لا تكاد تتوقف الدعوات لرئيس السلطة الفلسطينية لأجل لقاء مشترك مع فصائل المقاومة الفلسطينية لوضع تصور سياسي لمواجهة مخططات الاحتلال الصهيوني الهادفة للالتفاف على حقوق شعبنا والتصدي لمخططاته الاستيطانية والتوسعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة, والبحث عن قواسم مشتركة للعمل الميداني والدفع باتجاه مصالحة فلسطينية حقيقية نتجاوز من خلالها كل الخلافات الداخلية والتوافق على برنامج وطني يعمل الجميع تحت سقفه, لقد توسلت الفصائل الفلسطينية كي يوافق رئيس السلطة على هذا اللقاء على مدار سنوات لكن رئيس السلطة محمود عباس كان يتمنع ويرفض هذه اللقاءات ويبحث عن أي ذريعة للتخلص منها بأي شكل كان, حتى بعد ان قدمت حماس تنازلات كبيرة لأجل إنجاح المصالحة, لكنها اصطدمت بشروط عباس التي كان اخرها مطالبته ان تعترف حماس بقرارات الرباعية الدولية, وسبقها ضرورة ان تتخلى حماس عن سلاحها الشرعي, وان تكون السلطة بأجهزتها الأمنية هي الطرف الوحيد المسموح له حمل السلاح دون أي طرف اخر وقد رأي عباس ان يبقى في حالة صدام وخلاف مع الفصائل الفلسطينية, وان لا يلتقي معها بعد ان اعتقد ان حدود دولة فلسطين محصورة فقط في الأموال والمساعدات التي يتلاقها من الخارج, وان مصلحة السلطة ان تحافظ على منجز المساعدات الخارجية والرضا باقل القليل مما تمنحه له ربيبته "إسرائيل" فاسقط كل الخيارات وبقى متمسكا بخيار التسوية الذي ليس له بديل والذي تنصلت منه إسرائيل ورمته وراء ظهرها منذ زمن بعيد.
محمود عباس انتهج سياسة تحقير الذات وهو يستجدي الجلوس مع رئيس الوزراء الصهيوني المجرم نفتالي بينت ويوسط وزير الحرب الصهيوني المجرم بيني غانتس لكي يحاول اقناع بينت للجلوس معه, ثم تدنى موقف رئيس السلطة الفلسطينية ليحاول مقابلة ما تسمى بوزيرة الداخلية في الصهيونية المتطرفة المجرمة إييلت شاكيد، على غرار لقائه بوزير الحرب بيني غانتس قبل أسابيع. لكن شاكيد رفضت دعوة عباس، للقاء في مقر المقاطعة في رام الله، عبر تغريدة على حسابها على "تويتر" وكتبت فيها "لن يحدث. لن ألتقي أحد منكري المحرقة الذي يقاضي جنود الجيش الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية في لاهاي، ويدفع لقتلة اليهود. ليلة سعيدة", انه تحقير للنفس يدفع للشفقة على الحالة الذي وصل اليها رئيس السلطة الفلسطينية, الذي يستجدي لقاء الإسرائيليين وقد كان سعيدا عندما زاره وفد من ميرتس ليلتقيه في مقر المقاطعة بعدل ان عزل نفسه عن الشعب الفلسطيني وعزل نفسه عن محيطه الإقليمي والدولي لأنه لا يملك شيئا يمكن ان يقدمه لاح, ففاقد الشيء لا يعطيه, لقد اصبح هدف عباس الرئيسي الذي يناضل من اجله ان يلتقيه احد فالرجل يشعر بالنقص وقلة الحيلة وفقدان الشرعية وهذا شعور قاتل بالنسية لأنه انه يعتبر نفسه زعيم ملهم حتى البيت الأبيض رفض طلباً فلسطينياً لعقد لقاء بين الرئيس الأميركي، جو بايدن، ورئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، على هامش فعاليات الدورة الـ76 للجمعية العامة بمقر الأمم المتحدة في نيويورك, وذلك في خطوة أميركية وصفت بالاستثنائية.
سياسة تحقير الذات وتسخيف دور السلطة تنسجم مع عقلية حسين الشيخ وماجد فرج ومحمود الهباش الذين يمثلون لمحمود عباس السند والحليف وهو يستمع إليهم ويأخذ بمشورتهم دون غيرهم، وهم يتعاملون جميعا بمنطق الربح والخسارة بعيدا عن مصالح الشعب الفلسطيني، وهم يدفعون رئيس السلطة للانغماس في المستنقع الصهيوني لان مصالحهم الذاتية تستدعي ذلك, وعباس لديه قابلية للاستجابة لأنه يؤمن بمسار التسوية والتعاون الأمني والعيش تحت بساطير الاحتلال, لكنهم لا يدركون ان "إسرائيل" وصلت الى حد تجريم أي لقاء برئيس السلطة محمود عباس وهذا ما عبر عنه زعيم المعارضة الصهيونية بنيامين نتنياهو الذي هاجم رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت على خلفية اللقاءات الأخيرة مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في رام الله. وأشار نتنياهو خلال منشور له عبر حسابه على تويتر، أن حكومة بينيت تهتم بعقد لقاءات مع السلطة الفلسطينية أكثر من اهتمامها بالحالة الصحية وانتشار كورونا في البلاد. وأضاف، "حكومة بينيت تعيش ذروة الوفيات والإصابات بكورونا، بينما الليلة وزير الصحة نيتسان هوروفيتس يترك كابينت كورونا من أجل لقاء أبو مازن, هل هناك استخفاف اكثر من ذلك, لقد حددت سلطة محمود عباس خياراتها تماما, وهى وضعت فوارق كبيرة بينها وبين الفصائل الفلسطينية والشعب الفلسطيني, وتنتظر الإدارة الامريكية ان تتبنى بعض مواقفها وتقنع "إسرائيل" بها, لكنها ستنتظر طويلا حتى تتحقق رغبتها لان أمريكا و"إسرائيل" وجهان لعملة واحدة.