يمضي الصادقون إلى لقاء ربهم غير آبهين بالدنيا ومتاعها، يرحلون مقبلين مؤكدين أن أرواحهم في راحهم يقدمونها طمعًا بالثوب العظيم وجنة النعيم؛ لأن الإيمان في قلوبهم بلغ أسمى مراحل اليقين، فهم الغرباء والمشتاقون، هم من خلَّدوا في جوف أحبتهم ومن خلفهم مشاعر جياشة شوقًا للرحيل.
وليس غربيًا على من أفنى حياته مجاهدًا أن يترك هذه الدنيا على عجل، فهذا نهجهم وتلك آية الله بمن صدقوا ولم يضلوا السبيل.
ميلاد الفارس
ولد شهيدنا المجاهد حسين يوسف حسين الدويك في الخامس عشر من مايو/أيار من العام ألف وتسعمئة وتسعة وثمانين، في المملكة العربية السعودية، ثم انتقل وأبويه للعيش في قطاع غزة، بمخيم الشاطئ تحديدًا.
نما شهيدنا وترعرع في كنف أسرة محافظة وملتزمة بتعاليم دينها، وتميز منذ صغره بإبتسامته الجميلة التي جعلته محبوبًا لدى الجميع.
درس شهيدنا المرحلة الابتدائية في مدرسة أبو عاصي، وفي المرحلة الإعدادية انتقل إلى مدرسة غزة الجديدة، وأنهى المرحلة الثانوية في مدرسة شهداء الشاطئ، فكان نِعمَ الطالب المكافح المتفوق والملتزم.
باراً بوالديه
وكان شهيدنا وحيد أبويه من الذكور، وله أربع أخوات، حيث كان حريصًا عليهن، وسندًا لهن في كل شيء، رؤوفًا بهن، مجتهدًا لصلة الرحمن، وصمام الأمان بالنسبة لهن.
أما عن علاقته بوالديه، فكانت علاقةً فريدةً، حيث كان بارًا بهما، مطيعًا لهما في كل أمر، وكان جُلُّ اهتمامه أن يحافظه على أبويه وأخواته، وأن ينسج خيوط الود والمحبة بينهم، وكان يعمل أيضًا لمساعدة والده لتحسين الظروف المعيشية للأسرة.
وعن علاقة شهيدنا حسين بالأصدقاء ومن حوله، يقول صديقه المقرب: "أنه كان وفيًا، ونعم الصديق الصدوق، شجاعًا وشهمًا وكريمًا، ويسعى بشكل دائم إلى فعل الخير والمحافظة على المحبة بين الناس.
الإنسان المثقف
ومن أبرز صفات شهيدنا أنه كان متفائلًا ومثقفًا، وله نظرة عميقة للمستقبل، وشديد التحمل والصبر عند أي مكروه يصيبه، وحريصًا على مساعدة الناس، وتقديم العون لهم من ماله الخاص، وكان قوي البنية، ويحب ممارسة الرياضة بشكل دائم.
وتزوج شهيدنا المجاهد بزوجة صابرة محتسبة، وكان ثمرة زواجهما أن رزقهما الله بأربع بنات رباهنَّ على حب الدين والأخلاق الحميدة، ومعاملة الآخرين معاملة حسن.
قلبه معلق بالمساجد.
تربى شهيدنا في بيوت الله تعالى على موائد القرآن الكريم، فكان منذ صغره يرتاد المساجد وحلقات الذكر ومراكز التحفيظ، فأصبح قلبه معلق بالمساجد يداوم على الصلوات الخمسة في المسجد وخاصة صلاة الفجر، ويحرص على أن يكون من أصحاب الصف الأول حتى أصبح أحد أعمدة مسجد المصطفى، كما كان يحث الجميع على الالتزام في بيوت الله والحفاظ على الصلوات الخمس جماعةً، وحضور مجالس الذكر، وحفظ القرآن الكريم، والتسامح، والأُخوة، والعفو عند المقدرة، وكتم الغيظ.
مشواره الجهادي
ما كان لشهيدنا أن يتخلف عن واجبه الوطني والإسلامي في مجابهة الاحتلال بالوسائل المتاحة كافة، فانضم عام 2004م إلى صفوف حركة الجهاد الإسلامي، وشارك في العديد من الفعاليات والأنشطة وكان له دور بارز على الأصعدة كافة.
وحينما استقر اليقين في قلب شهيدنا حسين قرر الانضمام لصفوف سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وبعد إلحاح شديد منه وافقت قيادة السرايا على طلبه عام 2005، ومن ثم التحق بدورتين عسكريتين، فأصبح بفعل التدريبات مجاهدًا عنيفًا صنديدًا، حيث شارك في التصدي للاحتلال خلال عدوان 2008 و2014، كما عمل شهدينا لمدة تزيد عن عام في حفر الأنفاق، وكان مثالًا للعطاء والنشاط، فلم يكل ولم يمل، يصل الليل بالنهار، ويداوم على الرباط في سبيل الله تعالى.
رحيل الفارس
وفي السابع من ديسمبر عام ألفين واحد وعشرين، ارتقت روح شهيدنا حسين إثر معاناته مع المرض العضال، بعد حياة مليئة بالصبر والتحمل والعطاء والجهاد في سبيل الله؛ لتبقى سيرته نبراساً لإخوانه المجاهدين الذين يواصلون درب الجهاد والمقاومة.