، لإقامة ساحة انتظار للسيارات ومسار لمرور الأفراد، ومصعد كهربائي، وبدأت آليات الحفر فبل يومين, بأعمال تجريف في إحدى ساحات المسجد، وسط تواجد أمني كبير لقوات الاحتلال, فيما انتفضت الخليل دفاعا عن مسجدها الابراهيمي, وفرض الاحتلال اجراءات امنية مشددة ونشر المزيد من الحواجز العسكرية بحيث منع سكان الخليل من الوصول الى الحرك الابراهيمي واندلعت اشتباكات "الجمعة" بين متظاهرين في المدينة وجنود الاحتلال الصهيوني, وما يزيد الامر تعقيدا هو تركيز قطعان المستوطنين الصهاينة على تكثيف الاستيطان في الخليل, وفرض امر واقع جديد, وتنفيذ مسيرة اعلام تدعو لتهويد المدينة بالكامل وطرد سكانها الفلسطينيين منها بالقوة, واستخدام كل الوسائل لإرهاب الفلسطينيين وتشريدهم ودب الرعب في قلوبهم, ودفعهم للهجرة من الخليل واخلائها للمستوطنين المتطرفين, لكن هذا المخطط الصهيوني الارهابي دائما ما يصطدم بقوة وصلابة الفلسطينيين وصمودهم في وجه كل المؤامرات, وقدرتهم على تحدي واحباط كل مخططات ومؤامرات الاحتلال الصهيوني البغيض.
ما يحدث اليوم في الخليل هو نموذج لما سيتكرر في مدينة القدس المحتلة والمسجد الاقصى المبارك, فخطوات التصعيد في الابراهيمي والاقصى متزامنة, ولكن ما يميز ما يحدث في المسجد الاقصى هو تركيز الاعلام بوسائله المختلفة غلى كل ما يدور في القدس والاقصى, وحالة النفير العام لمواجهة مخططات الاحتلال داخل المسجد الاقصى, ومحاولة الاحتلال حسم موضوع القدس واعتبارها العاصمة الموحدة "لإسرائيل" وهو ما يخالف قرارات الشرعية الدولية, لكن الاحتلال يعتبر ان السيطرة على الحرم الابراهيمي في الخليل تماما تعني قدرته على احكام السيطرة على المسجد الاقصى تماما باستخدام نفس السيناريو والادوات, ففي 3 مايو 2020، صادق ما يسمى بوزير الحرب الصهيوني آنذاك (ورئيس الحكومة حاليًا) نفتالي بينيت، على وضع اليد على مناطق ملاصقة للمسجد الابراهيمي لإنشاء المصعد الذي أقره ما يسمى بالمجلس التنظيم الأعلى، أحد أذرع الإدارة المدنية الصهيونية بالضفة المحتلة, ونفس هذا القرار اتخذه نفتالي بينت بالنسبة للمسجد الاقصى المبارك, وقد وجه باستمرار تأمين اقتحامات المستوطنين الصهاينة للمسجد الأقصى بالتزامن مع ما تسمى بذكرى "خراب الهيكل" وهو يتلقى تقارير متواصلة لما يحدث وسيجري تقييمات جديدة للوضع داخل الاقصى ووفق الاجراءات التي يتم اتخاذها ومحاولة منع اندلاع انتفاضة عارمة تؤدي لسقوطه وحكومته الهشة, فهو يسعى للاستمرار في الحكومة وفي نفس الوقت يحاول ارضاء اليمين الصهيوني وتنفيذ مخططاتهم في الاقصى.
هذه السياسة الهوجاء لحكومة الصهيوني المتطرف نفتالي بينت دفعت الجيش الصهيوني للتحذير من تدهور الاوضاع في القدس ونقلت وسائل إعلام محلية عن مسؤول في جيش الاحتلال، تحذيره من تدهور الأوضاع في قطاع غزة والضفة الغربية في حال لم تتحرك "إسرائيل" لتخفيف التوتر. وبحسب هيئة البث العبرية "مكان"، فقد اعتبر مسؤول في الجيش أن الخطوات الإنسانية التي تتخذها "إسرائيل" لتعزيز السلطة الفلسطينية غير كافية. وقال: إنه منذ انتهاء معركة "سيف القدس" استشهد في انحاء الضفة الغربية اكثر من أربعين فلسطينيا وان هذا من شأنه ان يؤدي الى تفجر الاوضاع وتوتر شديد في الاراضي الفلسطينية المحتلة, دون تقدير للنتائج التي قد تكون كارثية وتدفع ثمنها حكومة نفتالي بينت, ويبدو ان الامور تتجه نحو التصعيد في ظل اصرار حكومة الاحتلال على الاستمرار في تضييق الخناق على قطاع غزة, واحكام الحصار على الغزيين بشكل اكبر, وهو ما دفع الفصائل الفلسطينية الى التحذير من هذه الاجراءات التعسفية, وقالت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين إن "إرهاب الاحتلال وعدوانه المتمثل في الحصار ومنع الإعمار بقطاع غزة يأتي في سياق محاولة التغطية على فشله الأمني والعسكري في معركة سيف القدس البطولية، وابتزاز شعبنا والضغط على الحاضنة الشعبية للمقاومة", فيما قالت حماس أن مماطلة الاحتلال في إدخال مواد ومستلزمات إعادة الإعمار، والمساعدات الإنسانية، "يعطي إشارة بأن الاحتلال يلعب في مربّع لا يمكن أن يُحتمل". فهل وصلت الرسالة