نظمت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، اليوم الثلاثاء، حفلا لتوزيع وسام الدكتور رمضان عبدالله شلح، الأمين العام السابق للحركة، وذلك في قاعة فندق الكومودور بمدينة غزة، بحضور جمع عفير من قادة العمل الفصائلي، وشخصيات وطنية وإسلامية، إلى جانب لفيف من الوجهاء والمخاتير والأكاديميين.
وفي كلمة له خلال الحفل الذي نُظم على شرف الذكرى الثانية لرحيل الدكتور شلح، قال الشيخ نافذ عزام، عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، إن الدكتور رمضان شلح باقٍ في قلوب الشعب والأمة، وهو على مدار 40 عاما كان يتحرك كادحا نحو فلسطين ومسجدها الأسير ويحمل هذا الهم الذي يعيشه كل فلسطيني وعربي ومسلم.
وأضاف الشيخ عزام "مهما اختلفت المراحل ومهما اختلت التوازنات ومهما قصر العرب تظل القضية الفلسطينية محور عمل وجهد وأمل كل عربي ومسلم، مهما تشوهت الحياة من حولنا، ظلت وستظل القضية الفلسطينية هي القضية المركزية والاساسية وبالتالي ما يجري في فلسطين يؤثر في كل مكان".
وتابع بالقول: "رغم إرادة بعض الحكام ورغم إرادة وعمل قوى الشر في المنطقة، رغم هذا كله ظلت القضية بهذا الزخم وبهذا الامتلاء وكان رمضان شلح مثالا لذلك..نظن أن هذا التدفق الذي تدفعه فلسطين في عروق الناس وقلوبهم لن يتوقف مهما بلغت حدة المحاولات التي تهدف لوأد فلسطين حضورا وسلوكا وتاريخا وجغرافيا".
واستطرد الشيخ عزام: لن تتوقف المحاولات، لكن لن تستطيع هزيمة الأحرار على هذه الأرض، لا نظن أننا عشنا وضعا أكثر صعوبة من هذا الذي نعيشه اليوم..سننتصر بكل يقين".
وقال: "نحن محاصرون ويجري ما يجري في القدس والأقصى، لكن الواضح للعالم ولعدونا ولصديقنا أن أجيالنا من الشعب الفلسطيني ترفض الخنوع والخضوع والاستسلام والركون للأمر الواقع، وترفض كل ما يعرض عليها."
رغم الألم والمعاناة.. نحن مطمئنون لمستقبلنا ولقضيتنا لأننا نعيش مستندين على وعد الله أنه لن يخذل عباده..سيتحقق هذا الوعد، مهمتنا ومهمة كل الأجيال ان نسعى لتخليد هذه السير لكتائب الفاتحين التي ستدخل المسجد الأقصى رغم الخلل وما يجري وموازين الأخلاق قبل موازين القوى، ستدخل كتائب الفاتحين،
الدكتور رمضان ورفاقه يمهدون لذلك ولتلك المرحلة".
وأكمل الشيخ عزام حديثه: نشعر بالفخر لأننا نعيش على أرض غزة وعلى أرض فلسطين، وعندما نتحدث عن غزة فإننا نختصر المواجهة كلها وهي ترمز إلى تلك المواجهة، وتنوب عن الأمة في الدفاع عن الحق وفي مواجهة هجمة الشر التي تتسلح بأعتى العتاد".
وأضاف: رمضان شلح ذهب إلى الله وأدى ما عليه، نحسبه كذلك، وترك هذا الإرث وحافظ على إرث تسلمه من الراحل فتحي الشقاقي، وكان وفيا وسار على دربه، وهذا هو درب الصادقين الياسين وأبو عمار وأبو سمهدانة وأبو علي مصطفى الذين لازالوا يؤمنون أن فلسطين قضيتهم".
وأكد أن خيار المقاومة بالنسبة للشعب الفلسطيني ولفصائله هو خيار استراتيجي لا رجعة عنه، موضحا أن المقاومة الباسلة في فلسطين عموما وفي غزة خاصة أثبتت في كل المراحل والمناسبات أنها وفية لهذا الإيمان وعلى قدر الأمانة.
وبيّن الشيخ عزام أن دماء قادة المقاومة وأعز أبنائها التي سفحت في القريب والبعيد تؤكد أن هذه المقاومة تستحق حمل هذا الشرف والانتساب لهذه الأمة، وأنها ماضية بإذن الله ولن تتراجع ولن تنكسر.
وزاد بالقول: أمام الفوضى التي تضرب المنطقة والعالم نؤكد أن الدول العربية والإسلامية لا يجوز لها أن تعفي نفسها من الواجب تجاه فلسطين وشعبها ومقدساتها، هذه مسؤولية يحملها كل عربي ومسلم، القرآن حملهم هذه الأمانة وسيسألهم الله عنها ويجب أن يعيد العرب النظر في سياساتهم وبرامجهم وتوجيه إعلامهم"، موضحا أن فلسطين بدم أبنائها وتضحياتها تقدم للعرب الأداة التي تساعدهم في العودة من جديد.
وشدد عضو المكتب السياسي للجهاد الإسلامي على ضرورة ترميم الجبهة الداخلية، موجها خطابه إلى السلطة الفلسطينية التي طالبها بوقف الرهان على إسرائيل وهي تفعل ما تفعله بشعبنا وعلى أمريكا الشيطان الأكبر.
نقلة نوعية
بدوره، قال خالد مشعل، رئيس إقليم الخارج في حركة حماس، إن الأمين العام السابق لحركة الجهاد الإسلامي الدكتور رمضان شلح، نقل الجهاد نقلة نوعية استلمها من الدكتور المؤسس فتحي الشقاقي، وسار بها مرتقيا إلى الأعلى متقدما إلى الأمام، ومرسخا الجذور في الأرض وترك بصمته عليها وترك لها موقعا مثيرا في الساحة الفلسطينية والعربية والإسلامية ثم سلمها إلى حبيبه الأستاذ زياد النخالة.
وأضاف مشعل في كلمته خلال الحفل: نفتقد الدكتور أبا عبد الله السياسي صاحب البوصلة الواضحة، صاحب الاستقامة السياسية.. نعم كان يدور الزوايا ولكن على منهج أصيل لا يبيع ولا يشتري لا يهادن، يبحث عن المخارج التي تخدم المصلحة الوطنية وفق رؤية سياسيه تنحاز إلى الشعب وإلى الحقوق والثوابت الوطنية".
وتابع بالقول: أبو عبد الله لم يشارك في انتخابات المجلس التشريعي وكان له موقف من ذلك ولكنه كان قريبا من المصلحة الوطنية وكان حريصا على الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام.
كان أبا عبد الله يملك القدرة على البحث عن فرص ومخارج ليقرب بين المتخاصمين أو المتباعدين، كانت بوصلته فلسطين والقدس وحق العودة، وبالتالي كانت الأجندة الوطنية حاضره في قلبه وفي عقله وفي سلوكه،
كان قريبا من الجميع ومحبوبا، وموضع ثقه، لقد كان صاحب الترمومتر والبوصلة الوطنية التي لا تحيد عن مصلحه الشعب والوطن".
وزاد مشعل: نفتقد في أبي عبد الله المثقف والقارئ والمتابع صاحب الجلسات العذبة حينما نتبادل شؤون الفكر والثقافة وجوانب السياسة ونمزجها بالأدب وبالشعر.. كل من جالس أبا عبد الله عرف فيه ذلك الفكر والعمق المؤصل الرزين.. ولعل عمقه الفكري والثقافي والقراءة الواسعة له كانت تؤصل لثقافته لموقفه لمبادئه وتحصنها، فهو يأخذ ويعطي في السياسة ولكن على أرضيه واضحة".
قائد متميز
وفي السياق، أكد الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة-، طلال ناجي، أن الأمين العام السابق لحركة الجهاد الإسلامي الدكتور رمضان شلح، كان قائداً متميزا بثقافته وعقلة وفكرة وتمسكه بالثوابت الوطنية الفلسطينية.
وقال ناجي، خلال حفل توزيع وسام الدكتور رمضان عبدالله شلح: عرفته منذ أن استشهد القائد الوطني الكبير لحركة الجهاد الإسلامي د. فتحي الشقاقي الذي رافقته في رحلته الأخيرة إلى ليبيا، ومنذ أن تولى قيادة حركة الجهاد الإسلامي، لمسنا عنده ثقافة واسعة وتمسكا بالثوابت الوطنية الفلسطينية وإدراكا لحقيقة الصراع بيننا وبين العدو".
وأضاف: كانت نظرة الدكتور رمضان عبد الله شلح للقضية الفلسطينية أنها قضية كل الشعب الفلسطيني، قضية كل الامة العربية، كل الأمة الإسلامية، بل قضية كل أحرار وشرفاء العالم..هكذا تعامل الدكتور شلح مع الصراع مع العدو الصهيوني وارتقى بحركة الجهاد الإسلامي برفقه أخيه العزيز الأصتاذ زياد النخالة".
وتابع ناجي بالقول: كنا دائما نلمس الحرص المشترك بين القائدين أبو عبد الله شلح وأبو طارق النخالة على مدى العقود الماضية لتطوير حركة الجهاد الإسلامي و تطوير المقاومة الفلسطينية ودعم فصائل المقاومة وفصائل العمل الوطني..وأستطيع القول إنه ينسب لهم الفضل في التطور الكبير الذي حدث لحركة الجهاد الإسلامي، حيث تحولت إلى رقم صعب في معادلة الصراع مع العدو الصهيوني".
وأوضح أن حركة الجهاد احتلت مكانا هاما في الساحة الفلسطينية، واليوم لديها المقاتلون في سرايا القدس التي أبلت بلاءً حسناً في كل المعارك السابقة خاصة في معركة سيف القدس التي كان لحركة الجهاد الإسلامي وسرايا القدس إلى جانب كتائب القسام الدور الأكبر فيها بإيلام العدو الصهيوني.
وأردف ناجي بالقول: الدكتور رمضان رحمه الله كان قائدا فلسطينيا مثقفاً بل كان الأكثر ثقافة، لقد نجح في أن يوفق بين كل تجارب حركات التحرر الوطني في العالم وكل حركات التحرر والشعوب المكافحة والمناضلة في العالم وأن يستفيد من هذه التجارب بإغناء حركه المقاومة الفلسطينية".
وقال: كنت أطمئن عندما أتحدث معه وأستمع إليه ولإدراكه حقيقة الصراع..لقد خسرناه في وقت نحن أحوج ما يكون إلى أمثال هذا القائد الكبير".
وفي نهاية الحفل كرمت حركة الجهاد الإسلامي عائلة الدكتور الراحل و منحت وسام الدكتور رمضان شلح لكتيبة جنين وطولكرم ونابلس والمرابطات والمرابطين في المسجد الأقصى ولأبطال نفق الحرية ولمراسلة الجزيرة الشهيدة شيرين أبو عاقلة، والشهيدة الصحفية غفران وراسنة.