حكايات مؤلمة تزداد بين الحين والآخر، قد يكون من أهم أسبابها نزاعات قبلية وعصبية في مجتمعنا الفلسطيني، وخصوصاً في الآونة الأخيرة انتشرت هذه النزاعات وخلفت العديد من القتلى والجرحى.
ما زلنا نسمع ونرى مشاهد مؤلمة وأصوات مزعجة من سيارات الإسعاف والشرطة التي تلتقي مع بعضها البعض في دوران الإضاءات المخيفة، لنتفاجأ بعدها بوجودها لحدوث مشكلة بين الأهل أو الأصدقاء أو الجيران أو الأقارب ... وسط ضجيج الأصوات العالية والألفاظ النابية إضافة للضرب المبرح بآلات حادة أو إطلاق نار يسقط نتيجته الجريح أو القتيل هنا وهناك، ويخيم الصمت على المكان وسط صدمة تكسر قلوب الأطراف المتخاصمة في لحظة غضب تؤدي إلى تفكك وتهتك للنسيج المجتمعي، والذي يدفع ثمنه جميع الأطراف المتخاصمة من رجالٍ ونساءٍ وأطفالٍ وشيوخ،
حيث تعيش عائلة المغدور بين نارين (نار الفراق ونار الثأر) وتبعاته التي تدخلنا في عالم مظلم ومجهول..، وتعيش عائلة القاتل أيضاً في دوامة من القلق والخوف وحالة من الضياع، ناهيك عن ترحيلها من بيوتها الآمنة لتعيش حالة من التشرد والضياع والخوف من القادم ... في حينها يتدخل رجال القانون والعرف والعادة في محاولةٍ لرأب الصدع بين الأطراف المتخاصمة.
تقف الشرطة الفلسطينية حائلاً بين الأطراف المتخاصمة بسجن جميع من كانوا سبباً في حدوث النزاع، وذلك لرأب الصدع ومنع التصعيد كما يقف المخاتير ورجال الإصلاح والوجهاء من كافة العائلات العريقة محاولين تطبيق إجراءات العرف والعادة المجتمعية المتبعة في محاولة لحل قضية الدم،
ومن إجراءاتهم المتبعة/ محاولة أخذ وجه ثلاثة أيام وفي قضايا الدم قد تزداد المدة، في حينها تصدر عائلة القاتل بيان استنكار من خلاله يتم المطالبة بتنفيذ الشرع والفرع والقانون.
- ماهي أسباب انتشار فوضى السلاح وأبرز الحلول المقترحة في الشجارات العائلية؟
١. كثرة الأسلحة غير المشروعة وغير القانونية التي قد تكون مملوكة للأسف لبعض التنظيمات والفصائل أو تجار المخدرات والسلاح، لذلك أقترح أن يتم اتخاذ إجراءات قانونية حاسمة بحق هؤلاء لمنع سلاح الشر بكافة السبل والوسائل القانونية.
٢. ضعف وتأخير القوة الرادعة بحق القتلة في حال اعتراف القاتل بالقتل العمد، لذا أقترح أن يتم تعديل القوانين العقابية وتحديثها بما يتلاءم مع الوضع الفلسطيني. على أن يتم تنفيذ القصاص بحق القاتل مباشرة.
٤. زيادة الوعي والوقاية المسبقة في حل المشاكل العائلية الصغيرة التي تنمو مع سياسة الإهمال وعدم توفيق المخاتير ورجال الاصلاح في حلها وتركها للزمن فيتوقف الزمن و يفجر لنا مصيبة عائلية.
٥.زيادة الوعي الأمني بمحاربة الطابور الخامس من عملاء الاحتلال الصهيوني الذين يحترفون زراعة بذور الفتنة والفرقة بين أبناء شعبنا الفلسطيني.
٦. أن يقوم رجال الإصلاح بدور فاعل لصد من ينشرون الفتنة بين العائلات المتخاصمة منعاً لتعقيد الأمور وزيادة نار الفتنة والفجوة بين المتخاصمين.
٧. أن يكون دور فاعل لرجال الشرطة والإصلاح لمراقبة الأجهزة الخلوية لكافة برامج وسائل التواصل الاجتماعي لجميع أفراد الأطراف المتخاصمة.
- لماذا تحدث المشاكل العائلية؟
هناك العديد من الأسباب أهمها: ما هو متعلق بأن بعض العائلات ما زالت متمسكة بالعادات والأساليب القبلية القديمة، ومنها بسبب حدة الفقر المدقع الذي يلازم معظم البيوت الفلسطينية، ومنها بسبب عدم الوعي بالدين والإيمان بالله عز وجل.
إن ارتفاع وتيرة الشجارات والفلتان الأمني له أسباب متعددة، من أبرزها حالة اليأس التي وصل إليها شبابنا الفلسطيني، نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والتي تحول بعض الشباب لشياطين في الأرض.
بناءً على كل ما ذُكر أود أن أذكر كل من يسعى في إصلاح ذات البين أن يعمل بقول الله عز وجل حيث قال في محكم التنزيل بسم الله الرحمن الرحيم
(وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) صدق الله العظيم
وختاماً نلتمس من القضاء الفلسطيني ووزارة الداخلية والمخاتير ورجال الإصلاح والوجهاء وطبقة المثقفين والصحفيين والكتاب بالوقوف كلٍ عند مسؤوليته بما يرضي الله عز وجل وذلك للحد من المشاجرات العائلية ومعالجة تداعياتها حتى نضمن السلامة المجتمعية والأهلية في المجتمع الفلسطيني.