ونحن نحيي الذكرى الثامنة عشرة لاستشهاد الإمام الشيخ المؤسّس أحمد ياسين، ونسترشد بتاريخه النضالي الكبير, وما قدمه لأجل شعبه الفلسطيني وارضه ومقدساته, نؤكد على عهد الوفاء للأوفياء وستبقى كلماته وتوجيهاته حيّة في نفوس وعقول الأجيال المتعاقبة، كما قالت حركة المقاومة الإسلامية حماس في بيانها بهذه المناسبة, فالشعب الفلسطيني ينبض بالمقاومة والإرادة والصمود، وحركة حماس لا تزال متمسكة بالمقاومة الشاملة، وما (سيف القدس) إلاّ محطّة مباركة في هذه المسيرة المتواصلة، حماية للثوابت ودفاعاً عن الأرض والمقدسات, فالوفاء لدماء الشهداء والقادة من أمثال الرمز احمد ياسين والشهيد الرمز فتحي الشقاقي والشهيد الرمز ياسر عرفات وأبو علي مصطفى وكل الشهداء ان نبقى حافظين لوصاياهم, سائرين على دربهم, وان نبقى نقتفي اثرهم الى ان يكتب الله لنا النصر والتمكين, ويجب ان يدرك الاحتلال الصهيوني المجرم ان اغتيال قادة ورموز شعبنا ومحاولات استهدافهم، هي محاولات يائسة لن تفلح في كسر إرادة شعبنا أو النيل من عزيمته وإصراره، فمدرسة المقاومة عبر تاريخها ولاّدة للقادة العظماء، وهي ذرية بعضها من بعض، كالبنيان المرصوص، في تماسكها ووحدة رؤيتها وبوصلتها، رداً للعدوان، وردعاً للاحتلال، وإثخاناً في العدو كما قالت حماس في بيانها بالأمس. وبعثت حماس بالتحيَّة لكلّ الأوفياء لشهداء فلسطين، السَّائرين على دربهم، والقابضين على الزناد، والمرابطين في القدس والأقصى، والمنتفضين في كلّ شبر من أرضنا المباركة، فطريق الجهاد والتضحية والفداء هو طريقنا للنصر والتحرير، وقد رسمه القادة العظام بدمائهم واشلائهم لنسير على دربهم.
والمؤلم والموجع حقا ونحن نتحدث عن الوفاء والاوفياء, نصطدم بالطابور الخامس المحسوب علينا والذي يحاول ان يسحب البساط من تحت اقدامنا, هذا الطابور الذي يريد ان يغير المفاهيم ويقلب الحقائق, فيعتبر ان الفعل المقاوم «مجرم» وان مواجهة الاحتلال الصهيوني «عبث» وان طريقنا للقدس يمر فقط عبر مسار «التسوية» وان التنسيق الأمني «مقدس» وان المفاوضات هي الحل لكل ازماتنا السياسية والمعيشية وفي سبيل ذلك علينا ان نعترف «بالاحتلال» ونتنازل عن 78% من مساحة ارضنا المغتصبة لصالح الاحتلال الصهيوني اما ال 22% في محل تفاوض ومناقشة وحوار, رغم ان العدو الصهيوني اسقط للابد حل الدولتين, واعتبر القدس عاصمة موحدة له, وان الضفة «يهودا والسامرة» وهي من حق الإسرائيليين, وان المفاوضات والسلام والتسوية ليس لها أي مكان في العقلية الإسرائيلية, والحلول تكمن في تكوين روابط قرى وإدارة الأوضاع المدنية للسكان الفلسطينيين من قبل السلطة, والقضية الفلسطينية لا تعدو كونها مجرد قضية إنسانية تحتاج الى حلول اقتصادية لتحسين أوضاع الناس المعيشية فقط, ورغم كل هذا الوضوح في سياسة «إسرائيل» تجاه الفلسطينيين الا ان هناك من المتنفذين داخل السلطة, الذين لا يحتكمون الا لمصالحهم الخاصة, ومشاريعهم التجارية مع الاحتلال, وشغفهم بالباسبور الدبلوماسي الأحمر, وبطاقة ال «VIP» والصفقات المشبوهة التي تأتي دائما على حساب حقوق شعبنا التي يسلبها الاحتلال وتتنازل عنها السلطة طواعية, لتزيد الفجوة اتساعا بينها وبين شعبها, فلم تعد هناك ثوابت, ولا خطوط حمر, ولا اية موانع تضعها امام الاحتلال فكل شيء مباح.
هذه السياسات التي تمارسها السلطة وسعت الفجوة بينها وبين الفصائل الفلسطينية, وشجعت الاحتلال الصهيوني على المضي بسياساته العنجهية ضد شعبنا الفلسطيني وحقوقه والتي يلتف عليها الاحتلال بمساعدة السلطة, فقد كشفت وسائل إعلام محلية، امس الاثنين، النقاب عن رسالة بعثتها الفصائل الفلسطينية للوسطاء ومن بينهم الوسيط المصري، بأنها غير راضية عن سير تنفيذ التفاهمات، وأن المماطلات الإسرائيلية لا تصب في مصلحة الهدوء القائم، وأن تأخير تنفيذ الإعمار، وعرقلة تنفيذ مشاريع استراتيجية، من شأنهما زيادة صعوبة الأوضاع في القطاع، ما قد ينذر بانفجار وشيك. ووفق مصادر الصحيفة، فقد عبرت الفصائل عن غضبها لما يجري في القدس، وأنها لن تصمت على أي محاولات إسرائيلية لخلق وقائع جديدة في المدينة المقدسة، أو تهجير المقدسيين من منازلهم، مشيرة إلى أن شهر رمضان يحمل خصوصية دينية ورمزية كبيرة لدى كل الفلسطينيين، والتصعيد في محيط المسجد الأقصى قد يتسبب بتفجير الأوضاع من جديد، كما حدث في شهر أيار الماضي, والاحتلال يعلم تماما ان الأيام القادمة حبلى بالأحداث الساخنة, ورغم انه يسعى لامتصاص غضب الفلسطينيين, الا انه لا زال يخشى من غضب وانقلاب اليمين الصهيوني المتطرف على الحكومة, فاليمين الصهيوني هو الذي بات يحدد سياسات أي حكومة صهيونية قادمة لأنه ينمو وينتشر بين الإسرائيليين بصورة كبيرة, وبات يتحكم في المشهد العام للكيان, وكل حزب سياسي صهيوني بات يدرك ان وصوله لسدة الحكم يتطلب ان يقف اليمين الصهيوني معه, لذلك فالمواجهة قادمة لا محالة وعلينا واجب الوفاء للأوفياء, والخزي والذل والعار للأدعياء.