شمس نيوز / عبدالله عبيد
"صلى المغرب في المسجد القريب من منزله كالمعتاد، فهو لا يفوت صلاة جماعة واحدة، ثم ودّع أطفاله الأربعة، وتوكل على الله ليحصّل لقمة عيشه، المغمسة بالكثير من المخاطر والخوف"، هكذا بدأ محمد أبو ريالة، حديثه عن شقيقه الصياد توفيق الذي استشهد أمس خلال عمله في مهنة صيد السمك قبالة شواطئ مدينة غزة.
الشهيد توفيق البالغ من العمر 32 عاماً يعمل في مهنة الصيد منذ نعومة أظافره، فقد عشق البحر إلى أن كتب الله له الشهادة بين الأمواج"، على حد قوله شقيقه محمد.
وأضاف أبو ريالة لمراسل "شمس نيوز": كثيرا ما كان يتعرض توفيق للمخاطر من قبل جنود بحرية الاحتلال، وكنا نوصيه قبل ما يطلع ينتبه لنفسه، لكن قدر الله وما شاء فعل"، منوهاً إلى أن كل من كان في البحر من صيادين ومنقذين يشهدون له على حسن خلقه، وتواضعه وكرمه.
واستشهد ظهر أمس السبت, الصياد توفيق سعيد أبو ريالة متأثرًا بجراحه التي أصيب بها فجرا خلال عمله في عرض بحر مدينة غزة.
كما واعتقل الاحتلال اثنين من الصيادين كانا برفقة أبو ريالة، عدا عن مصادرة قاربهم.
ممنوعون من لقمة العيش
كثيرة هي الحكايات المتناثرة بين أمواج البحر وفوق شواطئه، لترسو حكاية المواطن الفلسطيني الذي اتخذ الصيد مهنة له، والباحث عن لقمة عيشه المغمسة بكثير من الخوف وبقطرات الدم في أعماق الألم ليتذوق أشد ألوان المعاناة، فتارة من عدو غادر متربص بزوارقه البحرية للنيل من لقمة عيشهم التي يغدون إليها مع ساعات الفجر الأولى، وتارة أخرى من حصار ضاق به أبناء غزة بلا استثناء.
الصياد أسامة فؤاد (44 عاماً) يوضح أن معاناة الصيادين تزداد جراء منع دخولهم إلى مسافات متقدمة في عرض البحر، على الرغم من اتفاق التهدئة صيف العام الماضي الذي اشترط السماح للصيادين بالإبحار 6 أميال كمرحلة أولى، الأمر الذي يحرم راكبي البحر من التقاط معظم أنواع السمك".
ويضيف فؤاد الذي يعيل سبعه أفراد في حديثه لـ"شمس نيوز":" حتى المسافة المسموح لنا بالصيد فيها لا نستطيع الوصول إليها، لأن البحرية الإسرائيلية تطلق قذائفها نحونا بشكل سريع وتمنعنا من الصيد بكافة الوسائل".
وتابع: معنى ذلك أننا نسمى صيادين بالاسم، فالأسماك التي نصطادها محدودة للغاية، سواء من حيث الكم أو النوع، وهو ما يتسبب في غياب الأسماك الطازجة عن الأسواق"، مشيراً إلى أن الصياد الفلسطيني إن اصطاد الأسماك حصل على قوت يومه وعائلته، وإن لم يصطد لا يأكل.
وبيّن الصياد فؤاد أن حصار الصيادين في البحر جزء من الحصار الذي تفرضه (إسرائيل) على قطاع غزة في البر، وهدفه تضييق مصادر الرزق على الغزيين بكافة الوسائل التي يملكها الاحتلال، مطالباً العالم بتوفير حماية دولية للصيادين وتأمين الحق لهم بالصيد في عرض البحر.
يشار إلى أن بحرية الاحتلال تتعمد بشكل شبه يومي ملاحقة الصيادين، وتطلق النار عليهم وتمنعهم من ممارسة مهنة الصيد في بحر غزة.
تزداد يومياً
ولم تتوقف الاعتداءات"الإسرائيلية" على الصيادين ومراكبهم البسيطة، للحظة واحدة، فنسمع مع كل إشراقه صباح، عن حالة اعتداء جديدة يتم إضافتها لسجل الاعتداءات التي باتت ترتكبها الزوارق الحربية بحق الصيادين بشكل روتيني ومتعمد، مما يجبرهم على ترك الصيد والتوجه نحو الشاطئ خوفاً من اعتقالهم أو إعطاب مراكبهم أو إصابتهم.
نقيب الصيادين الفلسطينيين في قطاع غزة، نزار عياش اعتبر ما تقوم به البحرية الإسرائيلية بحق الصيادين ومراكبهم في عرض البحر خرقاً واضحاً لاتفاق التهدئة ووقف إطلاق النار، مشيراً إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية تزداد يوماً بعد يوم بحق الصيادين الفلسطينيين.
وذكر عياش خلال حديثه لـ"شمس نيوز" أن الممارسات التعسفية التي يقوم بها جيش الاحتلال بحق الصيادين، تتخذ أشكالا متعددة، منها إطلاق النار على أماكن تواجدهم، واعتقال بعضهم، لافتاً إلى أن هناك 50 حالة اعتقال للصيادين بعد اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في القاهرة عام 2014.
وأضاف: أيضاً يتم مصادرة قوارب الصيادين، حيث أنه تم توقيف 20 مركبة عن العمل بعد الحرب الأخيرة وحرق العشرات، وتقطيع شباك الصيد، وإنزال بعض الصيادين أحيانا في البرد القارص للسباحة، وتكبيل أيديهم وتعصيب أعينهم".
وناشد نقيب الصيادين الفلسطينيين في قطاع غزة، حكومة التوافق الوطني والوسيط المصري لاتفاق وقف إطلاق النار بالتدخل لوضع حد لتجاوزات الاحتلال، مؤكداً أن "حياة الصيادين باتت مهددة بخطر شديد بفعل الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة والمتعمدة بحقهم".
وتواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي خروقاتها لاتفاق وقف إطلاق النار المبرم في العاصمة المصرية "القاهرة"، بين الفصائل الفلسطينية ودولة الاحتلال، بعد استهدافها المتكرر للصيادين وقواربهم واعتقال بعضهم داخل المياه المسموح بها للصيد قبالة شاطئ بحر غزة.
وسجلت وزارة الزراعة مئات الاعتداءات والتجاوزات التي تمارس بحق الصيادين الفلسطينيين في عرض البحر من قبل البحرية الإسرائيلية، منذ اليوم الأول لإعلان التهدئة ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، مما جعل مهنة الصيد مغمسة بالدم نظراً للمخاطر التي تحيط بالصيادين.