يرى الكاتب والمحلل السياسي، محمد فارس جرادات، أن الواقع الإعلامي الفلسطيني، والمقاوم على وجه الخصوص بحاجة إلى نهضة حقيقية، يستطيع من خلالها تلبية متطلبات التشعب الفلسطيني، وتعزيز خيارات المجابهة مع المتحل.
حديث جرادات جاء خلال مداخلة له في ورشة عمل نظمتها وكالة شمس نيوز الإخبارية بالتعاون مع التجمع الإعلامي الفلسطيني، بعنوان "دور الإعلام الفلسطيني في تصعيد العمل المقاوم في الضفة والقدس المحتلتين".
وأشار إلى أن هذه النهضة بحاجة إلى خمسة عوامل مهمة، تحتل الصدارة ولا بد من تفعيلها للارتقاء بالعمل الإعلامي المقاوم وتعزيزه ونقله نقلة نوعية.
وقال: "العامل الأول يكمن في الاحتراف المهني"، مبينًا أن الاحتراف موجود، مع وجود فوارق بين كل وسيلة وأخرى، مع وجود بعض الثغرات والتي يلمسها أهل التخصص وغيرهم.
وأوضح جرادات أن الاحتراف المهني يعني القدرة على جذب الصورة بطريقة تجذب المتابع من جهة، ويستطيع تلبية متطلبات الجمهور، ويعطي تشويقًا إعلاميًا متصل بطبيعة الحدث أو طبيعة الخبر، أو نقل التطورات الميدانية بما يعطي انطباعًا حقيقيًا عن تطورات المقاومة ونقلاتها النوعية.
وبحسب ما يرى الكاتب السياسي فإن العامل الثاني في تطوير العمل الإعلامي المقاوم، يكمن في نقله للحقيقة كما هي، قائلًا: "للأسف الشديد هناك مبالغات، تحويلات، وخروج عن الحقيقة".
ورجَّح أن هناك بعض وكالات الأنباء تجد أنه يحق لها إعطاء انطباعات معينة، لتحفز الشباب للمجابهة والفعل المقاوم، مؤكدًا أن هذا الأمر في غاية الخطر وغاية الخطأ.
وقال جرادات "الأصل أن ننقل الحقيقة كاملة، وكما هي بما يعطي مصداقية لوكالات الأنباء ووسائل الإعلام التي تنقل الأحداث والأخبار المتصلة، وتطورات الواقع الفلسطيني، في القدس، في حي الشيخ جراح، في غزة، في جنين، في كل مكان، بحيث ننقل الحقيقة لا غيرها".
ولفت إلى أن العامل الثالث، والذي بحسب تعبيره يعد من العوامل الأكثر أهمية هو التركيز في العمل الإعلامي، ونقل كل فعاليات المقاومة كما هي دون التركيز على فعل دون الآخر.
وأضاف "على سبيل المثال هناك أعمال مقاومة لبعض الأخوات الفلسطينيات كعمليات الطعن وغيرها، هذا العمل له آثار سلبية في المجتمع الفلسطيني، وجدواه محدودة وغير مناسبة".
وينوه جرادات إلى أن الأصل في هذا الشأن هو التحرر وأن تكون مشابهة لعمليات أسر رغبات الناس بما يتعلق في هذا الأمر، وأن تكون صريحة وجريئة.
وتابع "نعم نحن نعتز بالشهداء، وبكل أعمال المقاومة، لكن في الحقيقة أن ندفع المرأة الفلسطينية للقيام بواجباتها ضمن طبيعتها كامرأة فلسطينية يمكنها أن تساعد في مجالات متعددة في المقاومة".
واستدرك "الواضح أن الفتاة الفلسطينية لا تستطيع أن تحمل سكينًا لكي تواجه جنديًا مدججًا بالسلاح، وبالتالي تكون النتيجة خيبة أمل، وينتج عن ذلك حالة سلبية لا تخفى على أحد".
يشير الكاتب السياسي في هذا الإطار إلى أن وسيلة الإعلام بحاجة للتعامل بذكاء تجاه هذه الأحداث، بحيث أنها يمكنها أن تقدر الشهيدة وتمجدها، ولكن الأصل أن نقلل من الحافزية لهذا الأمر بسبب نتائجه السلبية.
وقال جرادات: "أيضًا هناك على هذا الصعيد استهداف المدنيين للعمل المقاوم، الأصل من الاعلام المقاومة ألا يدفع ولا يحفز ولا ينشط استهداف المدنيين، الأصل أنها مقاومة تحمل".
وبيَّن أنه من الشرف العسكري والشرف المقاوم ما يجعلها مقاومة ذات جدوى، جندي مقابل جندي، لأن الاستهداف للمدنيين له آثار سلبية.
وأردف حديثه "رغم أننا نعلم أن المجتمع الإسرائيلي مجتمع مستوطنين ولكن هناك حالات تتعلق بالأطفال، تتعلق بالنساء، الأصل الإعلامي أن يكون له خيارًا في دفع الخيارات الجهادية لتجنب المدنيين ما استطاع إلى ذلك سبيلًا".
والعامل الرابع وفق ما يرى جرادات فيكمن في استثمار الأحداث العالمية المحية بالأعمال المقاومة، كما يحدث في اليمن وأوكرانيا على سبيل المثال، وتطورات سياسية ميدانية في أكثر من مكان من العالم.
وأشار إلى أن ذلك يكمن في استثمار الصراع بين أمريكا وكيان الاحتلال، كما أن هناك أمور تتعلق بالتطبيع بين الكيان الصهيوني وبعض الدول العربية والإسلامية، موضحًا أن الأصل في وسائل الإعلام في هذا الفضاء الإعلامي المقاوم أن تكون رسالتها متصلة ومنسجمة مع ما يخدم القضية الفلسطينية، وما يقف ضد المشروع الأمريكي والغربي في المنطقة.
يتابع جرادات حديثه "إسرائيل كما نعلم هي الولاية رقم 51 في أمريكا، لذلك هي تحظى برعاية كاملة من الغرب المجرم، هذا يتطلب منا كوسائل إعلام أن نواصل العمل ضد المشروع الغربي في كل مكان، في أمريكا اللاتينية، أو في أوروبا، أو في أي مكان بالعالم".
وفيما يتعلق بعالمنا العربي، ذكر جرادات أن هناك صراعات متصلة بالمجابهة مع العدو الإسرائيلي، قائلًا: "الصراع في اليمن غير منفصل عن الصراع مع العدو الإسرائيلي، لذلك يجب أن نكون في غاية الصراحة، ونحن نقف مع شعب اليمن ضد الحرب العبثية التي يشنها التحالف المجرم بقيادة السعودية والإمارات".
وتابع جرادات في العوامل المهمة لنهضة الإعلام المقاومة، مبينًا أن العامل الخامس يتعلق بالبعد عن التقليد.
وأشار إلى أن النمط تقليدي يسيطر على الإعلام بشكل عام، موضحًا أن الأصل هو الانعتاق من هذا التقليد من خلال الإبداع والتجديد.
وقال جرادات: "هناك بعض من الإبداع، ولكن الأصل أن نلجأ ونبحث عن كل ما نستطيع من خلاله تطوير هذا الإبداع سواء من خلال كادر جديد من الشباب والصبايا الذين يملكون إمكانات إعلامية سواء كانوا من أهل التعليم أو خريجي الجامعات، وأصحاب الخبرة يمكنهم أن يطوروا هذا الفضاء الإعلامي من خلال البحث عن كل ما هو مبدع".
ولاحظ أن هناك العديد من الفضائيات التي تطرح أفكار جديدة بشكل مستمر، إلا أنها وكما يرى بحاجة لتعزيز وتوعية الشعب الفلسطيني في حقه ومقاومته.
وأضاف "هناك أمور تتعلق بأمور لها بعد حضاري وثقافي، وتتعلق بقضايا لها علاقة بمسائل اجتماعية أو اقتصادية، بحيث ننفتح على كل الجوانب التي يمكن للشعب الفلسطيني أن يتابع وسيلة الإعلام التي تتعلق بالمقاومة، ولا تصبح النظرة العامة للإعلام المقاوم أنها محصورة بنقل الأحداث المتعلقة بجانب المجابهات فقط".
وأوضح أن الأصل في الإعلام المقاوم أن يدخل عالم الدراما، كما هو الحال في المسلسل الذي يتحدث عن نفق جلبوع.
وأشار إلى أن مسلسل "شارة نصر جلبوع" عمل ممتاز، خاتمًا حديثه "الأصل تعزيزه بمزيد من الخيارات التي تعزز خيارات الشعب الفلسطيني في المقاومة والجهاد".