غزة- أوصى اليوم مشاركون في يوم دراسي بعنوان: العنف وتأثيره على الاسرة والمجتمع" بتخصيص منصات اجتماعية للمدرسة للتواصل مع الاسرة لمحاربة هذه ظاهرة العنف في مجتمعنا.
ودعا المشاركون في اليوم الدراسي الذي نظمته كلية مجتمع غزة للدراسات السياحية والتطبيقية الى تخصیص جوائز لأحسن مؤسسة تربوية لرسم یتضمن شعاراً لمحاربة ظاهرة العنف.
وحث المشاركون في اليوم الدراسي الذي التئم في قاعة "رويال بالاس" في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة الى تنظيم ندوات ومحاضرات داخل المدارس للمعلمين في الاساليب التربوية البديلة للعقاب البدني واللفظي، وتدريب المعلمين على برامج تربوية للتعامل مع الفاقد السلوكي للطلاب.
ورأى المشاركون في الندوة أن عوامل ظهور العنف تتضمن الوضع الاقتصادي المتردي والبطالة والعرف والاجتماعي، وربط مفهوم الذكورة أو الرجولة بقوامة الزوج أو سيطرته على المرأة (أو التأديب بمفهوم المجتمع والقانون) وقبول العنف داخل الأسرة على ضوء ذلك كوسيلة لعلاج الخلافات.
وأكد د. عبد القادر إبراهيم حماد رئيس مجلس أمناء الكلية كلمة له على أن مظاهر العنف بأشكالها المختلفة التي قد تحدث في مجتمعنا الفلسطيني تتنافى وتعاليم الدين الحنيف، وقيمنا وثوابتنا الوطنية، مشيراً الى أن العنف عندما يصبح جزءاً من ثقافة المجتمع سيؤدي بالطبع لتوقف نموه وازدهاره بعكس ثقافة التسامح، والولاء، والمحبة التي تعمل على تطويره ونمائه.
ورأى أن المشكلة ليست في وجود الُعنف في حد ذاته فهو موجود منذ خُلق الإنسان، وإنما المشكلة تكمن في مساحة ممارسات الُعنف، وازدياد جرائمه داخل الأسرة والمدرسة والجامعة وسوق العمل والتجمعات السكنية والنوادي ووسائل المواصلات على حد سواء ... الخ، منوهاً الى أنه بالرغم من تراجع ظاهرة الُعنف في مجتمعنا الفلسطيني خلال السنوات الأخيرة ، إلا أنها ما زالت مرتفعة بشكل مقلق وخطير حسبما أظهرت نتائج مسح للعنف في المجتمع الفلسطيني جرى ما بين شهري أذار مارس/ وأيار مايو من العام 2019م ونفذه الجهاز المركزي للإحصاء. حيث خرج المسح بمجموعة واسعة من المؤشرات حول الُعنف، سواءً العنف المرتبط بالاحتلال وممارساته، أو الُعنف المجتمعي، بما في ذلك داخل الأسرة، المدرسة، الشارع، وأماكن العمل، ومراكز التسوق، ويشمل مختلف أشكال الُعنف الجسدي والنفسي والجنسي والاجتماعي والاقتصادي وحتى الإلكتروني.
ومضى رئيس مجلس الأمناء بالقول أن الكلية قدمت ومازالت للمجتمع خدمات جلّيلة، خاصة عبر أقسامها ودوائرها ومراكزها، فتحملت أعباء خدمة مجتمع متنوعة ساعدت الى جانب المؤسسات الأخرى مجتمعنا على الصمود والاستمرار. ومع تقدم جهود بناء وطننا وتحقيق إنجازات مشهودة، تدرك الكلية ممثلة بهيئاتها العليا أن الوقت قد حان لتحويل بعض تركيزنا باتجاه تحقيق المزيد من التميز الأكاديمي وتفعيل البحث العلمي بكافة أشكاله، وخاصة البحث العلمي المتعلق مباشرة بحاجات بلدنا ومجتمعنا.
وتقدم د. حماد بالشكر والثناء لكل من ساهم في التئام هذا اليوم الدراسي وبهذا الالتفاف والدعم والرعاية من جميع أبناء شعبنا ومؤسساته الوطنية للكلية وأسرتها.
وألقى د. أكرم شعث المدير الأكاديمي في فرع الكلية بخان يونس كلمة ترحيبية استعرض فيها الجهود التي بذلت لانعقاد اليوم الدراسي، منوهاً الى أن هذا اليوم الدراسي يتضمن جلسة إفتتاحية إضافة الى جلستين علميتين بمشاركة ثمانية باحثين من فلسطين والجزائر.
ورأى د. شعث أننا بحاجة بالفعل الى النظر في استراتيجيات جديدة ونُهج أكثر شمولية من شأنها أن تعالج الأسباب الجذرية للمشكلة وتُمكّن جميع أبناء شعبنا، من العيش بأمان من دون تهديد بالعنف.
وشدد على أنه للحدّ من ظاهرة العنف يجب علينا تبني منظومةً أخلاقيّة وتشريعية تحكم المجتمع وتضبط علاقات الناس مع بعضهم البعض؛ بحيث يجرم العنف ويحاسب مرتكبيه، كما يتمّ إعداد رسائل توجيهية وإرشادية تبثّ من خلال وسائل الإعلام المختلفة تبين رسالة الإسلام الصحيح التي تحثّ على الرفق واللين والتسامح والعفو بعيداً عن العنف والترويع والإيذاء.
وأضاف أن الحد من ظاهرة العنف لا يمر فقط عبر التشريعات والقوانين والاتفاقيات الدولية، وإنما من خلال نشر وتعزيز ثقافة الحماية القانونية لحقوق الإنسان وخاصة الأسرة، إضافة إلى أهمية رفع مستوى التربية والتعليم من خلال المدارس والجامعات بما يضمن حماية حقوق الإنسان، كذلك تعزيز المساعدة القانونية وتثقيف المجتمع بالدفاع عن حقوقه من خلال ذهابه إلى المحكمة من أجل استرداد حقوقه إن كان تعرض لعنف أسري أو جسدي أو نفسي أو اقتصادي أو جنسي، إلخ.
وتقدم د. شعث بالشكر والتقدير لجميع أعضاء اللجان خاصة اللجنة العلمية واللجنة التحضيرية واللجنة الإعلامية ولجنة النظام على جهودهم لإنجاح اليوم الدراسي.
وتوجه د. علاء الدين البطة رئيس بلدية خان يونس بالشكر الى كلية مجتمع غزة التي بادرت على تنظيم هذا اليوم الدراسي الهام، خاصة في ظل تنامي ظاهرة العنف في مجتمعنا سيما في ظل التأثير الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي على المجتمعات الحديثة.
واستعرض رئيس البلدية الجهود التي تقوم بها البلدية للحد من ظاهرة العنف في المجتمع، مشيراً الى قيام البلدية بالعديد من المبادرات في هذا الخصوص، مضيفاً أنه تم تكثيف الجهود للتصدي لظاهرة العنف بشكل عام، والعنف الأسري بشكل خاص لمنع كافة أشكال التمييز ضد المرأة والطفل، والحد من ظاهرة التنمر بما في ذلك التنمر الالكتروني
ورأى أن ثمة علاقة بين العنف داخل المجتمع الفلسطيني والعنف الممارس من الاحتلال العسكري ضد عموم الشعب الفلسطيني، فالعنف الخارجي ممثلاً في الاحتلال يفاقم العنف الداخلي، وبخاصة عندما تحكم سلطات الاحتلال الخناق على الشعب الواقع تحت الاحتلال أو في تشديد الحصار الغاشم على قطاع غزة.
وتضمنت الجلسة الأولى التي ترأسها د. محمود خلف الله الأستاذ في جامعة الأقصى، أربعة أوراق علمية، حيث تطرق د. أشرف بربخ الأستاذ في جامعة الأقصى الى: "الأساليب المستخدمة فى العنف الرقمي ومدى تجلياتها في البيئة الافتراضية"، بينما تناول الدكتور محمد محمد عودة في ورقة علمية له: " العنف المدرسي المبني على الفاقد السلوكي في ظل جائحة كورونا"، وتحدثت الدكتورة ناريمان الاغا عن: " دور الإدارة المدرسية في الحد من العنف المدرسي"، وقدمت د. بلقيس أبو جامع والأستاذة بدر أبو جامع في ورقة علمية لهما تصورا علمياً مقترحاً حول: " الآثار النفسية والاجتماعية الناتجة عن العنف الأسري بالمجتمع الفلسطيني في محافظات غزة".
وترأس الجلسة الثانية الدكتور حسن السعدوني، حيث تحدثت د. نورة خيري من جامعة زيان عاشور الجلفة/الجزائر ود. هالة دغمان من جامعة 20 أوت 1955 سكيكدة/الجزائر عن العنف ضد المرأة في المجتمع الجزائري: بين المعالجة القانونية والإعلامية، بينما تناول الدكتور رمزي النجار "العنف بين العادات والتقاليد والتشريع في فلسطين"، وتناول الأستاذ طارق سهمود وآخرون: "دور العرف العشائري في الحد من ظاهرة العنف الاسري والمجتمعي في قطاع غزة".
وكان اليوم الدراسي بدأ بآيات من الذكر الحكيم والسلام الوطني والوقوف دقيقة صمت ترحماً على أرواح الشهداء.