غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

ما وراء لقاء دحلان مع الدببة الروس؟

زيارة محمد دحلان لروسيا.jpg
شمس نيوز- خاص

"دحلان هو دحلان".. على الرغم من ابتعاد القيادي الفتحاوي عن المشهد السياسي الفاعل داخل المنظمة أو قيادة حركة فتح أو الحكومة، إلا أنه لا يختلف اثنان على أن الرجل يثير اهتمام الناس نحو تحركاته، وقادر على إثارة جدل في الساحة الفلسطينية، وفي كلِ مرةٍ يظهر فيها؛ يثبت أنه لايزال قادر على التأثير في الساحة الفلسطينية، من خلال تياره الإصلاحي، وشبكة علاقاته الممتدة.

في آخر لقاءاته السياسية التي أثارت اهتمام الناس؛ التقى محمد دحلان بوزير الخارجية الر وسي سيرغي لافروف يوم الثلاثاء المنصرم، برفقة سمير المشهراوي، وجعفر هديب، وذلك في العاصمة الروسية (موسكو)، بصفتهم ممثلين عن “تيار الاصلاح”.

وشارك في اللقاء نائب وزير الخارجية الروسية بوغدانوف، وتناول اللقاء تطورات الوضع الفلسطيني من مختلف جوانبه، ويعتبر اللقاء الأول بين قيادة تيار الاصلاح ووزير الخارجية الروسي.

 زيارة غامضة ومفاجأة ومن العيار الثقيل؛ لاسيما أن الرئيس محمود عباس يزور في وقت قريب، العاصمة الروسية موسكو، من أجل بحث دعم القضية الفلسطينية، بحسب المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، الذي لم يعطِ تفاصيل أوفى، مشدداً على أن العلاقة الفلسطينية الروسية جيدة ومتوافقة فيما يخص القضية الفلسطينية.

زيارة مهمة

وكشف القيادي في التيار الإصلاحي بحركة فتح عدلي صادق، تفاصيل جديدة عن لقاء رئيس التيار النائب محمد دحلان والقيادي سمير المشهراوي، مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في العاصمة الروسية موسكو يوم أمس الثلاثاء.

وقال صادق، في لقاءٍ له مع برنامج "همزة وصل" عبر قناة الكوفية الفضائية: "إنَّ لقاء قيادة تيار الإصلاح مع لافروف، ركَّز على ضرورة بناء شراكة وطنية فلسطينية، على أرضية الوقائع الراهنة".

وأضاف: "تلقى دحلان دعوة رسمية من روسيا لزيارة أراضيها، وكان سؤال الوزير لافروف الأول: هل أنتم معنيون بالمصالحة الفتحاوية؟"، مُردفاً: "جاء رد النائب محمد دحلان سريعاً ومشروحاً بقبول المصالحة الفتحاوية بدون أيّ شروط".

وتابع: "قال دحلان للروس مُستعدون للمصالحة وليس لدينا مطالب ولا شروط تتجاوز أمنيات جميع الوطنيين، والمهم أنّ نتعامل جميعاً كفتحاويين مع الأمر الواقع، فحركتا حماس والجهاد، معهما نحو نصف الشعب الفلسطيني أو أكثر، وحركة فتح ما تزال تقول إنها الطليعة والرائدة المفترضة، وهذا صحيح بالمعيار التاريخي، لكنها اليوم طليعة معطلة".

وأردف: "كما قال دحلان للروس إنّ وحدة حركة فتح وإعادة الإعتبار والحيوية لها، وإنهاء مرحلة الإحباط، يُضفي المصداقية على تمسك الحركة بفكرة أنّها الطليعة، وإنَّ الشراكة الفعالة التي نتوخاها، هي تلك التي تقوم على القواسم المشتركة، وكذلك على أساس سياسي مقبول يمكن طرحه والذود عنه، لكي لا تضيع القضية الوطنية، ويزداد الشعب الفلسطيني بؤساً وقنوتاً.

واستدرك: "النائب دحلان قال للروس إنّ لم نفعل ذلك، ولم تتغير أحوالنا، لن نستطيع الحديث مع العالم، ولن نُغير شيئاً، ولن نُواجه الغطرسة الإسرائيلية".

وبيّن أنَّ النائب دحلان قال في الاجتماع الأول مع لافروف: "لقد بلغت سن الستين، ولا أريد شيئاً من السلطة لكنني أريد لشعبي أن يمتلك أداته السياسية وأنّ يُرمم كيانه الوطني، ناهيك عن كون السلطة اليوم، وبكل أسف، ليس فيها ما يُغري للسعي الشخصي إليه".

وأوضح أن روسيا وجّهت دعوة للنائب دحلان لكي تستمع لوجهة نظره بشأن الأوضاع الفلسطينية الراهنة، ولسماع أفكار بخصوص الخروج من مأزق حركة فتح بالإضافة إلى ملف الوحدة الوطنية الفلسطينية.

وأشار إلى أنّ الوفد الفلسطيني استمع من الروس لضرورة توحيد الفلسطينيين صفوفهم، ليتمكنوا من الحديث مع العالم، وأنّه لا يُمكن الدفع بعملية سلام حقيقية تُلبي طموحات الفلسطينيين دون تحقيق الوحدة.

وأكمل صادق: "أكّد وفد التيار على أنّه كان وما يزال حريصاً على إنجاز الوحدتين الوطنية والفتحاوية، وأنّه يتفق مع وجهة النظر الروسية التي ترى من الضرورة توحيد الصف الفلسطيني، ولا ضمانة لنجاح ذلك، دون أنّ تستعيد فتح حيويتها ووحدتها، لكي تستطيع مع الشركاء، إنجاز الوحدة الوطنية، ومن ثم الحديث مع العالم.

واستطرد: "كان محمد دحلان حريصاً على إبلاغ الجانب الروسي، أنّ أعز الأمنيات اليوم، هي تحقيق الوحدة، ويُسعده أنّ يجلس جانباً وأنّ يُحقق الطيف السياسي الفلسطيني وحدته على أسس ديموقراطية".

وقال صادق: "إنَّ دحلان أكّد للروس أنّه لا فائدة من المناكفة، لأنّها لن تصل إلى نتيجة مهما امتد زمنها، والمهم الآن هو الذهاب إلى جمع الشمل الفلسطيني، والاتنخابات، والشراكة السياسية، التي تضبضها الوثيقة الدستورية والمؤسسات، وأنّه من الضرورة في هذه الظروف الصعبة، عدم تجاهل الوقائع على الأرض، والانطلاق من قاعدة موقف سياسي عملي، دون التنازل عن مرجعيات عملية التسوية التي تُحاول إسرائيل تجاهلها".

واستكمل: "في مضامين اللقاء كان واضحاً أنّ الروس معنيون بسماع الرأي الآخر في حركة فتح، على اعتبار أنَّ التيار الإصلاحي في هذه الحركة، هو الطيف الوحيد منها، الذي يُجاهر بالنقد ويُلح في طلب الإصلاح، ويتوخى وحدة الحركة على أساس النظام، ووحدة الكيان السياسي على الأسس الدستورية والقانوينة، استناداً إلى وحدة العمل الأهلي الضامن للعدالة والانحياز للفقراء، تأصيلاً للبعد الاجتماعي السياسي، وإلى وحدة العمل الوطني على أساس فلسطين، الوطن والقضية!".

ونوّه صادق، إلى أنّ دعوة الروس لها دلالاتها لأنّ موسكو معنية بالتسوية، ولعل أول هذه الدلالات هي أنها بمثابة جرس تحذير أو تنبيه، بأنّ الوضع الفلسطيني قد أوغل في التردي، وأنّ الصمت عليه لم يعد جائزاً، لا سيما من الدول الصديقة الوازنة، التي تدفع في اتجاه دورٍ فاعل لها، في المشهد الإقليمي.

رسائل لمن يهمه الأمر!

الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني يرى أنَّ زيارة رئيس التيار الإصلاحي النائب محمد دحلان لموسكو تحمل أكثر من هدف ورسالة، واحدة من تلك الرسائل هو "الرد على الشائعات التي صدرت حول تضييق دولة الامارات على النائب محمد دحلان، وما يتعلق بوضعه الصحي وغير ذلك من الاشاعات".

وأوضح الدجني خلال حديث مع "شمس نيوز"، أن الرد جاء بشكل عملي وبطريقة دبلوماسية أكثر، ولا يصل لدرجة الترهات التي يلاحقها أي شخصية قيادية، مضيفاً "أراد دحلان أن يرسل رسالة واضحة أنه بخير، ويمارس أعماله كما يرام".

وأشار إلى أن الهدف الثاني من الزيارة هو إبراز الدور السياسي الذي يلعبه رئيس التيار الإصلاحي والذي يتطلب منه أن يكون له عدة زيارات على المستوى الإقليمي والدولي، فتأتي تلك الزيارة من باب تعزيز دوره ومكانته، وتعزيز دور التيار في القضية الفلسطينية وفي الملف الفلسطيني من خلال علاقة التيار ومحمد دحلان مع موسكو".

ورجح أنه قد يكون هناك تداعيات لهذه الزيارة في حال نجحت أهدافها، حول دور موسكو في القضية الفلسطينية، وفي ملف المصالحة الوطنية، لافتاً إلى أنه في حال وجود نجاح سينعكس إيجابا على دور التيار في القضية الفلسطينية.

دلالات كبيرة

من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي ثائر أبو عطيوي أن لقاء وفد تيار الاصلاح الديمقراطي في حركة (فتح) برئاسة النائب محمد دحلان مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يحمل أهمية ودلالات لعدة اعتبارات منها، أن اللقاء يحدث للمرة الثانية مع مستوى رفيع المسؤولية في العاصمة (موسكو).

وأشار أبو عطيوي أن من الدلالات المهمة هي النظرة الروسية لتحريك الملف الفلسطيني من اجل احداث اختراق للوضع السياسي الفلسطيني العام من جهة؛ لاسيما أن الوضع الفلسطينية تكلس بسبب ما خلفه الانقسام وتبعاته من آثار.

ولفت إلى أن اللقاء ذا أهمية على صعيد واقع حركة فتح، وأهمية اعادة ترتيب صفوفها وأوراقها ضمن رؤية واحدة وهدف مشترك من كافة الفتحاويين دون استثناء أو استقواء من جهة على الجهة المقابلة، وذلك في إطار ترتيب البيت الفتحاوي؛ واستعادة الوحدة الوطنية، وانهاء الانقسام.

وقال: "حركة فتح وفور استعادة وحدتها التنظيمية ولملمة شملها وصفوفها، ستكون أقصر الطرق وأسرعها في استعادة الوحدة الفلسطينية الشاملة، نظراً لأن القطبين الرئيسين في حركة فتح، قطب الرئيس محمود عباس بصفته رئيس حركة فتح، وقطب تيار الاصلاح الذي يتزعمه القيادي محمد دحلان يملكان مفاتيح الأبواب المغلقة في استعادة وحدة الحركة ووحدة الوطن، نظراً لأهمية العلاقات والتوازنات والمعادلات اللذان يتمتعان بهما الشخصين على حد سواء، على الرغم أن حضور النائب محمد دحلان في المشهد الفلسطيني والاقليمي والدولي يعد حضوراً مميزاً وله من العلاقات الكثير التي تسعفه أن يكون عنواناً رئيسياً في استعادة وحدة فتح والوحدة الوطنية".

وذكر أن لقاء  دحلان - لافروف يعتبر لقاء إحراز الهدف في مرمى الخصم السياسي للقيادي محمد دحلان الذي هو بالطبع الرئيس محمود عباس، والذي من السهل جداً أن يكون الخصم ضمن الفريق القادر على الانجاز وتسجيل العديد من الأهداف، مع إشارته إلى ان واحد من تلك الأهداف هي محاولات دحلان استعادة الوحدة الفتحاوية والوحدة الوطنية.

وأوضح ان المطلوب من الرئيس محمود عباس بصفته التنظيمية كرئيس لحركة فتح، وبصفته الرسمية كرئيس للسلطة الفلسطينية أن يقرأ المشهد الفلسطيني جيداً، ويبتعد عن سياسة التفرد والاستقواء والاحتواء والتقزيم والتعتيم، ويخطو خطوة جريئة للأمام ضمن محددات ومعايير واضحة الهدف والمضمون عناوينها لم شمل جميع الفتحاويين واستعادة وحدة حركة فتح بوابة استعادة الوحدة الوطنية.

ويعتقد أبو عطيوي أن الفرصة لازالت مقدمة على طبق من ذهب للرئيس محمود عباس فلسطينياً وعربياً ودولياً من أجل استعادة مكانته وحضوره على كافة الصعد والمستويات، لأن القادم على القضية الفلسطينية خلال المرحلة المقبلة له ما له وعليه ما عليه.