دائما ما يحضرني قول امير الشعراء احمد شوقي: « وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق» فكلما اشتدت الازمة وكثرت البلايا وزادت الهموم على شعبنا الفلسطيني, زادت صلابة هذا الشعب وقدرته على التحدي والصمود في وجه المؤامرات, فالشعب الفلسطيني يدرك ان للحرية ثمناً كبيراً يجب ان يدفعه حتى يكون جديرا بالنصر والتمكين, اليوم وشعبنا يكابد هذا الاحتلال الصهيوني ويواجه مخططاته ومؤامراته العدوانية, وينوب عن الامة العربية والاسلامية في مجابهة الاحتلال ومنع مخطط التمدد والهيمنة والسيطرة على مقدرات هذه الامة, تتحالف قوى الشر في العالم وعلى رأسها الادارة الامريكية لتثبيت «اسرائيل» وتقويتها وحمايتها بكل قوة حتى لا تتزعزع او تتراجع لان تراجعها هو تراجع للمشروع الغربي والهيمنة الامريكية على العالم, «فإسرائيل» بوجودها في منطقة الشرق الاوسط, تحمي المشروع الاستعماري الغربي, وزوالها من المنطقة يعني تهديد مصالح امريكا والغرب, لذلك تجند امريكا حلفاءها في المنطقة لنصرة «اسرائيل», والوقوف معها في مواجهتها مع الفلسطينيين, ومساندتها ماديا وعسكريا وامنيا, بل ومشاركتها في حربها على الفلسطينيين بشكل مباشر اذا ما لزم الامر, وقد وجدت «اسرائيل» مساندة حقيقية من دول العالم لصالحها, لذلك تمادت في عدوانها على الفلسطينيين, وارتكبت الجرائم البشعة، مجازر في غزة, ومجازر في لبنان, ومجازر في كل مكان دون ان يحرك هذا العالم الظالم ساكنا, او يتحرك لمحاسبة «اسرائيل» على جرائمها لكنه يؤيدها ويعمي عليها.
اليوم الاحتلال الصهيوني يشدد من حصار ه على قطاع غزة بشكل غير مسبوق, ويمنع ادخال مواد الاعمار بعد عدوانه الاجرامي «حارس الاسوار» على قطاع غزة وتدميره للأبراج السكنية والبنى التحتية والمنازل والمقار الحكومية, ويربط هذا الامر بالإفراج عن جنوده لدى المقاومة الفلسطينية, ومن المتوقع ان يزداد الضغط على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بشكل اكبر, وبالتالي اصبح الخيار لدى المقاومة الفلسطينية هو المواجهة بكل اشكالها, خاصة بعد ان اثبتت الجماهير الفلسطينية الجمعة الماضية انها ترفض استمرار الحصار, واندفعت بتلقائية نحو الجدار العازل الذي ظن الاحتلال انه سيحميهم من غضب الفلسطينيين, واشتبكت مع جنود الاحتلال المتحصنين خلف الجدار واصابوا احد الجنود بجراح خطيرة, فالجدار لن يحمي جنود الاحتلال لان الفلسطينيين يعرفون من نصوص القرآن الكريم ان الاحتلال لا يقاتلهم وجها لوجه (لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) وهم يعرفون كيف يخترقون هذا الجدار ويواجهوا الاحتلال في قلاعه المحصنة.
اما سياسة اغلاق المعابر مع غزة والتي اكتملت اول امس بالإعلان عن اغلاق معبر رفح الحدودي مع مصر, فهي تعني عزل غزة عن محيطها الخارجي, وتعني حرمان غزة من ابسط مناحي الحياة, وحتى المتنفس الوحيد على العالم الخارجي «معبر رفح» اغلق الى إشعار اخر في وجه الغزيين, وهو الامر الذي صفقت وهللت له «اسرائيل» بشدة, واعتبرت ان هذه الخطوة تمثل ضربة موجعة للغزيين, وان على حكومتهم الاسرائيلية التي تبقى معبر كرم ابو سالم التجاري مفتوحا ان تتعلم من المصريين كيف تعاقب غزة وتضغط عليها لتركيعها واذلالها, وهم لا يعلمون ان اغلاق المعابر سيدفع لفتح جبهة من المعارك مع «اسرائيل» لان المقاومة قالت وبوضوح انها لن تقبل باستمرار الحصار على قطاع غزة, وان الايام ستثبت قدرة المقاومة على التعامل مع الاحتلال باللغة التي يفهمها, وستجبره على رفع الحصار عن غزة, فالمقاومة مستعده لان تدفع ثمن ذلك مهما كان مكلفا, وهى تملك تفويضا كاملا من الشعب الفلسطيني بفتح جبهة قتال مع الاحتلال مهما كان الثمن.
اما الاعتقالات التي يمارسها الاحتلال في الضفة المحتلة والقدس، والتي تمارسها السلطة الفلسطينية ضد قيادات المقاومة وشخصيات سياسية وازنة، فهي تأتي كوسيلة ضغط اضافية على فصائل المقاومة الفلسطينية، الغرض منها بث حالة من اليأس والاحباط لدى الفلسطينيين، وهذه السياسة المعوجة للسلطة حذر منها الامين العام للجهاد الاسلامي القائد زياد النخالة فقال: « كل يوم يمر على اعتقال الرمز الوطني الكبير الشيخ خضر عدنان واخوانه من قادة الرأي يساعد في تمزيق وحدة الشعب الفلسطيني». واعتبر إن الاعتداء الجسدي على الرموز الوطنية أمثال الشيخ ماهر الاخرس من قبل أجهزة امن السلطة هو رسالة عداء واضحة ضد الشعب الفلسطيني وقوى المقاومة، وطالب السلطة ان تتوقف عن ممارساتها اللاوطنية واللاقانونية، وتعيد حساباتها، ولتعلم بأن من يستطيع مقارعة الاحتلال لا يمكن لسلطة أن توقفه أو تنال من ارادته مهما ادعت من وطنية.