رغم الإجراءات العسكرية الصهيوني تمكن مجاهدي سرايا القدس الأبطال من خرق الحصون وضرب قلب العمق الصهيوني لتؤكد السرايا أن امن هذا الكيان الصهيوني الزائل باذن الله هش, وأن أحفاد الشقاقي الأبطال لا يمكن أن توقف الترسانات والحواجز والجدر الأمنية والعسكرية الصهيونية زحفهم نحو شهادتهم وثأرهم للشهداء والجرحى والأسرى وأبناء شعبهم المجاهد.
استبسل فرسان السرايا في ذكرى استشهاد قائدهم ومعلمهم ومؤسس حركتهم الجهادية المباركة "فتحي الشقاقي" ليجعلوا من أجسادهم وأرواحهم ودمائهم الطاهرة الزكية قربانا إلى الله, ليبرهنوا أن المقاومة هي الخيار الوحيد الكفيل بردع العدو وجعله يصرخ متباكيا ليشرب من نفس الكأس الذي شربه أبناء شعبنا الفلسطيني المرابط, وليجددوا من جديد انحيازهم لخيار الدم والشهادة الذي رسم ملامحه سيد شهداء الجهاد الإسلامي في فلسطين "فتحي الشقاقي" رحمه الله .
تطل علينا اليوم الخميس 28-10 الذكرى السنوية لعملية الاستشهاديين "نضال جبالي ويوسف سويطات" من سرايا القدس والتي نفذاها في محطة الحافلات الرئيسية بمدينة الخضيرة المحتلة, وأدت إلى مقتل 5 مغتصبين صهاينة وإصابة العشرات, واخترقت الحصن الأمني للكيان الصهيوني وضربته في العمق.
تفاصيل العملية
في حوالي الساعة الثانية والنصف بعد ظهر يوم الأحد الموافق 28 - 10 - 2001م، تمكن الشهيدان المجاهدين "نضال تيسير جبالي" و"يوسف محمد سويطات" من مجاهدي "سرايا القدس" من تنفيذ عملية الخضيرة الاستشهادية الثانية، عملية إحياء ذكرى الشهيد الشقاقي السادسة وانتقاماً لروح الشهيدة رهام الورد وشهداء بيت ريما.
اعترف العدو الصهيوني عن مقتل 5 مغتصبين صهاينة وإصابة أكثر من أربعين آخرين في العملية البطولية التي نفذها الاستشهاديين المجاهدين "نضال جبالي " و"يوسف سويطات" من مجاهدي سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.
السرايا تتبنى
أعلنت سرايا القدس مسؤوليتها عن الهجوم الاستشهادي البطولي الذي شنه مجاهدونا الأبطال في قلب مدينة الخضيرة المحتلة والتي نفذها الاستشهاديان نضال جبالي ويوسف سويطات من مجموعة الشهيدة الطفلة "ريهام الورد" وفي ذكرى الشهيد القائد الدكتور فتحي الشقاقي، بفتح نيران أسلحتهم الرشاشة على جموع الصهاينة في قلب مدينة الخضيرة مما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من الصهاينة. وقد أعلن العدو عن استشهاد المجاهدين البطلين.
وأكدت سرايا القدس أن العملية جاءت لتؤكد لقادة العدو والعالم كله، وتأتي رداً على جرائم العدو المجرم في بيت ريما وبيت لحم وكل مدن وقرى وطننا السليب.
نضال في سطور
ويصف أخوة الشهيد خروج الشهيد نضال من البيت حيث قام في صباح يوم الأحد (28/10/2001م) بتناول إفطاره وخرج من البيت في الساعة الثامنة صباحا حيث نظر لوالدته نظرة المتأمل بشوق لها ثم طلب منها الدعاء وبعد صلاة الضحى خرج من البيت ليسمع بعدها الجميع بحدوث عملية استشهادية كان نضال احد منفذيها.
كان يوم استشهادك يا نضال يوماً للفرح والانتصار على الطغيان والظلم فقد أشفيت غليل المجاهدين في ذكرى معلمك القائد الدكتور فتحي الشقاقي رحمة الله عليه فانفجر جسدك الطاهر كالبركان ليزرع الخوف في قلوب الصهاينة الجبناء فيقتل ستة منهم ويصيب العشرات.
الشهيد نضال تيسير شحادة جبالي من مواليد مخيم جنين بتاريخ (23/3/1977م). عاش في أسرة مكونة من أخ شقيق وثلاث أخوات فكان الشهيد نضال هو المعيل.
لأسرته خاصة في الفترة الأخيرة من حياته حيث أن شقيقه معتقل منذ حوالي عام ونصف تقريبا، واستشهد الشهيد نضال وعمره 24 عاما بتاريخ (28/10/2001م)، ولم يفكر بالزواج لثقل عبء المسؤولية على عاتقه وهو الثاني بين إخوته.
ترك المدرسة من الصف الثاني الثانوي ليعمل في مهن متعددة من تمديدات الكهرباء التي تصليح الكهربائيات وتلبيس الحجر والطوبار ثم يلتحق بسلك الأمن الوطني في جهاز السلطة لمدة ثلاث سنوات ليعتزل بعدها هذه المهنة قبل ستة اشهر من استشهاده لينتقل للعمل في تلبيس الحجر داخل أراضي عام (1948م) في مدينة الخضيرة.
نشأ الشهيد نضال على حب الله وطاعته تربى في مسجد آل اسعد الواقع في شارع الرازي في مدينة جنين لتنطلق لديه هواية قراءة القرآن الكريم ومطالعة الكتب الدينية والثقافية، وتعددت هوايات الشهيد في مجالات الفنون والرسم والمسرح والتمثيل حيث شارك مرات عدة في مهرجانات شعبية وبيوت الطفولة بالإضافة إلى هواية تركيب الالكترونيات والعمل على الكمبيوتر ورياضة كرة القدم والجري بأنواعه.
وفي فترة اعتقاله في السجن كان له الكثير من الأعمال اليدوية والتي ما زالت تزين بيته وصارت ذكرى باقية تحمل في ثناياها نضال الشاب البار بأمه وأخواته ووالده.
نضال كباقي الشبان في المخيم نشا على حب الوطن وبغض الأعداء المغتصبين حيث تعرض لعملية اعتقال عام (1998م)، جراء نشاطاته في أواخر الانتفاضة الأولى ليتم سجنه عاما ونصف متنقلا بين عدة سجون ليخرج من السجن وقد امتلأ بغضا وكراهية لليهود.
حاول عدة مرات دخول مستوطنات داخل البراميل مع إخوانه المجاهدين، وله نشاطاته الواسعة في المشاركة في الاشتباكات المسلحة قرب معسكر الزبابدة في ذلك الوقت، كما شارك في اشتباك مسلح وقع في البردلة قرب حاجز الحمراء وعاد سالماً.
ولعلّ أبرز مواقفه البطولية أن يخرج من مدينة جنين في ظل طوق امني مشدد وينفذ العملية بكل يسر بمشيئة الله وكانت أراضي (1948م) في طوق امني مشدد.
أحب الإصلاح بين المتخاصمين، وفي إحدى المرات وهو يحل مشكلة بين الشبان تعرض للسجن بسبب المشكلة وخرج من السجن بكفالة، وفي مجال مهنته بتمديد الكهرباء كان كثيراً ما يعمل دون مقابل مساعدة و عطفا على الناس، أحب الحشمة والالتزام فكانت له مواقف كثيرة في سبيل الهداية وعمل الخير والعبادة، وكثيرا ما كان يستمع لشريط دعاء القنوت.
يوسف في سطور
والد الشهيد ابو يوسف قال منذ صغره كان بطلاً ومناضلاً بكل معنى الكلمة وجريئاً وشجاعاً وقد تميز بنشاطه الاجتماعي من خلال علاقته بمراكز الطفولة في المخيم والتي رفعت نسبة وعيه وثقافته والذي عبر عنه من خلال مشاركته في تقديم القصص والمسرحيات الوطنية التي صقلت شخصيته، كما شارك في فعاليات الدفاع عن الاسرى وهبة النفق ثم انتفاضة الأقصى التي تغير فيها بشكل كامل فأصبح لا ينقطع عن الصلاة في المسجد والتعبد لله وعن ذلك يقول أحد رفاقه أن الشهيد تغير بشكل كبير منذ فترة وأصبح لا يؤدي الصلاة إلا في المسجد وقبل استشهاده بيوم وخلال خروجي من المسجد بعد تأدية صلاة الفجر شاهدت يوسف قادماً بسرعة فأوقفني والدموع في عينيه لأنه لم يتمكن من اللحاق بنا وتأدية الصلاة جماعة.
ويروي رفاق الشهيد انه كان نشيطاً في المسيرات والفعاليات الشعبية ولكنه تاثر بشكل بالغ بعد استشهد رفاقه تركمان والمصري وفايد وابو الهيجاء. ويضيف عندما كان يستشهد احدهم كان يمسح دمه ويقسم على الثأر ويحمل نعشه وعندما شاهد احداث بيت ريما تأثر وصدم وبكى واقسم ان يلقن الصهاينة درسا لن ينسوه .وفي صلاته في مسجد المخيم شوهد وهو ينتصب رافعا يديه للسماء عندما حاصرت قوات الاحتلال جنين ويدعو الله ان يرزقه الشهادة وشرف الجهاد. وكان يدعو رفاقه للعودة للاسلام والصلاة والانخراط في مسيرة الجهاد والمقاومة ومواجهة المحتل الغاصب وقد جسد ذلك بوصيته التي كتبها بخط يده وجاء فيها (ان أعظم الأمور في هذه الحياة الصلاة في وقتها والجهاد في سبيل الله. لذلك أوصيكم بتقوى الله لانها تنجينا وبالصبر والطاعة والثبات ومقاومة العدو المجرم الجبان وكونوا حريصين على دعوة البناء والإسلام في الارض لأنها الأساس لبناء وتحرير الانسان) وجاء في الوصية ايضا ولا تتوقفوا عن مقاومة اليهود من اجل تحرير المسجد الأقصى من دنس اليهود.
إخواني كونوا على أهبة الاستعداد للشهادة في سبيل الله وانتقاما لدم الشهداء وانني اهدي عمليتنا الى أرواح الشهداء القائد فتحي الشقاقي وابراهيم الفايد وأسامة بدوي وأسامة أبو الهيجاء وعلاء الصباح وإياد المصري).
ولم ينس الشهيد في لحظات الوداع عائلته فخاطبها قائلا أوصيكم يا أهلي بتقوى الله وان لا تبكوا في عرسي بل وزعوا الحلوى وزغردوا في عرس الشهادة اما امي الصابرة والغالية ووالدي وإخوتي فأهديكم جميعا تحية الإسلام ولا تحزنوا فإنها الشهادة واسالكم ان تدعوا لي ولجميع المسلمين بالنصر على الظالمين.
وعرف الشهيد بصلابته وقوة عزيمته واستعداده للتضحية فقد كان في مقدمة المقاومين والمدافعين عن المخيم عندما حاول الجيش اقتحامه ويرفض الراحة فيشارك في المعارك ودوريات الحراسة وكان يقول دوما إن اليهود أعداؤنا ويجب محاربتهم وقد احب الشهادة مؤخرا وامن بها حتى أصبحت حلم حياته لذلك استبسل دوما في التصدي ومهاجمة العدو حتى قابله وجها لوجه وبعد الحجارة للسلاح على ارض الخضيرة في العملية الاستشهادية التي نفذت باسم مجموعة الشهيدة الطفلة رهام الورد في ذكرى الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي وأدت لمقتل وإصابة عدد من الصهاينة.
ووسط مشاعر الفرحة والاعتزاز قال شقيق الشهيد أفتخر بأخي لأنه اخترق كل الحواجز والحصار ونفذ عمليه جريئة بكل شجاعة وبطولة وخرج من المخيم ليقتحم كل هذه الدبابات والمجنزرات والقوات ويلقنهم درسا في البطولة والجهاد .وقالت والدته أنها حاولت عدة مرات إقناع يوسف بالزواج والارتباط ولكنه رفض وكان يتحدث دوما عن عرس الشهادة. ولكن عمه نايف سويطات عضو اللجنة الحركية العليا لحركة فتح في الضفة قال الدافع الرئيسي للعملية ان دولة العدو لم تبق مجالا للكلام فقد مارست كل أشكال القمع والتسلط لدرجه ان الناس جميعا حشروا في الزاويه ولم يبق امامهم سوى خيار الدفاع عن أنفسهم ووجودهم وحياتهم كما ان العملية أكدت سقوط نظرية شارون في توفير الأمن والاستقرار من خلال القوة العسكرية وهذا ايضا خلق حلقه من العنف المتبادل ستستمر ما دام الاحتلال يجثم على صدور شعبنا ويحتل ارضنا ويحاصره ويمنعه من ابسط حقوقه الانسانية لذلك فان المقاومة حق مشروع في مواجهة محتل يكرس كل أدواته وإمكاناته لتصفية وجودنا وشطبنا، نقلاً عن الإعلام الحربي لسرايا القدس.