تزداد كل يوم خلط الأوراق على الساحة الفلسطينية مما يساهم في رفع وتيرة الارتباك بين مكونات المشروع الوطني، وهذا الخلط يصب في المصلحة الاسرائيلية عن تخطيط ووعي منها ولعله من باب الحقيقة ان الذي يربك الساحة ويجدف عكس مصالحنا وأهدافنا الوطنية الفلسطينية هي السلطة الفلسطينية ومكوناتها الامنية.
لا يمكن الفصل في الاهداف والمخاطر بين من يقتل الفلسطيني جسديا اينما وجد سواء على الحواجز او المخيمات او حتى في السجون ومن يحاول قتل الروح الفلسطينية معنويا ونفسيا، مثل تشويه المقاومة وملاحقة الاسرى المحررين او منع الاحتفاء بحريتهم او محاصرة مسيرة تشييع الشهداء، ان قتل الروح هي أخطر من قتل الجسد لان قتل الجسد يحيي روح المقاومة والرفض اما محاولة قتل الروح فهي بمثابة قتل للمشروع الوطني برمته وتشويه للرواية الفلسطينية التاريخية.
عندما لا يجد الأمن الفلسطيني حرجا في اعادة المستوطن الصهيوني المتسلل الى قلب رام الله معزول مكرما بينما يلاحق موكب استقبال الاسير المحرر محمد العارف بعد 18 عاما من الاعتقال، وعندما يصبح اللقاء مع القاتل غانتس او بينت مكسبا وطنيا لا تحتاج الموافقة له سوى دقائق معدودة بينما اللقاء بين قادة شعبنا ورئيس السلطة يحتاج الى عقود وابتزاز واشتراطات! فهؤلاء ليسوا ابناء مشروع تحرري.
ان ممارسات السلطة لا تعني لنا تفاصيل ملاحقة شخص هنا او راية هناك او تحويل فرحة هذا المخيم الى حزن بل ابعد بكثير لان ما تمارسه السلطة الفلسطينية وبالأخص أجهزتها الامنية هي تشويه وتدنيس الموروث السياسي والثقافي والانتماء العروبي الإسلامي لشعبنا، وتحويله من مناضلين ومجاهدين على طريق الحرية والحقوق الوطنية الى خدم للمشروع الصهيوني.
ان خطورة دور السلطة الفلسطينية واجهزتها الأمنية توجب علينا كفلسطينيين رسم خارطة واضحة المعالم والعناوين لكل مكونات الخارطة السياسية الفلسطينية انطلاقا من محددات سياسية واضحة اهمها المقاومة وفلسطين الكاملة كحق تاريخي وحالة التناقض والعداء الاستراتيجي للمشروع الصهيوني ورفض الاقتراب من هذا المشروع ايا كانت التبريرات وموازين القوى الإقليمية والدولية وتحديد الفرص من التهديدات في هذه الخارطة.
* ان ما تقوم به السلطة واجهزتها يتمثل في قتل روح الانتماء لفلسطين الوطن والهوية والمقدسات وتشويه الفرد والمناضل الفلسطيني وملاحقة كل فكرة او عمل او فعالية تزعج المشروع الصهيوني او تعيق تحقيق أهدافه وهذا كان واضحا منذ أوسلو لكن ازدادت شراسته وعدوانيته لشعبنا في السنوات الأخيرة.
* تجريم ومحاكم التاريخ الفلسطيني من خلال كسر هيبة وقداسة ايقونات المشروع الوطني كالشهيد والاسير والجريح وقطع رواتب البعض وعدم الاعتراف بعضهم يؤكد ذلك. والملاحقات الأخيرة للاسرى لا تقف عند صراع ١د هذا الفصيل او ذاك بل تصل تدنيس متن التاريخ الفلسطيني وايقونات النضال.
* تفتيت النسيج الاجتماعي والعائلة الفلسطيني والمقاومة في تشكيل شرائح فلسطينية على شكل عصابات تعتمد على البلطجة والقتل كما حدث في الخليل مؤخرا والهاء الناس بالمشاكل البينية لمنح الصهاينة المزيد من الاريحية في الضفة والقدس، والمخيف ان هذه الممارسات تحاول الوصول للتجمعات الفلسطينية خارج فلسطين كما حدث مؤخرا في لبنان ومخيم البرج الشمالي.
* تسهيل مهمة العدو الصهيوني في التمدد في العواصم العربية والإسلامية من خلال منحه مزيدا من الشرعية واللقاءات البائسة التي تخدم التمدد والتطبيع.
* رفض اي خطوة على طريق بناء النظام السياسي الفلسطيني والمرجعيات الفلسطينية ك م ت ف بل القطيعة مع اغلب القوى الحية في شعبنا، كذللك رفض مواجهة العدو في المحافل الدولية ذات الاختصاص كمحكمة الجنايات الدولية ولاهاي وغيرها.
ان الانقسام الفلسطيني أعمق واخطر بكثير مما يسمى "انقسام حماس وفتح" وقوى التسوية اللعينة تبذل جهودا جبارة في جعل هذا الانقسام يملأ كل الفضاء الفلسطيني السياسي والثقافي والاجتماعي والاخلاقي والجغرافي تمهيدا للوصول الي شرق أوسط يقوده الكيان الصهيوني.
المنطقة تسير نحو نهايات مرعبة ولن يستطيع إيقاف هذه الهرولة نحو الزمن الإسرائيلي سوى المقاومة الفلسطينية وبمعية احرار العالم ومحور المقاومة وكذلك الثبات الفلسطيني في كل ميادين الصراع والمواجهة.