ساعات قلائل باقية على موعد مسيرة الأعلام الإسرائيلية التي من المقرر أن ينفذها المتطرفون اليهود في مدينة القدس، في وقت ادعت فيه حكومة الاحتلال أنها لم تمنح التراخيص لهذه المسيرة.
عدم منح التراخيص وفق مراقبين لا يعني أنها قررت إلغاء المسيرة المرتقبة للمستوطنين، سيما وأن ما يجري على الأرض من إجراءات مشددة لقوات الاحتلال تشي بذلك.
الباحث والخبير في شؤون القدس جمال عمرو أشار إلى أن ما يجري هو عبارة عن أسلوب مكر وخداع من قبل حكومة الاحتلال والمستوطنين.
وقال عمرو لـ"شمس نيوز": "بالتأكيد تعزي حكومة الاحتلال الإجراءات الأمنية المشددة إلى تأمين المدينة، وتسهيل طريق المسلمين إلى القدس في ظاهر الأمر، ولكن في الحقيقة هو إخلاء الفضاء لصالح قطعان المستوطنين بالمسيرة".
ويشير إلى أن هذا الأمر لا يمكن أن ينطلي على أحد من الفلسطينيين، مبينًا أن الأمور تسير باتجاه ترتيب أمر المسيرة.
ويلفت عمرو -المختص بالشأن المقدسي- إلى أن الطبيعة اليهودية وجدت للماكر والخداع والمراوغة؛ معزيًا ذلك إلى أن اليهودي بطبعه جبان لا يريد المواجهة وجهًا لوجه.
وعاد بالزمن قليلًا مبينًا أنه طوال عمر المجموعات الاستيطانية لم تسجل أي انتصارات سوى بالخديعة على الشعب الفلسطيني الأعزل.
وذكر عمرو ما حصل في عام 2019 عندما تعهد نتنياهو ألا يقتحم المسجد الأقصى في يوم عيد الأضحى، وهو ما دفع أكثر من 100 ألف مقدسي للمغادرة إلى بيوتهم، وبقي فقط 1000 مقدسي، وجاء نتنياهو بقرابة الـ3000 مستوطن مسلحين، واقتحموا الأقصى بشكل همجي.
ولفت إلى أن ما يجري في هذا الوقت عبارة عن عملية استنساخ لعملية حرب الـ48 والـ67، بنفس النسخة والمبادأة بالهجوم، مضيفًا "هم قالوا إنهم لم يعطوا تراخيص للمسيرة، وفي المقابل سيقوم المستوطنون بها".
ودعا عمرو للحذر من الساعات القليلة القادمة، موضحًا أنها ستكشف الكثير من الأمور، مع التأكيد على أن المستوطنين سيغدرون، وسيحاولون تنفيذ المسيرة.
واستدرك: "تنفيذ المسيرة ليس قدرًا مقضيًا، ولا حتمًا منتصرًا، في كثير من الأحيان استطاع الفلسطينيون إفشال نشاطات مختلفة للمستوطنين داخل القدس".
وشدد على أن أحد أهم الإنجازات للفلسطينيين داخل القدس، هو إفشال الاستمرار باقتحام الأقصى حتى نهاية شهر رمضان، والاكتفاء بالاقتحامات إلى حين انتهاء "عيد الفصح"، الأمر الذي جعل بن غفير يهاجم الحكومة ويصف بينيت بالصعلوك.
وتوقع عمرو أن يرد المستوطنون على هذا الإجراء من حكومة الاحتلال بالاستمرار في المسيرة اليوم، بالإضافة إلى إدخال القرابين إلى باحات المسجد الأقصى يوم غد الخميس.
وختم عمرو حديثه "إجبار المستوطنين على عدم دخول المسجد الأقصى في الأيام العشرة الأخيرة من رمضان بحد ذاته إنجاز محسوب لشعبنا الفلسطيني وللمرابطين والمقدسيين ولفصائل المقاومة التي هددت بشكل لا يقبل أي تأويل".
من ناحيته رجَّح مدير الخرائط بجمعية الدراسات العربية خليل تفكجي أن تشهد الساعات المقبلة تنفيذ المسيرة، ولكن ليس بالطريقة التي يريدها المستوطنون.
وقال لـ"شمس نيوز": "ربما تكون المسيرة على شاكلة مسيرة تصل لباب العامود ومن ثم ينسحب المستوطنون، أو تكون داخل حدود غرب القدس دون الدخول إلى منطقة التوتر ومنطقة المسجد الأقصى.
وذهب تفكجي إلى ما هو أخطر من مسيرة الأعلام، مبينًا أن هناك مؤسسات سيادية يعمل الاحتلال على إقامتها داخل المدينة تعمل بشكل خفي على إقامة بنى تحتية لليهود داخل القدس.
وقال: "المسيرة سواء تم تنفيذها أم لا، بالإضافة لاقتحامات المسجد الأقصى في هذا الشهر الفضيل تحمل رسالة للأردن على اعتبار أنها الوصي على الأماكن المقدسة، ورسالة للسلطة على أن القدس عاصمة لدولة واحدة، وهي الدولة العبرية دون شريك فلسطيني".
وأضاف تفكجي: "تحمل هذه الإجراءات رسالة للعالم العربي والإسلامي أيضًا بأن من يسمح للمسلمين بالدخول إلى الصلاة من عدمه هم الإسرائيليون".
ويرى أن ما جرى في ساحة المسجد الأقصى، وما يجري الآن في قضية الأعلام هي ضمن سياسة إثبات الوجود، وأن القدس تقع تحت سيادة الإسرائيليين، وغير قابلة للتقسيم، وهي قلب ورأس الشعب اليهودي-حسب زعمهم-.
يوضح في هذا الأمر أن الجميع لدى الاحتلال يتفق بهذا الشأن سواء اليمين الإسرائيلي أو اليسار، جميعهم يقولون إن القدس غير قابلة للتقسيم.
وتابع تفكجي: "حكومة الاحتلال ربما تستجيب للضغوط الأمريكية والأوروبية لعدم استمرار المسيرة؛ حتى لا يحدث أي انفجار للأوضاع يأخذ التركيز الإعلامي عما يجري في أوكرانيا وروسيا".
وأكمل حديثه: "حتى العرب لا يريدون أي انفجار للأوضاع في القدس؛ كون انفجار الأوضاع فيها ينعكس على الضفة الغربية، وبالتالي سيصل مداها إلى الأردن على اعتبار أنها الوصي على القدس، وكل ذلك سيحرج هذه الدول".