تنشط في هذه الأوقات الاتصالات التي يقودها وسطاء التهدئة، من أجل التوصل إلى آلية تسمح بالبدء السريع لعمليات إعادة الإعمار، للمنازل والبنى التحتية التي دمرت خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة ضد قطاع غزة.
ودفع موسم الشتاء الحالي، وما رافقه من زيادة العبء الملقى على العوائل التي فقدت منازلها في تلك الحرب، وتقيم إما عند أقارب أو في منازل مستأجرة لا تفي بالغرض، وكذلك زيادة المشاكل الناجمة عن عمليات تصريف مياه الأمطار وغرق الكثير من المناطق خلال المنخفضات الجوية، بسبب تضرر شبكات البنى التحتية جراء القصف، بالوسطاء للتحرك بناء على رسائل وجهت إليهم من فصائل المقاومة في غزة، والتي أنذرت سابقا بالتحرك الميداني على الأرض، سواء بالوسائل الشعبية أو المسلحة، من أجل إنهاء معاناة سكان غزة.
وعلاوة عن الزيارة التي يقوم بها السفير محمد العمادي، رئيس اللجنة القطرية لإعمار غزة، لقطاع غزة، والتي بدأت منذ ليل الثلاثاء، بهدف بحث هذا الملف، وكذلك المشاريع التي تبنيها قطر في غزة، كان وفد أمني مصري زار تل أبيب، وبحث هناك علاوة عن ملفات مصرية خاصة، ملف غزة والإعمار وصفقة تبادل الأسرى.
وقد التقى السفير العمادي برئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار، في مكتب الأخير في غزة، بحضور عدد من قادة الحركة، ولم تذكر حماس أي تفاصيل عما بحث في اللقاء، غير تقديم السفير العمادي التعازي للسنوار، بوفاة والده وشقيقته.
ويتردد أن السفير العمادي التقى قبل دخوله غزة مسؤولين إسرائيليين لبحث عدة قضايا تتعلق بالحفاظ على حالة الهدوء القائمة، ومنح المزيد من التسهيلات الاقتصادية للقطاع.
ويدور الحديث في هذا الشأن، أن رسائل جديدة وجهتها حركة حماس وفصائل المقاومة، دعت خلالها لضرورة الإسراع في تنفيذ مشاريع الإعمار، بعد مضي ثمانية أشهر على انقضاء الحرب، إذ لم يبن أي من المنازل المدمرة بشكل كامل حتى اللحظة، وجددت خلال الرسائل التي وجهت للوسطاء، رفضها لمحاولات التأجيل القائمة حاليا، حيث أعادت التذكير بتهديدات سابقة، بالتحرك الميداني لدفع الاحتلال تجاه تسهيل مهمة الإعمار.
ما علمته “القدس العربي” أنه قدم لفصائل المقاومة في غزة، ملخصا من الوسطاء يتضمن شرحا، حول الأموال المرصودة لهذه العملية، والتي يحتاج وصولها إلى موافقات إسرائيلية، وتنسيق مع السلطة الفلسطينية، من أجل صرفها للمتضررين، وهي أموال تضاف إلى تلك الموجودة حاليا لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا“، والمتوقع أن تصرف قريبا، لتمثل بذلك انطلاق أولى عمليات الإعمار.
وفي محاولة لتهدئة الوضع خلال الأسبوعين الماضيين، جرى توزيع مساعدات مالية على أصحاب المنازل التي تعرضت لضرر طفيف وضرر بليغ، يصعب السكن فيها، ليتمكن ملاكها من إعادة ترميمها بعد أن نال منها القصف الإسرائيلي العنيف خلال الحرب الأخيرة التي انتهت يوم 22 مايو الماضي بعد 11 يوما من الغارات.
ورغم استحسان فصائل المقاومة في غزة لهذه الخطوة التي نفذتها “الأونروا” إلا أنها طالبت بعد ما لحق بغزة من حوادث غرق طالت الكثير من المناطق، ومن حدوث انهيارات جديدة في شوارع طالها القصف الإسرائيلي، بضرورة الإسراع في تنفيذ مشاريع الإعمار الكبرى.
والجدير ذكره أن دولة قطر تعهدت بتقديم مبلغ مالي كبير قدره نصف مليار دولار من أجل إعمار غزة وتنفيذ مشاريع أخرى مهمة، كما أعلنت مصر بعد الحرب عن التبرع بمبلغ مماثل، يشمل إزالة الدمار الذي خلفته الغارات وتعبيد طريق ساحلي، وبناء ثلاث مدن سكنية، وإنشاء كباري لتخفيف أزمة السير، غير أن المشاريع الكبرى هذه لم يجري تنفيذها بعد، خلاف توقيع مصر بعد إزالة ركام الحرب، اتفاقا لتعبيد الطريق الساحلي شمال قطاع غزة.
وحسب مصادر مطلعة، فإن هناك أيضا أموالا تبرعت فيها دولة الكويت، تنتظر “إجراءات إدارية” من أجل صرفها على المتضررين لبناء منازلهم، ضمن خطة تشمل توزيع المتضررين كما الحرب السابقة على الدول المانحة، فيما ستوكل بعض الدول مهمة التوزيع والإعمار لوكالات الأمم المتحدة “الأونروا” والبرنامج الإنمائي.
وستكون جهود الوسطاء الخاصة بالإعمار، مترافقة مع تلك التحركات التي يقودونها من أجل تطوير تفاهمات التهدئة القامة حاليا بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل.
وفي هذا الوقت يجري النقاش عبر الوسطاء، حول زيادة عدد تصاريح العمال، التي تمنحها سلطات الاحتلال لسكان غزة، بوصول العدد من 10 آلاف عامل، إلى 20 ألف على الأقل، وهي خطوة في حال تحققت فإن من شأنها أن تخفف من حجم الفقر والبطالة في قطاع غزة.
وعلمت “القدس العربي” أنه يجري أيضا البحث من قبل الوسطاء، في دفع إسرائيل لإدخال تسهيلات اقتصادية، تشمل تسهيل العمل على المعابر، بإدخال أصناف سلع جديدة، إلى جانب تسهيلات تخص عملية الإعمار، بعد تثبيت قرار عدم ربط العملية بملف صفقة تبادل الأسرى.
وحسب المصادر، فإنه في حال سارت الأمور بالشكل المعتاد، وبدون تعقيدات إسرائيلية، سيسار قريبا لإصدار تصاريح جديدة تسمح لعمال غزة بالانتقال للعمل داخل إسرائيل، خاصة وأن كلام الوسطاء الأخير يشير إلى ذلك.
وقد أعلن قبل أكثر من أسبوع، عن قيام اللجنة القطرية بتوقيع مذكرة تفاهم لتشغيل محطة توليد كهرباء غزة بالغاز، في إطار اتفاق بين الشركة المشغلة للمحطة وسلطة الطاقة الفلسطينية، حيث ستتكفل قطر بتمويل المشروع، الذي يخفف مبدئيا أزمة الطاقة في غزة، سعيا لحلها بالكامل، وهو أحد مشاريع الإعمار الكبرى.
وفي هذا الوقت تقوم قطر بتوزيع المساعدة المالية المخصصة لعشرات آلاف الأسر المعوزة، بهدف تخفيف الأزمة الاقتصادية في القطاع، ضمن مشروع بدأته منذ العام 2018.
وكان العمادي قام خلال زيارته الماضية لغزة، بعقد سلسلة اجتماعات في قطاع غزة، اشتملت قيادة حركة حماس ومسؤولين آخرين لهم علاقة بملفات الإنشاء والمساعدات، كما عقد لقاءات أخرى مع مسؤولين في تل أبيب، ضمن مساعي التهدئة ودفع مشاريع الإعمار قدما.
ووقتها قال إن دولة قطر تبذل جهوداً كبيرة مع كل الأطراف لضمان تثبيت وقف إطلاق النار وعدم تجدد التصعيد، مؤكدا حرص قطر على مواصلة تقديم الدعم للفلسطينيين على كافة الأصعدة وبالتعاون مع مختلف الجهات.
كما شدد يحيى السنوار خلال اللقاء مع العمادي، على تمسك كافة القوى الوطنية بضرورة تنفيذ التفاهمات وفتح المعابر وتقديم التسهيلات اللازمة على كل المستويات.
وفي إطار التحركات من المحتمل أن يقوم وفد أمني مصري بإجراء زيارة لقطاع غزة، على غرار الزيارات السابقة، وآخرها الشهر الماضي، والتي دامت لمدة يومين، للقاء قيادة حماس والفصائل الفلسطينية، لبحث الملفات الخاصة بالتهدئة وصفقة الأسرى، في ضوء نتائج اللقاءات التي عقدت في تل أبيب.
وحاليا يدور الحديث بأن إسرائيل جددت الطلب من الوسطاء بالعمل لدفع فصائل المقاومة للتهدئة في الضفة، لوقف الهجمات المسلحة التي تنفذ بشكل متقطع في الكثير من مناطق التماس هناك، وأن يصبح الأمر موازي لحالة الهدوء في غزة.
وكانت فصائل المقاومة في غزة، أكدت على ضرورة تصعيد الفعل المقاوم في الضفة، للتصدي لاعتداءات الاحتلال والمستوطنين، التي تشهد في هذه الأوقات تصعيدا خطيرا، وأكدت على وجود استخدام “كل أدوات الكفاح” من أجل التصدي لكل المشاريع الاستيطانية والتهويدية.