أوصى مسؤولون، وكتاب سياسيون، وإعلاميون، بضرورة وضع استراتيجيات إعلامية فلسطينية متقدمة، وتطوير مضامين، وأدوات، وأساليب الخطاب الإعلامي المقاوم؛ لمواجهة رواية الاحتلال الإسرائيلي التي تنتهج الكذب والتزوير والتزييف.
جاء ذلك خلال ورشة عمل نظمتها وكالة "شمس نيوز" الإخبارية، بالتعاون مع التجمع الإعلامي -فرع غزة- والموسومة بعنوان: دور الإعلام الفلسطيني في تصعيد العمل المقاوم في الضفة والقدس المحتلتين" بمشاركة مسؤولين، وكتاب، ونخب سياسية، وإعلامية.
ودعا المجتمعون لضرورة تعزيز الإعلام الفلسطيني لفكرة رفض الاحتلال الإسرائيلي، وأن مناطق الضفة والقدس المحتلتين، لا يمكن أن تكون هادئة، وألا يستمر فيها الهدوء مطلقًا، وضرورة أن تهدف الاستراتيجيات الإعلامية المتقدمة لحماية فكرة المقاومة والتحرر الوطني والثوابت الفلسطينية، مع عدم إغفال القضايا الأساسية للناس التي تعالج مشاكلهم المجتمعية.
وطالب المجتمعون بضرورة أن يلتزم الإعلام المقاوم بالمصطلحات الفلسطينية، والابتعاد تماما عن استخدم المصطلحات الإسرائيلية، والصهيونية، والتواراتية، وضرورة إخراج الإعلام المقاوم من فكرة المناكفة السياسية الداخلية.
كما أوصى المجتمعون على ضرورة إعداد وتوظيف صنّاع محتوى؛ لتقديم الرواية الفلسطينية بقوالب اجتماعية وثقافية جديدة، وإنشاء وحدة علاقات فلسطينية للتواصل والتعاون مع المؤثرين العرب والأجانب؛ لاستثمارهم لصالح الحق الفلسطيني.
العمليات الفدائية نسفت مخططات العدو
مسؤول المكتب الإعلامي لحركة الجهاد الاسلامي في الضفة المحتلة أ. طارق عز الدين أكد، أن العمليات الفدائية نسفت جميع المخططات والاتفاقيات الخبيثة التي تعمل عليها دول كبرى في العالم كـ"الولايات المتحدة وإسرائيل".
وأوضح عز الدين خلال كلمة له في ورشة العمل، أن دولا كبرى عملت منذ سنوات عدة على محاربة فكرة المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وذلك من خلال فرض برامج ومخططات خبيثة.
وقال: "إن أخطر المخططات التي تعرض لها الفلسطينيون هو مخطط دايتون الذي عمل على إعادة ضبط عقل ضباط أجهزة أمن السلطة؛ ليكونوا موالين للاحتلال الإسرائيلي، وتوفير الأمن والحماية للمستوطنين الإسرائيليين".
وأضاف: "جاء مخطط دايتون لتزييف الحقائق، وخداع شعبنا والمؤسسات الأمنية الرسمية كافة، بعد أن كانت أجهزة الأمن مضبوطة بشكل كبير ومنظم زمن الرئيس الراحل ياسر عرفات، إذ أن عددًا من قادة العمل المقاوم منهم الشهداء، والجرحى، ومئات الأسرى من قادة أجهزة الأمن".
وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية دفعت الجنرال كيث دايتون؛ لإعادة تنظيم وضبط أجهزة أمن السلطة؛ لتكون عاملًا أساسيًا لتوفير الأمن والاستقرار للمستوطنين الإسرائيليين بزعم إقامة دولة فلسطينية.
وبين أن مخطط دايتون نجح إلى حد ما في كبح جماح الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لسنوات عدة؛ لكن عمليات العمل المقاوم اليوم، وبعد سنوات طويلة من ضبط أجهزة أمن السلطة وولائها التام للاحتلال الإسرائيلي، نسفت كل تلك المخططات الخبيثة".
وشدد عز الدين على أن رسالة العملية الفدائية التي نفذت في بئر السبع تدلل على أن الاتفاقيات والمخططات الإسرائيلية الخبيثة فشلت فشلًا ذريعًا في مواجهة الشباب الفلسطيني الذين لا يتعدّى أعمارهم عمر انتفاضة الأقصى.
وبين أن رسالة العملية للأمة العربية، وللدول العالم الغربي، هو أن المقاوم الفلسطيني هو من يقود المعركة، ويقرر رسالته ومصيره رغم أنف المحتل الإسرائيلي.
توصيات لتطوير الخطاب الإعلامي المقاوم
من جهته أكد أستاذ الإعلام في الجامعات الفلسطينية د. أحمد الشقاقي، أن المرحلة الحالية تستدعي تصعيد العمل الإعلامي المقاوم؛ لمساندة المقاوم الفلسطيني في مواجهة مخططات الاحتلال الإسرائيلي، ورفع معنويات شعبنا.
وقال د. الشقاقي في كلمة له في ورشة العمل: "إن الاعلام مطالب بضرورة الحديث عن انسداد أفق التسوية الذي فشل منذ وقت طويل، ولا يزال أصحابه يتمسكون به؛ لكسب الوقت، وتكرار نفس حالة الإحباط على شعبنا".
ويرى أن تصعيد الإعلام المقاوم، والمقاومة بحد ذاتها هي القادرة على فرض واقع جديد أمام كل ما تشهده القضية الفلسطينية من حالة إحباط لدى ابناء شعبنا.
ودعا د. الشقاقي لتعزيز آليات، وتطوير الإعلام المقاوم بما ينعكس تأثيره على الفعل المقاوم لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف: "المطلوب من الإعلام أن ينطلق من قاعدة أساسية ترتكز على أن الحالة الفلسطينية اليوم بحاجة لإعلام تحرر وطني؛ للنهوض بالحالة الوطنية"، مبينًا أن الإعلام المقاوم يجب أن يحمل همَّ المقاومة الفلسطينية، وهموم المواطن؛ لتعزيز صموده في أرضه.
وأوصى الشقاقي بضرورة تبني سياسة إعلامية موحدة داعمة للمقاومة، وتوحيد المصطلحات الإعلامية؛ لتكون واضحة في مواجهة الدعاية الإسرائيلية، إضافة إلى صناعة محتوى يعزز الإعلام المقاوم.
يجب تعزيز فكرة رفض الاحتلال
من جانبه أكد مدير مركز أطلس للدراسات والبحوث أ. عبد الرحمن شهاب، أن الإعلام الفلسطيني المقاوم كافة يتبنى القضية؛ لكن الانقسام الفلسطيني كان سببًا في ضعف الإعلام بشكل عام، وأثر كثيرًا على نهج المقاومة.
وأوضح شهاب في كلمة له بورشة العمل، أن الإعلام في قطاع غزة يتمتع بأقصى حرية لدعم المقاومة؛ لكن الإعلام في أراضي الضفة الغربية هو محاسب ومحارب عن كل حرف، أو كلمة، أو صورة؛ لذلك تجدهم يستخدمون مصطلحات وتصريحات تختلف عن الإعلام المقاوم في غزة.
وأشار إلى أن الإعلام المقاوم في قطاع غزة يقع عليه واجب أكبر من الإعلام في الضفة، مؤكدًا أن الإعلام في غزة عليه أن يرفع معنويات الشارع الفلسطيني بأن أرض فلسطين تستحق التضحيات والثبات بالأرض، واليقظة، وعدم الانسياق مع رواية الاحتلال في العديد من العمليات التي تتم هناك".
وقال: "على الإعلام أن يعزز فكرة رفض الاحتلال، وأن مناطق الضفة والقدس المحتلتين لا يمكن أن تكون هادئة أو يستمر فيها الهدوء"، مؤكدًا أن الإعلام يكون فعالا ومؤثرا إذا خرج من دائرة الانقسام.
بالإبداع نستطيع مواجهة العدو
الباحث في الفكر السياسي من الضفة المحتلة محمد جرادات، قال: "هناك ثغرات في العمل الإعلامي، داعيًا إلى ضرورة الاحتراف المهني؛ ليكون قادرًا على مواجهة الاحتلال وتلبية رغبات الجمهور".
ولفت جرادات في كلمته خلال ورشة العمل، إلى أن الاعلام المقاوم الحقيقي يجب أن ينقل التطورات الميدانية دون تهويل أو تزييف؛ لأن ذلك سيؤثر على دور الإعلام، ويجعله غير متابع من قبل الجمهور الفلسطيني.
ودعا جرادات إعلام المقاومة للتركيز على ما يعزز العمل المقاوم، ويحفز شعبنا للصمود أمام آلة الإرهاب الإسرائيلي، مؤكدًا أن أقوى طريقة لمواجهة الاحتلال هي الإبداع والبعد عن التقليد.
خطة استراتيجية إعلامية
فيما قال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى ابراهيم: "إن الحرب الروسية الأوكرانية كشفت زيف الإعلام الغربي في نقل الرواية الفلسطينية والكيل بمكيالين"، مشيرًا إلى أن الإعلام الغربي يروج الآن لأحقية الأوكرانيين في الدفاع عن أنفسهم حتى بامتلاك السلاح والدبابات والطائرات؛ أما عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين فإنه يعتبرها جريمة وإرهاب.
ودعا إبراهيم خلال كلمة له في ورشة العمل، إلى ضرورة تبني خطة استراتيجية إعلامية؛ لمواجهة الإعلام الغربي؛ للتأثير عليه، ودفعه لتبني الرواية الفلسطينية التي شهدت غيابًا كاملًا في السنوات الماضية أمام الرواية الإسرائيلية الخبيثة.
وطالب إبراهيم لضرورة أن يكون هناك خطاب فلسطيني يركز على الحق والعدالة الفلسطينية، والتركيز على ممارسات الاحتلال الإسرائيلي من حصار لقطاع غزة، وسلب للأراضي في الضفة المحتلة، واستيطان مستعر في أراضي المواطنين بالضفة والقدس؛ لنستطيع توظيف مادة إعلامية مؤثرة وقوية للإعلام الغربي.
وأشار إلى أن الخلافات السياسية بين المجتمع الفلسطيني تؤثر كثيرًا على الرواية الفلسطينية المنقولة عبر وسائل الإعلام الغربي قائلًا: "الإعلام الغربي يتناول الرواية الرسمية الصادرة عن الاحتلال الإسرائيلي؛ لكن الرواية الفلسطينية منقسمة، وتحمل وجهات نظر مختلفة، وهذا الأمر يؤثر على الرواية الفلسطينية في الإعلام الغربي".
توظيف الإعلام الرقمي لمواجهة رواية الاحتلال
وفي ذات السياق، أكد المختص في الإعلام الرقمي يوسف الحسني، على تأثير الإعلام الاجتماعي بشكل كبير على سياسات الدول، وعلى العالم أجمع؛ إذ يصنع ويشكل رأيا عاماً وعالمياً مؤثراً جدًا.
وأشار إلى أن الجهات الرسمية في السلطة مقصرة بشكل كبير جدًا في توظيف الإعلام الاجتماعي لمواجهة الرواية الإسرائيلي، مستدلًا بذلك إلى أن وزارة الخارجية الفلسطينية تضع لغتين فقط على موقعها الإلكتروني، بينما وزارة خارجية الاحتلال تضع نحو 6 لغات عالمية، إضافة إلى توثيق العديد من صفحات منصات التواصل الاجتماعي؛ لمخاطبة العالم الغربي بكل اللغات.
وطالب الحسني بضرورة توظيف صناع محتوى فلسطينيين؛ لنقل الرواية إلى العالم الغربي، إضافة إلى إنشاء وحدة علاقات فلسطينية؛ لاستثمار النشطاء الفلسطينيين والعرب المؤثرين في الرأي العالمي، وضرورة تأهيل إعلاميين محترفين؛ لمخاطبة العالم أجنبيًا.
التوصيات التي خرجت بها ورشة العمل التي جاءت بعنوان: (دور الإعلام الفلسطيني في تصعيد العمل المقاوم بالضفة والقدس المحتلتين) والتي نظمتها وكالة شمس نيوز بالتعاون مع التجمع الإعلامي الفلسطيني –فرع غزة- جاءت على النحو التالي:
1- ضرورة وضع استراتيجيات إعلامية متقدمة تتضافر فيها جميع الجهود؛ لحماية فكرة المقاومة، وحماية الثوابت الفلسطينية.
2- العمل على تطوير مضامين، وأدوات، وأساليب الخطاب الإعلامي المقاوم؛ لخدمة الثوابت، ومواجهة الرواية الصهيونية التي تنتهج الكذب والتزوير والتلفيق.
3- ضرورة أن يتسم الخطاب الإعلامي المقاوم برسائل نابعة من فكرة التحرر الوطني، مع عدم إغفال القضايا الأساسية للناس التي تعالج مشاكلهم المجتمعية.
4- ضرورة الالتزام بالمصطلحات الفلسطينية، والابتعاد تماماً عن استخدام المصطلحات الإسرائيلية، والصهيونية، والتوراتية؛ كون المصطلحات الأخيرة تضر بالرواية الفلسطينية.
5- إخراج الإعلام المقاوم من اتون المناكفة السياسية الداخلية؛ مع ضرورة التأكيد على وحدة الخطاب الإعلامي المقاوم، والاحتفاظ بالتباين المحمود الذي يعبر عن المواقف وليس المناكفات.
6- إعداد وتوظيف صنّاع محتوى؛ لتقديم الروايّة الفلسطينية بقوالب اجتماعية وثقافية جديدة.
7- العمل على إنشاء وحدة علاقات فلسطينية؛ للتواصل والتعاون مع المؤثرين العرب والأجانب؛ لاستثمارهم لصالح الحق الفلسطيني.
8- ضرورة إعداد إعلاميين فلسطينيين يُجيدون لغات العالم المختلفة.
10- ضرورة نقل الإعلام المقاوم للحقيقة كما هي، دون تحريف، أو تزيف، أو تأويل، إلى جميع شرائح المجتمع الفلسطيني.