البعض يردد مقولة: على المقاومة أن تحترم ضعفها وقلة إمكانياتها.
إن أحسنا الظن فيما يعنيه كل من يردد هذه المقولة، فهذا يعني عدم القبول والاستكفاء بالموجود، والعمل المستمر على تطوير قدرات المقاومة، هذا في حال حسن الظن طبعاً.
أما إذا كان يُقصد ب "احترام الضعف" يعني القبول بواقع فرضته إمكانيات الاحتلال المتطورة، فهذا لا يستقيم مع أدبيات وقِيم حركات التحرر التي انطلقت عبر التاريخ، لأن قدرات المحتل قطعاً تكون أكبر من قدرات وإمكانيات من يقاومها، وإلاّ لما استطاع أيُّ محتل أن يحتل الأرض، ولو أن حركات التحرر سلّمت بقبول هذا المبدأ لما حررت بلادها، وأيضاً من الطبيعي أن تكون الخسائر في صفوف حركات التحرر وشعوبها أكبر بكثير من خسائر المحتل كونه يمتلك السلاح المتطور، وبهذا القياس والمطلوب من هذه النقطة هو العمل المستمر للحفاظ على النفس البشرية والبحث عن الحد من الخسائر ما أمكن ذلك دونما التوقف عن مقارعة ومشاغلة المحتل.
جذوة النضال والقتال من المهم أن تبقى مستمرة ومتقدة لأنها لو انطفأت وهذا قطعاً ما يريده المحتل، فإنه لا يكون هناك قتال أو مقاومة للعدو، وإن اشتعالها لا يعني إطلاق النار إلى أن تقوم الساعة، لكن ممارسة المقاومة بكل أشكالها الكفاحية كفيل بأن يبقيها مشتعلة.
إن الطرح لعدم هدر دماء الناس وتعريضها للخطر مطلوب إذا كان مدخلاً للحد من الخسائر والدعوة إلى الحذر، لكنه يصبح طرحاً وجدانياً وغيرَ منطقي في حال كان يضع وقف مقاومة المحتل شرطاً ومدخلاً كي لا تقع الخسائر، بيد أن جميع الناس بما فيهم المقاتل وغير المقاتل هم في خطر دائم في وجود الاحتلال ولا يوجد شيءٌ بخير أو مستقر بفعل الاحتلال، وإن ممارسة المقاومة ضد الاحتلال قطعا ستعرض المقاومين وعائلاتهم وجميع الناس للخطر، فلا يوجد مقاومة دون مخاطر، بل مستحيل أن يتم خلق بيئة مقاوِمة خمس نجوم، حتى لو لم يتم ممارسة المقاومة فالجميع أيضاً سيقع في دائرة خطر أكبر.
إن كلفة استمرار مقاومة المحتل أقل بكثير من كلفة عدم مقاومته وهذا مثبت في تاريخ الدول التي تحررت من احتلالها، لذلك ترى المحتل دوما يسعى إلى تسويات مع من يقاومه للحد من مقاومته؛ لأنه يعلم خطورة استمرار المقاومة.