لم تعد المملكة العربية السعودية تتحرج من التسريبات التي تتحدث عنها الصحافة العربية والعالمية عن إمكانية إقامة علاقات بين المملكة العربية السعودية و «إسرائيل» خلال العام 2022م, والدخول تحت عباءة التطبيع بينهما، فوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان قال خلال مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الأمريكية «أعتقد أن تطبيع وضعيّة إسرائيل في المنطقة سيحقق فائدة هائلة للمنطقة ككل». وإن تطبيع العلاقات مع «إسرائيل» سيعود بـ «فائدة هائلة» على المنطقة، لكنه اعتبر أن إبرام اتفاق مماثل مع المملكة يعتمد على التقدم في مسار السلام الإسرائيلي الفلسطيني. وأفادت تقارير إخبارية انه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020م عقد رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتانياهو محادثات سرية مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مدينة نيوم السعودية، ما أثار تخمينات حول التجهيز لتطبيع العلاقات مع المملكة خلال فترة وجيزة, وقد بدت مؤشرات التطبيع بين المملكة و «إسرائيل» من خلال خطوات عدة اتخذتها المملكة العربية السعودية منها, السماح لوسائل الاعلام السعودية والعربية والعالمية بالحديث عن لقاء محمد بن سلمان برئيس الوزراء الصهيوني الأسبق بنيامين نتنياهو في مدينة نيوم السعودية, وذلك بحضور وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو , وشارك نتنياهو في لقاء نيوم الجنرال الصهيوني آفي بالوت السكرتير العسكري لنتنياهو, وهذا يعني ان هناك تعاوناً امنياً متنامياً بين المملكة العربية السعودية و «إسرائيل» ,وقد تحدثوا عما اسموه التهديدات الأمنية والعسكرية الإيرانية في المنطقة، بزعم أن من يهددون السعوديين يهددون «إسرائيل» أيضا، وإيران عدو مشترك لهما.
وهنا لا يجب ان نغفل العلاقات القائمة على التعاون بشكل رئيسٍ بين أجهزة الامن السعودية مع رئيس الموساد ورئيس الوزراء الصهيوني، ويتمثل ذلك في توثيق العلاقات الأمنية والاستخبارية، وباتت «إسرائيل» لا تعمل على تعميق العلاقات الأمنية مع السعودية فحسب، بل أيضا العلاقات التجارية, ولأن القصر الملكي يدرك صعوبة تمرير التطبيع والتحالف مع إسرائيل على الشعب السعودي فقد بات يدفع بالمفتي وشيوخ المملكة للحديث عن التعايش مع اليهود وحرمة قتالهم ودعوتهم لزيارة المملكة العربية السعودية, وكان مفتي السعودية عبد العزيز ال الشيخ قد دعا ما اسماهم مجموعة من رجال الدين الصهاينة للمشاركة في مؤتمر مصالحة ديني سيعقد في العاصمة السعودية الرياض ويجمع شخصيات «دينية» كبيرة من الديانات السماوية الثلاث, ويبدو انها تمهيد لطرح ما اسموه بالديانة الابراهيمية التي جاءت لتحل مكان الديانة الإسلامية وتمس المسلم في عقيدته, وردا على دعوة مفتي السعودية وجه الصهيوني أيوب قرا دعوة عبر «تويتر» إلى مفتي السعودية لزيارة تل أبيب. وقال «أشكر مفتي السعودية عبد العزيز آل الشيخ، الذي أفتى بحرمة قتل اليهود، وقال إن حماس تنظيم إرهابي يضر الفلسطينيين، وإن التظاهرات من أجل الأقصى غوغائية، وإنه يمكن التعاون مع الجيش الإسرائيلي من أجل القضاء على حزب الله؛ ولذلك أدعوه لزيارة إسرائيل ليحظى باستقبال حافل واحترام», كما سعت المملكة إلى تواصل جريء مع شخصيات يهودية عندما استضاف العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الحاخام المقيم في القدس ديفيد روزين، لأول مرة في التاريخ الحديث، لتؤسس المملكة لعلاقة جديدة مع «إسرائيل».
المعلومات الاستخباراتية التي يتم تمريرها بين السعودية و «إسرائيل»، تشير إلى أن هناك اتفاقا ضمنيا على تسيير الرحلات الجوية الإسرائيلية في سماء المملكة، بجانب الاجتماعات السرية للمسؤولين السعوديين والإسرائيليين، فإن لقاءات تعقد بينهما على هامش المؤتمرات والمؤتمرات الدولية، مما يعطي بداية للتغيير والعلاقات المفتوحة بين الجانبين، واللافت أن المملكة باتت تتناول العلاقة مع «إسرائيل» بصراحة، وليس بغموض، والأكثر إثارة للاهتمام أن رجال دين سعوديين بدأوا يعبرون عن أنفسهم إيجابيا تجاه «إسرائيل»، بل يخاطبونها بشكل علني في منشوراتهم، ويهنئونهم بأعياد الفصح, ومنذ عدة سنوات وحتى الآن، يمكن للأجانب الذين لديهم جواز سفر إسرائيلي، أن يدخلوا السعودية دون استصدار تأشيرة دخول إليها دون مشاكل، كما سيكون الإسرائيليون قادرين على الحصول على تأشيرة عمل لدخول المملكة، حتى بجواز سفر إسرائيلي، وهناك عدد من الشركات الإسرائيلية ورجال الأعمال الإسرائيليين يقيمون علاقات تجارية مع نظرائهم في السعودية، وقد سمحت السعودية لطائرات تجارية في طريقها من وإلى «إسرائيل» باستخدام مجالها الجوي، وفي مارس الماضي وافقت السعودية على تحليق أول طائرة إسرائيلية للطيران بسمائها، امام كل ما سبق يجب ان ندرك ان المملكة العربية السعودية تنساق للتطبيع مع إسرائيل بشكل متسارع في اعقاب جريمة قتل الصحفي المغدور جمال خاشقجي, وبعد الخسائر المرعبة للمملكة خلال عدوانها المتواصل مع اليمن, وتراجعها الاقتصادي فهل يشهد العام 2022م الانتقال في العلاقة السعودية الإسرائيلية من السر الى العلن, والبدء بعلاقات التحالف والتطبيع؟ نأمل كفلسطينيين الا يحدث هذا لكننا ندرك ان المقدمات قد تنتهي بأخطر النتائج!.