بقلم/ أنطوان شلحت
نَشر، قبل أسبوع، مُحلّلُ الشؤون العسكرية في صحيفة يديعوت أحرونوت وموقعها الإلكتروني، رون بن يشاي، مُلخّصَ "تقدير الوضع السنوي للجيش الإسرائيلي"، تحت العنوان المتباهي: "تقدير الوضع السنوي للجيش الإسرائيلي: الأوضاع الأمنية تحسّنت وهذه هي أسباب ذلك".
بحسب بن يشاي، ثمة أربعة أسباب رئيسية وراء تحسّن وضع الأمن القومي الإسرائيلي. أكثر ما يلفت النظر منها سببٌ انضاف حديثًا، التعاون الاستخباراتي والأمني الوثيق والمتعاظم بين دولة الاحتلال ودول في منطقة الشرق الأوسط.
ومما كتبه في صدده: لا يمكننا أن نتوسّع في الموضوع، لكن المناورات الجوية "علم أزرق" التي جرت بقيادة سلاح الجو في إسرائيل، وزيارة قائد سلاح الجو الإسرائيلي، عميكام نوركين، الإمارات العربية المتحدة، علامتان أساسيتان يمكن الإشارة إليهما في هذا السياق. وللعلم، إن قائد القوات الجوية في الإمارات، إبراهيم ناصر محمد العلوي، قام، على خلفية تلك المناورات، بأول زيارة لإسرائيل، لمتابعة ما وصفت بأنها مناوراتٌ جويةٌ دولية ضخمة يجريها الجيش كل عامين، وأقيمت هذا العام فوق صحراء النقب في جنوب إسرائيل.
وشدّد سلاح الجو الإسرائيلي على أنه يعتبر مناورات هذا العام الأكبر والأكثر تقدمًا بين المناورات التي استضافتها إسرائيل على الإطلاق، بالإضافة إلى مشاركة عدة دول لأول مرة، أو بطرقٍ أكثر أهمية من المناورات الأربع السابقة. وأوضح رئيس قسم العمليات في سلاح الجو الإسرائيلي، الذي أشرف على تنظيم المناورات، أنها جرت بمشاركة 80 طائرة مقاتلة من أنواع متعددة و1500 مقاتل، وأكّد أن لها قيمة إستراتيجية كبيرة لسلاح الجو ودولة إسرائيل على حد سواء. وحرصت مصادر عسكرية إسرائيلية على تأكيد أن الإمارات لم تشارك في المناورات، لكنها أرسلت قائد سلاحها الجوي لمتابعة جزء منها، في أول زيارة رسمية يقوم بها لإسرائيل منذ توقيع اتفاق التطبيع بين البلدين في إطار "اتفاقيات أبراهام" العام الفائت، وأشارت بالتوازي إلى أنه في وقت سابق من هذا العام حلّق طيارون إسرائيليون وإماراتيون معًا في مناوراتٍ مشتركةٍ استضافتها اليونان، وقبل ذلك شاركوا في مناوراتٍ للقوات الجوية بقيادة الولايات المتحدة.
أما زيارة قائد سلاح الجو الإسرائيلي الإمارات، فكان الهدف منها المشاركة في مؤتمر لقادة سلاح الجو من أنحاء العالم كافة، بينهم قادة من دول الشرق الأوسط، وزيارة معرض دبي للطيران الذي أقام فيه سلاح الجو الإسرائيلي جناحًا خاصًا لأول مرة. ولفت بيان للجيش الإسرائيلي إلى أن هذه الزيارة تشير إلى استمرار تطوير العلاقة بين الجيش الإسرائيلي وجيوش أجنبية وتعزيزها على المستوى الإستراتيجي، وأيضًا إلى التعاون المتزايد بينها في الشرق الأوسط.
في واقع الأمر، بمناسبة مرور عام على توقيع الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل، التي صادفت في آب/ أغسطس الماضي، توالت تقارير رسمية وشبه رسمية إسرائيلية اتسمت بالأساس بأمرين لافتين: الأول، أنه يجمعها قاسم مشترك، مؤدّاه أن الشوط الذي قطعته إجراءات التطبيع بين الدولتين كان أطول من الشوط الذي قطعته دول عربية أخرى انضمت لاحقًا إلى "اتفاقيات أبراهام"، فضلًا عن أنها تؤتي الكثير من الثمار في المجالات كافة، بدءًا بالمجال الاقتصادي، وليس انتهاءً بالمجال الأمني.
وفي تقرير لمعهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، أشير إلى أن الوقائع الآخذة بالتراكم بين الدولتين توفر الشروط اللازمة لإقامة ما يُسمّى "السلام الدافئ" بين الشعبين، لأول مرة في تاريخ الاتفاقيات مع طرف عربي، حيث وُقِّعَت مذكرات تفاهم واتفاقيات تعاون في مجالات الثقافة والدراسة الأكاديمية والحفاظ على البيئة والأمن الغذائي والمائي والخدمات الطبية والسيبرانية وغيرها. والأمر الثاني، أن هناك تعويلاً على الاستقواء بالتطبيع مع الدول العربية، ولا سيما في منطقة الخليج، في مقابل تغيّر الإدارة الأميركية وتسلّم إدارة جديدة ذات مقاربة قد تكون مغايرة لمقاربة الإدارة السابقة، وتحديدًا حيال إيران والمسألة الفلسطينية.