كتب: خالد صادق
نحن اليوم في ذروة التحدي للاحتلال الصهيوني, فميدان المعركة هو باحات المسجد الأقصى المبارك, وعنوان المعركة الكبير هو الصمود في وجه الالة القمعية الصهيونية التي تهدف لفرض امر واقع جديد داخل المسجد الأقصى, وافساح المجال لقطعان المستوطنين الصهاينة لممارسة طقوسهم الدينية داخل باحات الأقصى, وتقديم القرابين قرب قبة الصخرة المشرفة التي تعني البدء بهدم الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم على اتقاضه, والسعي لتقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا على غرار ما حدث في الحرم الابراهيمي الذي احتله قطعان المستوطنين الصهاينة وتحكموا فيه بحيث انهم يمنعوا إقامة الصلوات في داخله الا بموافقتهم ومنع رفع الاذان فيه والسماح للمصلين بجزء يسير من المساحة للصلاة في الوقت الذي يشاؤون.
وللأسف ان الاحتلال استغل حالة الخنوع العربي والصمت على ما يحدث في المسجد الأقصى المبارك للحديث عن حق أصحاب الديانات السماوية بالصلاة في الأقصى وممارسة طقوسهم بحرية, وهذا معناه ان الاحتلال لا يخفي نواياه بالاستمرار في البحث عن مكان له في الأقصى, وتنفيذ اساطيره ومعتقداته, والاستمرار في محاربة الفلسطينيين وقتالهم لأجل السيطرة اليهودية على المسجد الأقصى.
ولعل ما حدث من اشتباكات اول امس بين المصلين وقوات الاحتلال الصهيوني في داخل الأقصى واستخدام العنف المفرط ضد المصلين, واعتقال اكثر من خمسمائة مصلي, واصابة نحو 152 اخرين بجراح بعضهم جراحه بالغة الخطورة, وردة الفعل العربية والإسلامية الضعيفة على تدنيس الأقصى واستباحته من جنود الاحتلال وقوات ما يسمى بحرس الحدود, سيزيد من أطماع الاحتلال لتنفيذ مخططاته داخل الأقصى.
لم يتوان الشيخ عكرمة صبري امام وخطيب المسجد الأقصى المبارك عن توجيه نداءاته للعالم الإسلامي بضرورة التحرك السريع لحماية المسجد الاقصى من جرائم الاحتلال وقتل واستهداف المصلين داخله, لكن للأسف لا حياة لمن تنادي, فتصدرت الفصائل الفلسطينية المقاومة في قطاع غزة المشهد ولم تتوقف عن توجيه الرسائل التحذيرية للاحتلال الصهيوني لوقف جرائم المحتلين, وانها على أهبة الاستعداد للدخول في المعركة بصواريخها وقدراتها العسكرية.
في الوقت الذي تقدر فيه ان واجبها ان تتدخل فورا, وكان الاحتلال يقدر صدق هذه الرسائل وجدية المقاومة, فبدأ يعيد حساباته ويأخذ خطوة الى الوراء, ويحرك الوسطاء لتهدئة ثورة الفصائل بتقديم ضمانات بعدم ادخال القرابين للأقصى, ومنع المستوطنين من اقتحامه لممارسة طقوسهم الدينية هناك, ولم يترك شعبنا شبرا واحدا من ارضنا المغتصبة الا وخرج ليعبر عن رفضه لإجراءات الاحتلال, والإصرار على التصدي لمخططاته مهما كلف ذلك من ثمن, ولولا ذلك لتمادى الاحتلال اكثر ولسمح لقطعان المستوطنين بالدخول للأقصى بقرابينهم وممارسة طقوسهم التلمودية, ولكانت العواقب وخيمة.
وعلى الرغم من التغطية المباشرة لما كان يحدث في الأقصى من عدوان على المصلين, ونقل الاحداث أولا بأول عبر وسائل الاعلام المختلفة , الا ان ذلك لم يستفز مشاعر المسلمين وكانت ردات الفعل ضعيفة جدا وليست بخطورة الحدث, الا من تحركات خجولة هنا وهناك لا تعبر عن قوة الحدث, ولا تحمل رسائل ضغوط على الاحتلال والزعماء المسلمين الذين تخاذلوا عن واجبهم في حماية الأقصى والدفاع عنه وفضح ممارسات الاحتلال في المحاكم الدولية ومحاكمته على جرائمه.
معركة القرابين لم تنته بعد, وقد تندلع شرارتها مجددا في أي لحظة, وما نحن متأكدين منه تماما ان الاحتلال لن يتخلى عن خطوته بذبح القرابين في الأقصى ونثر رمادها في باحاته, لان هذا معتقد تلمودي لبناء الهيكل المزعوم, ولن يتخلى الاحتلال عن معتقداته الشاذة ابدا, قد يؤجل الفعل تكتيكيا, وقد يؤدي هذه الطقوس سرا في جنح الليل, وقد يستخدم حيله لفعل ذلك, لكنه ابدا لن يتراجع عن مخططاته, ولو راقبتم تصريحات قادة الاحتلال الصهيوني, فلن تجدوا رفضا لهذا الفعل الشاذ الذي يمارسه قطعان المستوطنين, والذي يؤمن به تماما نفتالي بينت وبنيامين نتنياهو وحكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة, فقد ايقن نفتالي بينت ان حكومته سقطت ولم يعد لها رصيد لدى المستوطنين.
وان منافسه بنيامين نتنياهو سيعود لرئاسة الحكومة لأنه اقوى منه بكثير, لذلك لا غرابة ان يقدم بينت على تمرير طقوس المستوطنين في الأقصى حتى يقوي من فرص نجاحه في الانتخابات القادمة, ويضمن ولو جزئيا أصوات اليمين الصهيوني المتطرف, والذي بات يتحكم في المشهد الانتخابي بشكل كبير, لان الكيان الصهيوني جله يصبح يميل لليمين المتطرف, ويؤمن بالعنف كوسيلة وحيدة وناجعة للبقاء والاستمرار, فالمعركة مع الاحتلال الصهيوني بكل اشكالها مستمرة, ولن تتوقف ولو للحظة, وهى تتطلب توافقا داخليا فلسطينيا وتنسيقا للمواقف لإفشال مخططات الاحتلال, ولا نعني بالتوافق المصالحة الفلسطينية, لان المصالحة القاها رئيس السلطة محمود عباس خلف ظهره عندما اشترط ان توافق حماس على قرارات الرباعية الدولية, وتقبل بها لأجل تحقيق المصالحة, لكننا نقصد تفعيل غرفة العمليات المشتركة, والدخول الجماعي في أي معركة قادمة مع الاحتلال وتعزيز الشراكة الفصائلية الى حد التلاحم والانسجام لضمان افشال العدوان وتحقيق الإنجازات واحباط مخططات الاحتلال الصهيوني واطماعه في القدس والضفة والمسجد الاقصى المبارك.