غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

الطفلة رهف سلمان.. صاروخ إسرائيلي بتر جميع أطرافها وخطف حلمها بالرسم

الطفلة المصابة رهف سلمان.jfif
شمس نيوز - مطر الزق

عندما تقع عيناك على رهف تذرف دمًا، فهي تمكث في المستشفى منذ أيام، فقدت أغلى ما تملك، بُترت يدها اليمنى، وبُترت قدماها، وأُصيبت يدها اليسرى، أما وجهها الملائكي فقد شوهته شظايا صاروخ إسرائيلي استهدفها ومجموعة من الأطفال، في معسكر جباليا شمال قطاع غزة.

رهف خليل سلمان (11 عامًا) تركض كالفراشة من بيتها الذي يبعُد نحو 15 مترًا عن مسجد عماد عقل، حيث والدها الذي كان يقرأ القرآن، ويستعد لصلاة العشاء، حاولت الوصول لوالدها؛ لكن الصاروخ الإسرائيلي وصل إليها قبل أن تجتاز المسافة المطلوبة منها، لتحول شظايا الصاروخ أطرافها إلى أشلاء متناثرة.

"يمًّا يا رهف قومي نادي أبوكي من المسجد (...)" طارت رهف مسرعة صوب المسجد، حملت رسالة والدتها التي أرادت أن تخبرها إلى والدها سرًا بأذنه بين الناس: "العشاء جاهز"؛ فتحولت طريقها من المسجد إلى المستشفى.

عقارب الساعة كانت تُشير إلى الثامنة والنصف مساءًا، كان والد رهف في المسجد عندما سمع صوت انفجار هز المكان، وقلب الأرض رأسًا على عقب، الدخان يتصاعد، والدماء تتناثر، وصرخات الاستغاثة تعلوا تدريجيًا إنها الفاجعة.

انتفض خليل من مجلسه، وهرول مسرعًا صوب المنزل؛ ليتفقد أبناءه الخمسة، هناك اثنان مفقودان: رهف ومحمد أين ذهبا؟، إنهما في الحارة "يا رب يكونوا بخير" نظر إلى مكان الانفجار، ليجد طفلًا صغيرًا ينزف، قلبه لم يتحمل المشهد، والدموع تتطاير من عينيه، هرول مسرعًا صوب الطفل، كانت دماؤه ساخنة، لا يستطيع الوقوف عن الأرض، نعم إنه محمد، أصيب في قدمه، حمله والده خليل وطار به إلى مستشفى الاندونيسي.

هناك في المستشفى استعاد خليل ذاكرته، فقد كان يبحث مكان الانفجار عن محمد ورهف، وجد طفله محمد؛ لكن أين رهف؟، منذ تلك اللحظة التي تذكر فيها طفلته ظل يصرخ فيمن حوله، أين رهف؟، أين رهف؟ أين ذهبت رهف؟، فقد الأب أعصابه، وسط ضجيج كبير في المكان، الناس هناك يركضون يمينًا ويسارًا، وصوت سيارات الإسعاف لا يتوقف، أما خليل فقد كان ينفر العرق من جسده، ويتكئ على حائط المستشفى، عيناه تجولان على أسرة المصابين عله يجد فلذة كبده، والأطفال من حوله ينزفون دماً.

شاهد خليل طفلة صغيرة على أحد الأسرة، يقول لـ"شمس نيوز": "لا يوجد ملامح لوجهها، فقد صُبغ بلون الدخان الأسود الناتج عن الانفجار، شعرها محروق ومنفوش، لا أقدام ولا يد لها، يقول في نفسه هذه ليست رهف، قد تكون في مكان ما؛ لكن أحدهم قال: "هذه رهف فقد أصيبت بشكل كبير جدًا".

لم يتمالك خليل نفسه؛ فقد انسكبت الدموع كالنهر الجارف من عينيه، ابنته الطفلة الملاك "رهف"، لم تعد قادرة على الوقوف على قدميها، ولم تعد تستطيع أن تكتب، أو تُمسك القلم، فقد انهار الوالد لهول المصيبة التي حلت عليه.

ساعات ثقيلة على القلب مرت، وخليل لم يصدق بعد أن ابنته فقدت قدميها، ويدها اليمنى؛ لكن الحدث المؤلم لم يتوقف هنا، فقد انتقل محمد إلى مستشفى الشفاء بغزة لإجراء بعض العمليات الجراحية في قدمه، لاستخراج شظايا الصاروخ الإسرائيلي.

تشتت العائلة فالأم بقيت عند الطفلة رهف في المستشفى الأندونيسي شمال القطاع، والأب انتقل مع طفله محمد إلى مجمع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة، أما أبناؤه الثلاثة يتنقلون بين محمد ورهف ومعاناتهم تزداد ساعة بعد ساعة.

في ليلة مؤلمة جدًا، استيقظت رهف، وقالت لوالدتها: "ماما هاتي القلم والدفتر بدي أرسم"، لم يكن أمام والدتها سوى البكاء، فالطفلة لا تستطيع أن تُمسك القلم في يدها اليسرى التي بقيت لها وحيدة تشاركها معاناة الحياة.

أكثر ما تطلبه عائلة رهف خليل سلمان من المسؤولين هو النظر لابنتهم بعين الرأفة، والسرعة في تركيب أطراف لها، تساعدها في الوقوف، وممارسة حياتها دون تدخل من أحد؛ لتستعيد من خلالها الثقة بنفسها، وتحقق رغبتها بأن تصبح واحدة من أفضل الرسامين، وأن تحقق حلمها بأن تصبح طبيبة تعالج المرضى والمصابين.