هل كل الضخ الإعلامي من واشنطن وأوروبا حول غزو روسي وشيك لأوكرانيا حقيقة أم مكيدة إعلامية تشبه مكيدة الحزام الناري "الإسرائيلي" في غزة إبان معركة سيف القدس؟
يرافق عادةً المعارك العسكرية مكائد ومصائد إعلامية، وحتى تُحاك تلك المكائد يجب حياكتها بدقة متناهية ثم إخراجها للمشاهد بطريقة مذهلة ودونما ثغرات حتى يتم تصديقها والبناء عليها، الكل شاهد في معركة سيف القدس كيف تم أخراج العدو الصهيوني للمكيدة الاعلامية الشهيرة والتي أراد من خلالها تحقيق نصر على المقاومة الفلسطينية بالضربة القاضية، إستخدم العدو وسائل الإعلام المشهورة لتمرير خطته، لكنه في النهاية ترك ثغرة وراءه أقل ما يُقال أنها "ساذجة"، حيث أن قطاع غزة مساحته صغيرة والمقاومة الفلسطينية من السّهل عليها مراقبة الحدود حتى بالعين المجردة، فكيف إذا امتلكت طائرات مسيرة تقوم بتصوير الحدود من الجو؟! وبالفعل أظهرت المقاومة صورا للحدود وهي فارغة من المدرعات والجنود، فكان السؤال البسيط الذي جال في عقل المقاومة: إذا كان هناك اعلان عن بداية هجوم بري، فأين من سينفذون هذا الهجوم من جنود ومدرعات؟! هنا جاء الأمر للمقاتلين بعدم الذهاب للانفاق لشبهة وجود مكيدة إعلامية، فضرب العدو الأنفاق وفشلت المكيدة العسكرية التي غلفها العدو إعلاميا، وجراء هذه المكيدة الاعلامية الفاشلة سيعاني جيش العدو من انخفاض في منسوب ثقة العديد من قنوات الإعلام أثناء خوضه لأي معارك قتال مستقبلية.
في ظل الإعلان منذ الأمس عبر وسائل الإعلام عن هجوم روسي وشيك على أوكرانيا وعن تفاصيل ساذجة للهجوم ثم إجلاء رعايا دول وتقليص موظفين في السفارات وخلق جو حربي توتيري خلال 24 ساعة، كل هذا تم بواسطة الامريكان والأوروبيين، نعم قد تكون هذه الأخبار حقيقة مبنية على معلومات استخباراتية سليمة، لكن أيضا لا يمكن استبعاد شبهة وجود مكيدة اعلامية لها هدف "ما"، خصوصا وأن روسيا تقول: "بأن واشنطن وأوروبا يعيشان حالة من الهيستيريا"، وصحيح أن روسيا تحشد جنودا وصواريخ ومدرعات على حدود أوكرانيا، لكنها في النهاية الحرب ليست هدف روسيا بالدرجة الأساس وإلا لقامت بغزو أوكرانيا منذ زمن، لكن هدفها المعلن هو تحقيق ضماناتها الأمنية وعدم ذهاب أوكرانيا للحضن الامريكي والأوروبي، إذن القصة ليست الحرب بالدرجة الأساس، لكن من الممكن أن تذهب روسيا للحرب من أجل ضماناتها الأمنية، وما يجري من حرب نفسية واعلامية هي عادة ما تسبق إما الهدوء التام أو العواصف الهوجاء، إذن الحالة الآن هي حرب إعلامية بكل تأكيد لن تخلو من مكائد إعلامية، ما هو هدفها؟ وإلى أي مدى ستستمر؟ مؤكد أنها لن تطول، فالمكائد الاعلامية يتم نصبها للإستفادة منها سريعا وعمرها عادة يكون قصير يُقاس بالساعات وبحد أقصى بالأيام، فالخصم إما يقع في تلك المكيدة أو يَكتشف حلقاتها ويبطل مفعولها، وبالتالي نحن أمام ساعات مفصلية في قصة أوكرانيا وروسيا، فإما تنجح المكيدة الاعلامية التي لا اعرف هدفها، أو تفشل، وفي حال فشلت يصبح أمام أمريكا وأوروبا خياران لا ثالث لهما: الأول إما تحقيق ضمانات روسيا الأمنية أو الذهاب للحرب، ويبقى الخيار الأول هو الأقل كلفة للأمريكان والاوروبيين على المدى القصير، رغم أنه سيخدش من هيبة أمريكا ويضربها في مقتل على المدى الطويل، وهو بمثابة مسمار جارح وقوي في نعش هيمنة أمريكا على العالم.