كتب: خالد صادق
عملت السلطة الفلسطينية على افشال جهود الجزائر منذ بداية الحديث عن المصالحة, ففي الوقت الذي رحبت فيه حماس بدعوة الجزائر للفصائل الفلسطينية للحوار وصولا الى المصالحة, عبرت السلطة عن موقفها من المصالحة على انها يجب ان تقوم على أساس قرارات الرباعية الدولية والاحتكام لمسار التسوية كحل وحيد مع الاحتلال, مسؤول فلسطيني قال أن الوقائع على الأرض، تظهر الخلاف الكبير في المواقف بين حركتي فتح وحماس، بشكل أساس، تجاه تجاوز نقاط الخلاف الخاصة بملف المصالحة، وهو ما دفع الجزائر لإرسال دعوات “منفردة” للقاء الفصائل، بدلا من المؤتمر العام الذي خطط له، خشية من تسجيل الفشل, وقد استكملت الجزائر جمع وثائق ومقترحات الفصائل الفلسطينية حول مسار المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام الداخلي، وذلك ضمن سياق ترتيبات تمهيدية لعقد مؤتمر الفصائل الفلسطينية الذي دعا إليه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، دون أن تعلن عن نتائج المشاورات الأولية والخطوة التالية, وتراهن الجزائر على استغلال علاقاتها الجيدة بالكل الفلسطيني، خاصة وأنها استضافت سابقا فصائل المنظمة على أرضها وعلى رأسها حركة فتح، كما أن لها علاقات مع حركة حماس، لجهة التأثير على جميع الأطراف من أجل تجاوز الخلافات, لكن الجزائر التي خاضت ثورة عظيمة ضد الاستعمار الفرنسي ونالت حريتها واستقلالها بعد 130 عاما من الاحتلال الفرنسي للجزائر, قدمت خلالها اكثر من مليون ونصف المليون شهيد, تتفهم وجهة نظر الفصائل الفلسطينية جيدا, وحقها في مقاومة الاحتلال الصهيوني بكل الوسائل, واستخدام كافة الخيارات دون التقيد بقرارات الرباعية او غيرها.
وفد حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين بقيادة عضو المكتب السياسي ورئيس الدائرة السياسية في الحركة الدكتور محمد الهندي كان اخر الوفود الستة التي اختتمت جولة الحوار في الجزائر، ووصف بيان للحركة اللقاءات بأنها “جرت في جو أخوي يتسم بالمسؤولية والحرص الكبير على استعادة الوحدة الفلسطينية”. وأكدت الحركة على ضرورة إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية كمرجعية وطنية لكل أبناء الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، مشيرة إلى أن ذلك هو المدخل الطبيعي لاستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، إضافة إلى ضرورة انتخاب مجلس وطني جديد حيثما أمكن الانتخاب والتوافق في المناطق التي يتعذر فيها, وهنا تبرز العقبة الثانية او المعضلة التي صنعتها السلطة الفلسطينية بقرارها الاحتكاري بعقد المجلس المركزي للمنظمة دون الرجوع التي التوافقات التي تمت خلال حوارات سابقة بين السلطة ممثلة في حركة فتح والفصائل الفلسطينية, وهو ما يعني ان السلطة مصرة على إبقاء المنظمة كما هي وعدم الدعوة لانتخاب مجلس وطني, وعدم ضم حماس والجهاد الإسلامي الى المنظمة, رغم انهما يمثلان قوة جماهيرية عريضة تفوق قوة السلطة بأضعاف مضاعفة, ويمثلان قوة سياسية وعسكرية كبيرة لا يمكن تجاوزها, ويمثلان الضمان والأمان على التمسك بالثوابت الفلسطينية التي فرطت فيها السلطة لصالح الاحتلال, وهذا كله له انعكاس على موقف السلطة الذي تجسد برفض خطوات المصالحة الفلسطينية التي ترعاها الجزائر, والإصرار بعناد على عقد المجلس المركزي رغم رفض كافة الفصائل الفلسطينية المؤثرة المشاركة في جلسات المجلس المركزي, لان السلطة لا ترغب بإجراء إصلاحات به.
هذه المواقف للسلطة الفلسطينية بالتأكيد لها انعكاسات على الفصائل, فلغة الحوار والنقاش مع السلطة منعدمة, وموقف السلطة مرتبط بجهات خارجية ولا تستطيع ان تتحكم بقرارها, والوصول الى توافق مع السلطة بخصوص المصالحة, وبخصوص ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني بات مستحيلا, فما الذي تمتلكه الفصائل الفلسطينية لوقف سياسة احتكار قرار السلطة لصالحها فقط, علما ان الجميع يحذر من الحديث عن اجسام بديلة, او الدخول في مواجهة مع السلطة, او الانشغال عما ترتكبه إسرائيل من جرائم بحق شعبنا بفتح معركة إعلامية او سياسية مع السلطة لان هذا يخدم الاحتلال حسب رأيهم, فما هو المخرج من هذا الحالة المزرية التي اوصلتنا اليها السلطة الفلسطينية وما هي البدائل المطروحة والتي يمكن ان تجبر السلطة على وقف سياستها الاستفرادية بالقرار الفلسطيني, أولا علينا ان نعترف المتاح امام الفصائل الفلسطينية ليس كثيرا, ثانيا يجب ان تكون الخطوات محسوبة بدقة حتى لا يستفيد منها الاحتلال الصهيوني, ثالثا هذه الخطوات يجب ان تكون مؤيدة شعبيا ومتوافق عليها نسبيا على المستوى الشعبي والفصائلي, ومن هذه الخطوات ان تكون قرارات الفصائل متخذه للمصلحة الفلسطينية بعيدا عن المواقف الحزبية فمقاطعة جلسات المجلس المركزي ضرورية جدا وعلى الجبهة الديمقراطية ان تحسم قرارها فورا, كما يجب ان يشعر رئيس السلطة محمود عباس ان شرعيته منقوصة وانه لا يمثل الكل الفلسطيني وذلك من خلال بيانات جمعية تصدرها الفصائل المقاومة لرفض قراراته, وبخصوص رفض المصالحة مع حماس, فان الفصائل الفلسطينية مطالبة بعقد مؤتمر مصالحة حتى وان لم تشارك به حركة فتح يتحدث عن محددات العمل الفلسطيني إداريا وسياسيا ويضع أسس وقواعد للعلاقات بين الفصائل, ويتحدث عن الثوابت الفلسطينية التي لا يمكن المساومة عليها والتفريط بها, ويدعو شرفاء فتح لتبني هذه المواقف.