د. محمد مشتهى
منذ أيام والعدو الصهيوني يقوم بعمل استخباري كبير، فطائرات الاستطلاع بمختلف انواعها هي لا تقوم بنزهة في سماء قطاع غزة أو من أجل احداث ضجيج لازعاج الناس او من أجل الاستعراض كما يدعي البعض بسذاجة، بل هي تقوم بمهام صُمِّمت خصيصا لاجلها وهي إما لجمع معلومات جديدة أو تحديث أخرى او كلاهما معا.
لم يكن هناك يوما ما خطوط حمراء ولا زرقاء لدى العدو، وهناك من يوهم نفسه بأن هناك خطوط حمراء للعدو لا يمكن تجاوزها، والحالة الآن هي حالة ركود سياسي، وضعف وهوان عربي وهرولة من بعض الدول العربية للتطبيع مع العدو، وفي مثل هذه الظروف العدو الصهيوني يأخذ زمام المبادرة لتحقيق أهداف مركزية.
وبرأيي المرحلة الآن هي مرحلة خصبة للتخلص من الشخصيات المؤثرة، والتي لا يوجد أحد منها بمنأى عن الاستهداف، تلك المرحلة تشبه إلى حد ما مرحلة استهداف الشهيد قاسم سليماني واستهداف الشهيد بهاء أبو العطا ومحاولة استهداف القائد أكرم العجوري.
وفي هذه المراحل يكون الأكثر استهدافا هو القائد الذي لغته صدامية وفيها من التحدي والشفافية العالية والإصرار والعناد الكبير، وفي حال عدم أخذ هذا القائد للحيطة والحذر سيؤدي ذلك للتخلص منه في أقرب فرصة ممكنة.
هناك شخصيات مؤثرة ومركزية لا تأخذ حذرها وتتفلَّت من الاجراءات الاحتياطية، تلك الشخصيات يعتبرها العدو الصهيوني في متناول يده وسيستهدفها في أقرب فرصة ممكنة في حال توفرت له المعلومات الاستخبارية اليقينية، أما أولئك الذين لديهم احتياطات عالية فإنهم يصعّبون على العدو مهمة استهدافهم، لذلك مطلوب ألا يتم إعطاء العدو الفرصة لتحقيق أهدافه بكل بساطة، واذا كانت تلك الشخصيات التي تتفلّت من الاجراءات الاحتياطية لا تأبه بحياتها، فمطلوب أن تحافظ على حياتها لأجل اخوانها وشعبها.
واضح أن العدو في هذه المرحلة يقوم بعمل استخباري دؤوب لكل شيئ سواء اتصالات أو انترنت أو من خلال عملائه على الأرض أو من خلال طلعاته الجوية الكثيفة، وهو بكل تأكيد يحاول ويسعى إلى الاستهداف البشري وليس كما ادّعى أنه سيستهدف أماكن تصنيع الطائرات المسيرة والأنفاق وربما هذا التصريح جاء من باب التمويه ليس إلاّ، وباعتقادي أن الهدف هو من تلك الشخصيات المؤثرة التي هي في متناول اليد والتي لا تأخذ احتياطاتها الأمنية.
الآن هو زمن التخلص من ذوي المواقع المهمة والمؤثرة والنكدية حسب ما يصفها العدو، لأنه مطلوب ازاحتها عن المشهد السياسي او العسكري، يوجد العديد من القيادات النوعية والمهمة التي من منظور العدو مطلوب ازاحتها ليحل محلها قيادات أخرى ربما تكون أقل نوعية منها، فليس دائما يخلف القائد قائد مثله وليس دائما يأتي بعده ألف ثائر، نعم ربما يخلفه قائد أعند وأصلب منه لكن هذا يبقى تقدير بشري قد يحدث وقد لا يحدث، وفي بعض المرات تصدف ويأتي قائد مثله أو أفضل منه وهذا وارد لكنه ليس حتمي.
العنوان الأبرز برأيي في هذه المرحلة الآن هو كسر حلقات مركزية ومؤثرة وقوية وذات خبرة ومجرّبة في المقاومة أو على مستوى محور المقاومة، وهي تمهيد لإضعاف المقاومة أو المحور ككل، والعدو بكل تأكيد لا يقرأ الغيب لكنه يستهدف تلك الحلقات على الأقل محاولة منه لاعاقة أو وقف مسيرة المقاومة أو محور المقاومة، فمثلا عندما تم استهداف قاسم سليماني كان خسارة لمحور المقاومة أكثر من الخسارة لايران نفسها، فايران لديها مئات الجنرالات، لكن محور المقاومة خسر سليماني، فصائل المقاومة الفلسطينية وحزب الله هم الذين خسروا سليماني، واغتياله بكل تأكيد أثّر على أداء المحور أو عرقله بالحد الأدنى، وكذلك عندما اغتال الشهيد بهاء ابو العطا وحاول اغتيال القائد أكرم العجوري هو أراد إزاحة هذه الشخصيات المؤثرة والعنيدة لإعاقة مسيرة المقاومة، وصحيح أن فلسطين والمقاومة خسرت القائد بهاء أبو العطا لكن في النهاية خاب فأل العدو وازدادت المقاومة عنفوانا بعد استشهاده.
العدو الصهيوني الآن يكشّر عن أنيابه، ويعلم أن تبعات استهداف القيادات المؤثرة لن تكون مكلفة عليه بقدر أنها ستريحه من تلك الشخصيات على الأمد البعيد.
لذلك كله وجب أخذ أقصى وأعلى درجات الحذر، والتعامل مع هذه الحالة بجدية ودون تهاون، فمثل تلك المراحل تكون خطيرة وعامل المفاجأة فيها يكون مستواه مرتفع.