غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

في حوارٍ مع "شمس نيوز"

الشيخ حمود يفتح دفتر ذكريات الراحل شلَّح: القلب يهتز لذكراه والعقل يعجز عن نسيانه

ذكريات الشيخ والقائد
شمس نيوز - خاص

مرَّ عامان على رحيل الأمين العام السابق لحركة الجهاد الإسلامي د. رمضان عبد الله شلح، المفكر الإسلامي، وصاحب الرؤية الإسلامية الوطنية الفلسطينية الثاقبة.

الرحيل الموجع لصاحب الوقار، فَتَحَ دفتر ذكريات من عايشوه، ليستذكروا بعضًا من بأسه، وفكره المنير والمتفتح، وعشقه الأبدي لوطنه، وأمته، وأمله بزوال المستوطنة المسماة (إسرائيل).

الأمين العام لاتحاد علماء المسلمين الشيخ ماهر حمود، واحد من الرجال الذين عايشوا الرجلَ عن قربٍ، وكان واحدا من المتيمين بالراحل شلَّح، ومن المعجبين بصفاته، وخصاله، وتاريخه الطويل من التضحية والفداء، وعلمه الغزير، وثقافته الواسعة بكل نواحي الحياة، وحياته المليئة بالقصص والنوادر بين كرٍ وفرٍ في سياق مقارعة الاحتلال.

عاد الشيخ حمود خلال حديث مع "شمس نيوز"، بالزمن إلى بدايات تعرّفه على الدكتور رمضان شلح، مبينًا أن هذه المعرفة بدأت من الجلسات التي كان يحضرها مع الأمين العام المؤسس لحركة الجهاد الإسلامي د. فتحي الشقاقي؛ فكان الأخير يثني على الراحل شلَّح، ويذكر صفاته، ومآثره، وأخلاقه، وطموحاته..الخ

يقول حمود "أول لقاء لي مع الراحل شلَّح كانت قبيل استشهاد الدكتور الشقاقي بأيام قلائل، وقتها كان قادمًا من أمريكا لمناقشة موضوعات مهمة مع الشقاقي، قبل أن يتجه لمالطا ويُغتال هناك".

قبل هذا اللقاء كان الشيخ حمود يطرح بينه وبين نفسه سؤالًا، ما هي الميزات التي منحها الله للدكتور رمضان شلح، ليذكره الشهيد الشقاقي أينما حلَّ، وأينما ارتحلَّ، مستدركاً: "في أول لقاء أظهر الراحل شلَّح بعضًا من الثقافة العميقة، والفكر المستنير، ولحظتها رسمت لديَّ صورة الدكتور رمضان، الرجل المثقف والواعي لكل ما يجري حوله".

وأضاف "الشهيد الشقاقي كان يعتبره شيخًا ومفكراً وعالماً؛ لما كان له من دور وقدرة على الخطابة، أهلته ليخطب في المسجد الأقصى، بالإضافة لثقافته الإسلامية التي أهلته ليلقي خطب الجمع، ويصلي إمامًا بالناس في كل مكان، وفكره الرصين؛ ما أهله لأن يكون من نخبة المجاهدين وقادتهم الفكريين".

وتابع "عندما تجلس مع الراحل شلح تشعر أنه عبارة عن موسوعة ثقافية تاريخية مميزة، تشعر أنك تعيش التاريخ المعاصر منذ دخول نابليون إلى مصر، وحتى يومنا هذا، وكان -رحمه الله- يعرف تاريخ فلسطين، وجغرافية فلسطين، ولديه قدرة على استقراء المستقبل بشكلٍ دقيق".

الشيخ حمود الذي استفاد من علم الدكتور شلح خاصة في المجال الاقتصادي، ذكر أنه -رحمه الله- كان له أثر بارز في العديد من الدراسات التي تخصصت بالبنوك غير الربوية "الإسلامية"؛ كون دراسته في بريطانيا كانت في هذا المجال، وتبعها قدومه للأردن، وتقديمه أطروحة ودراسات بهذا الشأن يستفيد منها الدارسون إلى اليوم؛ لما تميزت به من بعد نظر ووضوح.

ويرى أن قدوم الدكتور رمضان إلى دمشق قبيل اغتيال الشهيد الشقاقي بأيام، قدر إلهي؛ ليتولى هو الأمانة العامة للجهاد الإسلامي، دون سابق إنذار، مضيفًا "كان ذلك قدرًا إلهيًا عظيمًا؛ لتستمر المسيرة دون أي فراغ فيها".

وأضاف: "كان واعيًا في الموضوع المذهبي، وواعيًا للانزلاقات التي يمكن أن ينزلق فيها البعض من الناحية الطائفية، وكان قادراً على التمييز أين يمكن أن نتسامح في الخلافات؟، وأين يجب أن نقف دون أن نتسامح؟"، مشيرًا إلى أنه كان رائدًا في هذا المجال.

وأكمل حمود حديثه "هذا الموضوع بالذات كان يحدثني فيه سرًا بأمور لا يحدثها لأحد على الإطلاق؛ لعلمه بخبرتي في هذا الاتجاه، فكان يبث شجونه ومشاكله التي يراها ونتساهم في حلها، وتذليل العقبات التي يمكن أن توجد".

وبشأن قدرته على القيادة، لفت الشيخ حمود أنه لمس في الدكتور رمضان قدرته على الاستشارة، "يستشير ذوي الخبرة في كل الأمور (..) في فترة ما تحول لمعلق سياسي على الفضائيات، وتوقف بعد أن أصبحوا يتعاملون معه كمحلل، وهو ما لم يكن مناسبًا له ولمكانته".

وقال: "هو مثقف واسع الثقافة، فكره منفتح، قيادته تعتمد على الشورى والمعرفة الوثيقة بإخوانه والحب المتبادل، بعض الخلافات، وتعدد وجهات النظر لم تغير من قوة قيادته ونظرته الثاقبة للأمور".

وعن غصة الفراق التي واجهها قال الشيخ حمود: "نتحسر على القادة الذين يفارقوننا سواء بالاغتيال، أو بالموت الطبيعي، أو بأسباب أخرى، ولكن الحمد لله أن ساحة فلسطين تنبت رجالًا وأبطالًا يستحقون الاحترام، سواء كانوا في موقع الأمانة العامة، أو في موقع الجندي، أو في أي موقع آخر".

وختم حديثه بتوجيه رسالة للراحل الدكتور رمضان شلح "انتصارات سيف القدس، وما قبلها، وما بعدها أنت شريك فيها، وإن غادرت إلى العالم الآخر، فأنت أسست، ورعيت، وواكبت هذه المسيرة من خلال متابعة الأمور العسكرية، والمدنية، والإعلامية، والمعيشية في وقت واحد، كنت مثالًا للقيادة الواعية، والمثقفة، والمبصرة، والمخلصة لهذا الخط العظيم".